قصة نجاح بعد معاناة “ماري كوري” عالمة الفيزياء والكيمياء الحاصلة على جائزتي نوبل
قصة نجاح بعد معاناة
إن العلماء هم أساس كل التقدم الذي نعيش فيه حاليا، هم من يقومون باكتشاف كل ما هو جديد بهدف خدمة البشرية وتسهيل كل الأمور الحياتية.
بالإضافة لذلك فإن العلماء يلعبون دورا هاما في تطوير العلم، لذا فهم حجر الأساس لنشر الوعي والمعرفة، وهم الوحيدين القادرين على القضاء على الجهل.
يلعب العلماء دور هام للغاية في تغيير حياتنا للأفضل، ويسعون دائما لتقديم كل ما هو جديد ومفيد للبشرية بأكملها.
قصــــة نجاح “ماري كوري”
“ماري سكوودوفسكا كوري” ولدت في وارسو (كانت وارسو حينذاك تابعة لفيستولا، وهذا تحديدا الاسم الذي كانت تسمى به بولندا تحت حكم الإمبراطورية الروسية) ببولندا بيوم السابع من نوفمبر لعام 1867 ميلاديا.
كانت “ماري كوري” الابنة الصغرى من بين خمسة أبناء للعائلة، وولدت لوالدين مدرسين، وكان تحديدا والدها مدرسا للرياضيات والفيزياء، وذلك كان له تأثيرا عظيما على تفوقها الدراسي فيما بعد.
كانت “ماري كوري” متفوقة دراسيا منذ بدايات عمرها، لقد كانت نابغة دونا عن زملائها بالمدرسة لما كانت تتميز به من ذكاء متقد؛ اختفت السعادة من هذه الأسرة بوفاة الوالدة الأم إثر مرضها بالسل.
وكانت “ماري كوري” من تفوق لتفوق ونجاح، فتوفقت بدراستها الثانوية، ورغبت بالتحاقها بالجامعة غير أن رغبتها قوبلت بالرفض حيث أنها كانت للذكور فقط!
لم تقف مكتوفتي الأيدي أمام أحلامها وطموحاتها، فالتحقت بجامعة سرية غير رسمية بوارسو والتي كان يطلق عليها حينها بالجامعة العائمة.
كانت “ماري” وشقيقتها “برونيا” تمتلكان شغفا كبيرا للغاية في تحصيل العلم وتلقيه، كانتا ترغبان بالسفر خارج البلاد وتحديدا لفرنسا لاستكمال دراستهما، ولكن الظروف المعيشية الصعبة وفقدهما للمال جعل كل واحدة منهما تعقد اتفاقا مع شقيقتها، وكان الاتفاق كالآتي، تسافر “برونيا” لفرنسا وتدرس الطب، في حين توقم “ماري” بالعمل وتوفير الأموال لها، وفور تخرج “برونيا” ترسل لماري وتدعمها بالمال بعد عملها لاستكمال دراستها مثلما فعلت.
عملت “ماري كوري” لمدة خمس سنوات جاهدة كمدرسة ومربية بالمنازل حتى تمكنت من السفر لباريس في عام 1891 ميلاديا، وأول ما وصلت لباريس التحقت لجامعة السوربون، انكبت على دراستها “ماري” على الرغم من كل الصعوبات التي واجهتها.
واصلت “ماري كوري” مثابرتها على الدراسة وفي عام 1893 ميلاديا حصلت على شهادة الماجيستير في علم الفيزياء، وبالعام التالي حصلت على شهادة الماجيستير في الرياضيات.
شرعت دراساتها العديدة وعمل الأبحاث عن الأنواع المختلفة من الفولاذ وخصائصه المغناطيسية، وبعد مرور عامين تزوجت من عالم الفيزياء الفرنسي “بيير كوري”.
وتزوجت “ماري كوري” بالفيزيائي الشهير عندما احتاجت لمختبر لتنجز أبحاثها حول الفولاذ، ساعدها بعض زملائها ودلوها على “بيير كوري”، وشكلا ثنائيا علميا مميزا، وتزوجا بيوم السادس والعشرين من يوليو لعام 1897 ميلاديا.
وبنفس العام الذي تزوجت به “ماري كوري” أنجبت ابنتها “آيرين”، أما عن ابنتهما الثانية “إيف” فقد أنجباها بنفس العام الذي حصلا فيه على جائزة نوبل في الفيزياء.
الإنجازات العلمية لماري كوري:
عملت “ماري كوري” مع زوجها بنفس المختبر على مشروعها الخاص، في حين زوجها أيضا كان يعمل على مشروعه؛ وكانت حينها معجبة بأبحاث عالم الفيزياء الفرنسي “هنري بيكريل”، والذي كانت أبحاثه بخصوص أن عنصر اليورانيوم تنبعث منه إشعاعات أضعف من تلك الإشعاعات المنبعثة من الأشعة السينية.
ومن شدة إعجابها بما قدمه العالم الفرنسي “هنري بيكريل” استكملت دراساته وقامت بعدة أبحاث على الأشعة المنبعثة من اليورانيوم؛ وكانت ثمار تجاربها أنها اكتشفت أن الأشعة المنبعثة تظل ثابتة بغض النظر عن شكل الذرة.
قامت بوضع فرضية والتي تنص على أن الأشعة تنبعث من البنية الذرية للعنصر نفسه وليس عند حدوث تفاعل مع الذرات.
وكانت هذه النظرية أساس تأسيس الفيزياء الذرية، كما أن “ماري كوري” قد أحدثت مصطلحا جديدا أطلقت عليه اسم (النشاط الإشعاعي)، وهذا يصف الظاهرة الإشعاع.
