قصص الأنبياء قصة سيدنا يونس عليه السلام والدروس المستفادة منها
في الإسلام قصص الأنبياء في القرآن الكريم، والتي جاءت بأخبار الأمم السابقة والنبوات، فقد اشتمل قرآننا الكريم على كثير من وقائع الماضي وتتبع آثار كل قوم من الأقوام، وحكى عنهم صورا ناطقة لما كانوا عليه، ولقصص القرآن الكريم أثر ووقع على القلوب ومدى إصلاحها.
إن في قصص الماضيين عبرة للإنسان، والقصة في حد ذاتها لها أثر قوي فعال على النفس، والقرآن الكريم نزل للتأثير على النفوس، وما من شيء أشد أثرا على النفس من أسلوب القصة، ولذا يكون الاعتماد على إيراد وتوصيل الموعظة بنحو القصة.
قصص الأنبياء قصة سيدنا يونس عليه السلام:
إن سيدنا “يونس” عليه السلام حفيد لأحد أشقاء نبي الله “يوسف” عليه السلام، وقد بعثه الله سبحانه وتعالى إلى نينوى بالعراق حيث كان الشرك قد انتشر في القوم هناك وعبادة الأوثان، فبعث الله سبحانه وتعالى إليهم بنبيه “يونس” عليه السلام ليهديهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له سبحانه، ولكنهم كما جرت العادة كذبوا برسالة نبيهم وكفروا وأصروا على عبادة الأصنام التي عهدوا عليها آبائهم وأجدادهم، وكان من بين هذه الأصنام والأوثان صنم يسمى عشتار.
قوم سيدنا “يونس” عليه السلام وتكذبيهم لرسالته:
لقد استمرت دعوة سيدنا “يونس” عليه السلام لقومه ثلاثا وثلاثين عاما، وطيلة هذه السنوات الطوال لم يؤمن معه إلا رجلين اثنين، أحس سيدنا “يونس” عليه السلام باليأس والإحباط من قومه وأنه لن يؤمنوا به وبرسالته فخرج من بلدتهم وتركهم ورائه.
لقد خرج سيدنا “يونس” عليه السلام وترك قومه ظنا منه بأنه الله سبحانه وتعالى لن يؤاخذه بفعلته حيث أنه عليه السلام قدم كل ما عليه في سبيل دعوة وقومه وتوصيل رسالة ربه إليهم ولكنهم لم يستجيبوا له، وما إن خرج منهم نبيهم “يونس” عليه السلام حتى شرعت بوادر العذاب الذي توعدهم به في الظهور، فهلت عليهم السحب السوداء وغشيهم دخانها، فأيقنوا جميعا بأن عذاب الله الذي توعدهم به نبيهم “يونس” قادم لا محالة، فوجلوا من الأمر وخشوا العذاب فصاروا يبحثون عنه في كل مكان ليهديهم سبل التوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، ولكنه دون جدوى فلم يجدوه.
لم ييأسوا فجاءوا بشيخ كبير كان قد آمن بما جاء به “يونس” عليه السلام، سألوه عما يجب عليهم فعله فدلهم على طريق التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، فجعلوا على رؤوسهم الرماد ولبسوا المسوح تواضعا لخالقهم سبحانه وتعالى، وأقبلوا عليه في مشهد مهيب متضرعين إلى الله سبحانه وتعالى راجيين أن يتوب عليهم ويصرف عنهم العذاب، فتاب الله سبحانه وتعالى عليهم بعد كل الكفر الذي كانوا فيه والعناد، ولم يكن شاهدا نبي الله “يونس” عليه السلام ما حدث من قومه.
ترك سيدنا يونس عليه السلام لقومه:
عندما ترك سيدنا “يونس” عليه السلام قومه بنينوى أقبل على قوم وركب معهم السفينة، وعندما كانت بهم بعرض البحر اهتزت السفينة وتمايلت بهم وحدث بها اضطراب عظيم لدرجة أنهم ظنوا أن جميعهم هالكين لا محالة، اضطروا لحتف كل الأشياء التي كانت معهم على السفينة ليتفادوا غرقها بهم، وعندما انتهت أحمالهم وأوزارهم على السفينة اضطروا لإلقاء شخص منهم بالبحر تخفيفا لحمل السفينة، فلجأوا للقرعة على من يلقي بنفسه بالبحر لينجو الآخرين، وكان السهم من نصيب نبي الله “يونس” عليه السلام، كان القوم بالسفينة قد التمسوا فيه الخير ولم يرضوا بأن يلقي بنفسه بالبحر، فأعادوا القرعة ثلاثة مرات، وكانت بكل مرة يأتي السهم من حظ نبي الله “يونس” عليه السلام.
فما كان من نبي الله “يونس” عليه السلام إلا أن ألقى بنفسه بالبحر موقنا بأن الله سبحانه وتعالى سينجيه من الغرق؛ وبالفعل أرسل الله سبحانه وتعالى إليه بحوت فالتقمه، وعندما بات سيدنا “يونس” عليه السلام ببطن الحوت ظن بأنه مات، ولكنه قام بتحريك يديه وساقيه فتحركوا جميعا فشكر الله سبحانه وتعالى بأنه حفظه ولم يصبه أي سوء، ومكث ببطن الحوت ثلاثة أيام، سمع خلالها أصوات غريبة لم يفهمها، فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه بأن الأصوات الغريبة التي سمعها ولم يفهمها إنما هي تسبيح مخلوقات البحر، فبات سيدنا “يونس” عليه السلام يسبح الله سبحانه وتعالى قائلا: “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”؛ أمر الله سبحانه وتعالى الحوت بأن يقذف بسيدنا “يونس” عليه السلام باليابسة، وأنبت الله سبحانه وتعالى عليه شجرة يقطين يستظل بها ويأكل من ثمرها حتى نجا.
قال تعالى في كتابه العزيز في سورة الصافات: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ، فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ، ۞ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ، وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ، وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ).
عاد سيدنا “يونس” عليه السلام إلى قومه فوجدهم مؤمنين بالله سبحانه وتعالى موحدين، فمكث معهم حينا من الدهر وكانوا حينها على حال الصلاح، وعندما عادوا لضلالهم القديم وكفرهم من جديد نزل فيهم عذاب الله بما قدمت أيديهم، فباتوا عبرة لمن خلفهم.
الدروس المستفادة من قصة سيدنا “يونس” عليه السلام:
أولا: ترك الاستعجال والغضب وملازمة الاستغفار والتسبيح.
ثانيا: الصبر دوما مفتاح الفرج.
ثالثا: التمسك بصيغة التسبيح الواردة بقصة نبي الله “يونس” عليه السلام، فهي جامعة شاملة للتوحيد والتسبيح والاعتراف بفضل الله علينا سبحانه وتعالى.
واقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص الأنبياء في رمضان قصة نبي الله إدريس عليه السلام أول من خط بالقلم
وأيضا… بحث عن قصص الأنبياء بعنوان سيدنا “محمد” والخروج بالدعوة خارج مكة