قصة الذئب والعنزة الصغرى من أروع القصص وأقيمها
على مدار السنوات الطوال المارة علينا كتب العديد من الأدباء والمؤلفون العديد والعديد من قصص الأطفال على لسان الحيوانات، وذلك لما لها من قيم ومنافع للصغار والكبار.
تأتي دوما قصص الحيوانات للعبرة والعظة، وبإمكان صغارنا التعلم منها بشكل أسرع من القصص العادية، حيث أن لها أثرها الطيب على النفس ودوما تلاقي منهم الاستحسان.
فهل توافقنا الرأي؟!
قصـــــة الذئب والعنزة الصغرى
بيوم من الأيام بينم كان الثلاثة عنزات الأخوات مجتمعات، وكن في سعادة بالغة وهناء…
قالت العنزة الكبرى لأختيها العنزتين الوسطى والصغرى: “لقد بات المنزل الذي نشأنا وتربينا به صغيراً علينا، وبات لا يسعنا بعدما كبرنا وسمعنا، ما رأيكما إذا أبدلناه بمنزل جديد كبير يليق بنا بعدما كبرنا؟!”
فأجابتا الأختان: “نعم يا عزيزتنا، لقد أصبتِ نعم القول قولكِ”.
قالت العنزة الكبرى: “حسنا، علينا أن نجمع أمتعتنا حيث أنها ستكون آخر أمسية لنا بهذا المنزل، ومن الصباح الباكر سننطلق ونبحث لنا عن منزل أنسب”.
وذهبت العنزات الثلاث للنوم، وباتت كل واحدة منهن تحلم بالمنزل الجديد، وبما سيكون عليه، وتضع لها خططاً وأحلاماً وآمالاً.
استيقظن في الصباح الباكر، وكل واحدة منهن حملت متاعها، وقمن بتوديع وتقبيل الأهل والأصدقاء؛ لقد سرن طويلا حتى وصلن إلى سهل واسع خصب ومريح للغاية، وما إن وصلن إليه حتى قالت العنزة الكبرى: “يجب علينا أن نتحرك على الفور، ونعمل بجد قبل أن يداهمنا الليل، على كل واحدة منا أن تختار المكان الأنسب لها، وتقوم ببناء بيتٍ لها”.
واصلت حديثها العنزة الكبرى بعدما نظرت عن كثب: “سأبني بيتي على هذا السهل بالقرب من ضفاف النهر”.
وعلى الفور بدأت في جمع الأغصان والخرق وبعض الأشياء الأخرى لبناء بيتها الجديد؛ أما عن العنزة الوسطى نظرت من حولها جيدا وقالت: “أما عني فسأبني بيتي على هذا المنحدر”، وشرعت في جمع غصون الأشجار السميكة وبعض الأشياء لتستخدمها في سقف البيت.
قالت العنزة الصغرى: “يا أختي لو أننا بنينا منزلاً واحدا رحباً يتسع لنا جميعا حصينا لكان خيرا لنا من أن تنفرد كل واحدة منا بعيدا عن أختها، وتبني منزلا خاصا بها”.
لم تعجب فكرتها أختيها وشرعتا تصرخان في وجهها، شعرت العنزة الصغرى بالإحباط وخيبة الأمل وبالندم الشديد لعرضها فكرتها على أختيها اللتين تكبرانها سناً؛ عادت للعمل والدموع تملأ عينيها، وانهمكت بجمع الأحجار الثقيلة بعدما اختارت مكاناً آمناً متواري عن الأعين.
وبعد قليل من الوقت كانت العنزة الكبرى قد أنهت بناء منزلها، وعلى الفور ذهبت متفاخرة لأختيها وخاصة العنزة الصغرى لتتباهى أمامها بإنجازها بالعمل، وعلى الرغم من كون العنزة الصغرى كانت لاتزال تعمل وتجمع الحجارة الثقيلة من أرجاء المكان من حولها، وكانت متعبة ومنهكة للغاية إلا أنها شعرت بالسعادة الغامرة من أجل إنجاز أختها الكبرى.
وبالمثل كانت الأخت العنزة الوسطى اقتربت من إنهاء تشييد منزلها، وكلاهما ذهبتا عند العنزة الصغرى وشرعتا في التنمر عليها…
العنزة الكبرى ضحكت وقالت: “ولم عليكِ كل هذا التعب، وإرهاق نفسكِ فالحجارة ثقيلة للغاية، سترهقين نفسكِ بلا جدوى”.
أما العنزة الوسطى فقالت مستهزئة: “يا لكِ من متخاذلة عن العمل، لقد أنجزنا البناء، وأنتِ لا تزالين تجمعين الحجارة الثقيلة، لم عليكِ فعل كل هذا؟!”
العنزة الصغرى بكل رضا: “أختاي إنني لا أريد إلا منزلا حصينا ومتينا ليكون آمنا، وسأفعل ذلك مهما تكلف مني وقتا وجهداً ووقتاً”.
وبالفعل استغرقت العنزة الصغرى الكثير من الوقت والجهد في بناء منزلها، وبينما كانت تعمل بجد كانتا أختاها تلهوان وتلعبان وتنعمان بحياة مليئة بالشغف على الرغم من أختهما الصغرى كانت تكون منهكة كل يوم على الدوام.
وبعد الكثير من العمل كانت ثمرته منزلا في غاية الروعة والجمال، والأهم والأجدر من ذلك أنه كان متينا للغاية بخلاف منزلي أختيها العنزتين الكبرى والوسطى.