وكانت من مظاهر مساندة زوجها “بيير” لها ومدى حبه، فقد آثر ترك أبحاثه ومساعدة زوجته على أبحاثها بشأن النشاطات الإشعاعية، وفي عام 1898 ميلاديا قاما الزوجان باكتشاف عنصر مشع جديد أطلقا عليه اسم “البولونيوم” نسبة لبولندا موطن “ماري كوري” الأصلي والذي جاءت منه.
وقاما الزوجان باكتشاف مادة مشعة جديدة بخلاف البولونيوم وهي الراديوم عند دراستهما لكتلة مليئة بالمواد المشعة؛ وبعام 1903 ميلاديا حازت “ماري كوري” وزوجها على جائزة نوبل في الفيزياء على المجهودات التي قدماها والأبحاث الحثيثة التي عملا عليها سويا، وفوزها بجائزة نوبل أطلق لها عنان الشهرة الواسعة حيث أنها كانت أول امرأة تحصل على جائزة نوبل في العالم.
والأجمل من ذلك كله أن الزوجان قد أنفقا أموال جائزة نوبل على استكمال أبحاثهما ودراساتهما العلمية؛ وجاء عام 1906 ميلاديا عاما حزينا على “ماري كوري” حيث فقدت زوجها الحبيب في حادث مروع، وبعد وفاته عملت مكانه كبروفيسور بجامعة السوربون، وكانت أول امرأة تعمل بهذا المجال أيضا.
حققت “ماري كوري” انتصارا عظيما عندما حازت على جائزة نوبل في الكيمياء باكتشافها عنصري البولونيوم والراديوم، وبذلك تكون أول امرأة تحصل على جائزتي نوبل بكل العالم.
من أشهر أقوال “ماري كوري” المأثورة عنها:
- لا يوجد بالحياة شيء نخاف منه، بل هنالك ما نجهله، لذا علينا أن نفهم أكثر حتى يقل خوفنا.
- كن فضوليا تجاه الأشياء أكثر من فضولك تجاه الأشخاص.
- أدركت أن الطريق إلى التقدم ليس سريعا وليس سهلا أيضا.
- لا أرى ما تم إنجازه، بل أرى ما لم يتم إنجازه.
معلومات حول العالمة “ماري كوري”:
لم تكن “ماري كوري” على دراية تامة بمدى خطورة المواد الكيميائية المشعة، لذل كانت تتعامل معها بشكل مباشر.
دفعت عالمة الفيزياء والكيمياء “ماري كوري” ضريبة واسعة عندما انتشرت قصة علاقتها بتلميذ زوجها الراحل “بول لانجيفين”، كانت حينها يعرفها كل من بالعالم بسبب شهرتها الواسعة، وقد غطت الصحافة الفرنسية هذا الخبر وتناولته بشكل ناقد لاذع.
كانت “ماري كوري” تملتك قلبا رحيما وعطوفا ومساعدا للجميع، فعند اندلاع الحرب العالمية الأولى بذلت “ماري” مجهودا جبارا وكرست كل وقتها لمساعدة المتضررين من الحرب وضحاياها، فاستخدمت جهازاً متنقلاً للأشعة السينية لاكتشاف ومساعدة المصابين بالحرب، وهذا عمل على إنقاذ الآلاف من الأرواح بالحرب المندلعة.
أما عن ابنتها “آيرين بيير كوري” فقد سارت على خطى والديها العالمين الشهيرين أيضا، ونالت جائزة نوبل في الكيمياء مثلهما، وتشاركتها مع زوجها “فريدريك”.
هنالك الكثير من الجامعات ومراكز البحوث العلمية تحمل اسم ماري كوري بباريس حتى الآن مثل معهد كوري، وجامعة بيير وماري كوري.
وفاة “ماري كوري”:
طوال أيام حياتها العملية والعلمية كانت تعمل بشكل مباشر مع المواد والنظائر المشعة الخطيرة، والتي لم يكن من المعروف حينها مدى خطورة التماس مع هذه العناصر المشعة، غير أن “ماري كوري” كانت تحمل في جيبها على الدوام أنابيب اختبار تحوي عناصر مشعة كالراديوم، كما أنها كانت تقوم بوضع هذه الأنابيب في الدرج بمكتبها، علاوة على تعرضها للأشعة السينية أثناء مساعدتها في الحرب العالمية الأولى أيضا.
تعرضت “ماري كوري” لمرض فقر الدم اللاتنسجي والناتج عن تعرضها الزائد عن الحد للعناصر المشعة.
دفنت “ماري كوري” بجوار زوجها “بيير” في مقبرة سو، وبعام 1995 ميلاديا نقل رفاتهما إلى البانتيون بباريس حيث يوجد به رفات عظماء فرنسا تكريما لإنجازاتهما، وكانت “ماري كوري” هي المرأة الأولى والوحيدة حتى يومنا هذا من تم تكريمها بهذه الطريقة.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص نجاح واقعية pdf بعنوان النجاح قد يأتي بعد سن الخامسة والستين “ساندرز كنتاكي”! الجزء الأول
قصص نجاح واقعية pdf بعنوان النجاح قد يأتي بعد سن الخامسة والستين “ساندرز كنتاكي”! الجزء الثاني والأخير
قصص نجاح ملهمة “عمر عمار” قصة نجاح وصعود ليس لها مثيل
كلايد بيزلي قصة نجاح جديدة ومبهرة قصة محفزة للمحبطين لا تيأس أبدا