ما أجمل قصص التراث العربي الأصيل ، فتلك القصص نتعلم منها الكثير والكثير من الحكايات والقصص المفيدة التي تفيدنا في حياتنا وتجعلنا نعيد التفكير في كل شيء واليوم اقدم لكم قصة بعبرة وعظة من كتاب ألف ليلة وليلة .
قصة الغلام
حكت شهرزاد إلى الملك شهريار قائلة بصوتها الجميل :
في قديم الزمان كان هناك رجلا قد أنعم الله عليه من خيراته فكان ذا مال و عبيد و املاك واسعة، وفي يوما ما توفي الرجل الي رحمة الله تعالي و ترك غلاما صغيرا يكون وريثا له. عندما كبر الغلام صار يسرف بسخاء علي الطعام والشراب و الهدايا الي نفذ مال أبيه، فأصبح يبيع في ممتلكاته و جواريه و عبيده الي ان أصابه الفقر و لم يعد يملك أي شيء فأصبح يعمل مع الفعالة.
ففي صباح يوما مشرق كان الصبي جالس بجوار الحائط ينتظر من يستأجره فرأي رجل حسن الوجه و حسن الثياب يبتسم له ثم اقترب منه و سلم عليه، فساءل الغلام: هل تعرفني يا عم؟، فرد الرجل: لم أعرفك يا ولدي من قبل و لكن أري اثار النعمة عليك، فقال الغلام: انها مشيئة الرب، فهل لك يا عم يا صبيح الوجه عملا من اجلي، فقال الرجل: يا ولدي أريدك في شيء يسير، فرد الغلام: ماهو يا عم، قال: عندي عشر شيوخ يعيشون في دار واحده و نحتاج من يقضي حاجتنا، و لك من الملابس و الطعام ما يكفيك، و سيصلك منا كل الخير و دراهم كثيرة، و لعل الله يرد عليك نعمتك بسببنا، فقال الغلام: أمرا و طاعة، قال الشيخ: عندي شرط و هو ان تكون حافظ اسرارنا و لا تخبرها لاحد و ان راءيتنا نبكي لا تسأل عن السبب .
المرأة الجميلة وقصة رجمها ج1 من كتاب الف ليلة وليلة
و سار الغلام خلف الشيخ الي ان وصلوا، و قبل دخول الدار دله الشيخ علي مكان الحمام فذهب و استحم و اذال القشف عن جسده و أمر الشيخ رجلا ان يئتيه بملابس حسنة، و مضي به الي منزلة عند جماعته، عند دخول الدار وجدها الغلام عالية البنيان واسعة الأركان بها مجالس متقابلة و قاعات، في كل قاعة يوجد فسقية من الماء عليها طيور تزقزق ألحان عذبة، و شبابيك تطل علي البستان، أدخله الشيخ الي أحد المجالس و كانت جدرانه من الرخام الملون ، و سقفه به نقوشات من ذهب، ووجد عشر شيوخ يجلسون في مقابل بعضهم ينحبون و يبكون، فتعجب الفتي من هذا المنظر و كاد أن يسءل الشيخ الذي احضره لكنه تذكر الشرط، أعطي الشيخ للفتى صندوقا به ثلاثون ألف دينار ثم قال: أسرف علينا و علي نفسك بالمعروف يا ولدي، و إياك أن تخون الامانة، فأجابه الفتي: سمعا و طاعة، مرت الايام و اليالي الي ان مات احد الشيوخ فغسله أصحابه و كفنوه ثم دفنوه خلف الدار، صار الموت يأخذ واحدا تلو الاخر الي ان تبقي الشيخ و الشاب، و في ليلة من ليالي الشتاء و قد اصاب الشيخ المرض، فذهب الشاب إليه و قال: يا عم لقد خدمتكم لاثني عشر عاما و ما كنت أقصر في ساعة واحدة فأرجوا ان تخبرني بسر بكاءكم المرير، قال الشيح: نعم يا ولدي لقد خدمتنا باخلاص كل هذه السنين و الي ان ذهب جميع الشيوخ الي الله عز وجل، و قد اقترب ميعادي.
عبد الله البري وعبد الله البحري والخباز من كتاب الف ليلة وليلة ج2 قصة بعبرة وعظة
و لكن يا ولدي لا استطيع اخبارك فلا لك بذلك من حاجة، و لا تحملني ما لا اطيق، و اني ادعوا الله أن لا يبتلي أحد بمثل بلوتي، فإن أردت ان لا يصيبك ما أصابنا لا تقترب من هذا الباب “و أشار بيده للاتجاه الذي يتواجد به الباب” و أن لم ترد فافعل عكس ذلك، و تزكر انك حين تفتحه ستندم في وقت لا ينفعك الندم بشيء. اشتد المرض علي الشيخ الي ان توفي، فغسله الشاب و كفنه و دفنه بجوار اصحابه، مرت الايام و كان كل ما يشغل تفكير الشاب هو شيء وأحد ما وراء الباب، و في يوم قرر ان يذهب ليرى اين يوجد فقعد يبحث عنه الي ان وجده… وجده باب ذي شكل لطيف قد عشش علبه العنكبوت و عليه أربع إقفال من الفولاذ، فذهب في اتجاهه و لكن اوقف مشيه حين تذكر كلام الشيخ، عادت فكرة فتح الباب تراود الشاب من جديد و في كل مرة كان يحاول أن يشغل نفسه بعمل شيء ما الي ان أتخذ قرار فتحه ..
ولكن ماذا كان يوجد خلف الباب يا ترى انتظروني في الجزء الثاني من قصة الغلام والباب .