وبالليلة التي أنهت فيها العنزة الصغرى العمل وبحلول الليل دخلت كل واحدة منهن منزلها لتنعم بالراحة بداخله، وتحت ضوء القمر ظهر الذئب الذي أراد أن يشرب من النهر، وعندما شرب من النهر وانتهى لاحظ وجود منزل العنزة الكبرى المبني على ضفاف النهر، فقال في نفسه: “إن هذا المنزل لم أره من قبل، إنه منزل جديد البناء، يا ترى من يسكن بداخله ومن صاحبه، لن أبرح مكاني حتى أجيب لنفسي عن كل تساؤلاتها”.
قضى الذئب طوال الليل متربصا لصاحب المنزل وفي انتظار خروجه، وفي الصباح الباكر استيقظت العنزة الكبرى وفتحت باب منزلها وخرجت لتأكل من الموج الخضراء الواسعة وتشرب من مياه النهر وتجري وتقفز في الحقول الغناء، جاءتها أختها الوسطى وانضمت إليهما العنزة الصغرى.
قضين اليوم بأكمله في سعادة وهناء وهن يمرحن بين الشجرة والأخرى يغنين ويرقصن، ولا يعكر صفوهن شيء، لم تكن العنزات قد فطن لمن يختبئ بين الغصون والأورق يترقبهن بنظرات ثاقبة، ويريد بهن الفتك والضرر.
وما إن خيم الظلام عادت العنزات الثلاث إلى منازلهن، وكن متعبات للغاية وبطونهن ممتلئة لذلك غصن في نوم عميق؛ جاء الثعلب للمنزل الأول والأقرب إليه، والذي كان على ضفاف النهر، طرق الباب حتى استيقظت العنزة الكبرى…
العنزة الكبرى: “من الطارق؟!”
الذئب: “إنني صديق قديم للعائلة، وقد قدمت من مكان بعيد لأطمئن عليكِ، افتحِ الباب”.
العنزة الكبرى بعدما نظرت من فتحة صغيرة بالباب وتأكدت من أنه الذئب العدو اللدود: “كلا، لن أفعل”.
الذئب: “إذاً لن تفتحي الباب؟!”
بكل ثقة وغرور: “لن أفتحه مطلقا”.
فدفع الباب بقدميه وإذا بالمنزل بأكمله ينهار، فقد كان منزلا هشا، انقض الذئب على العنزة الكبرى والتهمها ولم يبقي منها شيئا لا لحما ولا جلدا ولا حتى عظاما!
وبصباح اليوم التالي استيقظتا أختيها، وخرجتا لتناول العشب الندي وتناول المياه، ولكنهما لم تجدا أختهما الكبرى مهما بحثتا عنها، أصابهما القلق، ومر اليوم وذهبتا للنوم كل واحدة منهما بمنزلهما.
ومن جديد بمجرد عودة الليل بظلامه الحالك، جاء الذئب للمرة الثانية، وكانت العودة لمنزل العنزة الوسطى والذي كان أصلب شيئا يسيرا على منزل العنزة الكبرى، فاحتاج الذئب لبعض الحيلة لتفتح له العنزة الوسطى الباب وتسهل عليه مهمته…
طرق الباب قائلا: “افتحي لي الباب يا صديقتي عندي معلومات عن شقيقتكِ الكبرى”.
نظرت العنزة الوسطى بعدما استيقظت من نومها، وإذا بها تجد الذئب أمامها: “لن أفتح الباب لعدو مثلك”.
الذئب بصوت رقيق: “وكيف لا تفتحين الباب، وقد جئت من مسافة بعيدة للغاية لأطمئنكِ على أحوال شقيقتكِ الكبرى؟!”
العنزة الوسطى وقد بدا عليها الاهتمام، تريد أن تعرف أي معلومة عن شقيقتها، ففتحت الباب بخوف وقلق عندما أبى الذئب أن يخبرها أي شيء عنها إلا إذا فتحت الباب، وليتها لم تفعل!
انقض عليها الذئب وأكلها كاملة، ولم يترك منها إلا جلدها.
وفي صباح اليوم التالي استيقظت العنزة الصغرى، وأول ما فعلت بحثت عن شقيقتها الوسطى قبل الكبرى، ولم تجد إلا جلدها، أيقنت أن هناك أمرا ما أمسهما بسوء، حملت جلد شقيقتها وعادت على الفور لمنزلها المتين لتحتمي به.
وبالفعل جاءها الذئب بالنهار ولم ينتظر الليل، حاك عليها قصصا مثلما فعل مع شقيقتيها ولكنها لم تنخدع بمكائده مثلهما، أرادت أن تلهيه حتى تسنح لها الفرصة بالهرب من السهل الجديد وتعود لمنزلها القديم وسط أهلها وأصدقائها.
تسللت من خلف المنزل، وقامت بحفر حفرة كبيرة وقامت بتغطيتها بفروع للأشجار والأوراق ووضعت جلد شقيقتها الوسطى، صرخت وكأنها كانت تحاول الفرار منه وعلقت أقدامها، وعلى الفور انكشفت نواياه الخبيثة وانقض عليها ولكنه لم يكن يعلم أنه وقع في الفخ الذي نصبته العنزة الصغرى له.
وبينما زج بالحفرة حملت حالها والدموع في عينيها عائدة وسط أهلها، كانت تبكي أختيها بكاءً مريراً في كل وقت.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصة الذئب والخراف السبعة من قصص الأطفال الهادفة ذات قيمة مثلى
قصة الذئب والكلاب قصة جميلة من حكايات جدتي سعاد
قصة الذئب والكلاب من حواديت جدتي سعاد قصة هادفة للأطفال