قصص الأنبياء والرُّسل ومعجزاتهم مكتوبة بعنوان رحلة الإسراء والمعراج
لقد أيَّد الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلَّى الله عليه وسلم بالمعجزات الخالدة، فكانت أولى هذه المعجزات الخالدة هي القرآن الكريم الكتاب العزيز المحفوظ من قبل الله سبحانه وتعالى الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، الكتاب الذي تحدى الله سبحانه وتعالى جميع الكافرين والمشركين بأن يأتوا بمثله أو حتى بسورة من مثله وفي النهاية كان التحدي بآية من مثله وفشلوا فشلا ذريعا في ذلك على الرغم من قدرتهم وتمكنهم من اللغة العربية وإتقانهم البليغ فيها؛ فالقرآن الكريم معجزة الله لنبيه محمدا صلَّى الله عليه وسلم خالدة إلى يوم الدين من جنس ما برع فيه العرب (اللغة العربية).
وأيَّد الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلَّى الله عليه وسلم بمعجزات أخرى مثل معجزة رحلة الإسراء والمعراج والتي نتناولها اليوم لتكون لنا عبرة وموعظة على قدرة الله سبحانه وتعالى وصدق نبيه الكريم صلوات ربي تعالى عليه.
رحلة الإسراء والمعراج:
عندما حوصر سيدنا “محمد” صلَّى الله عليه وسلم وأصحابه في شعب أبي طالب من قبل قريش لمدة ثلاثة أعوام، وبعدها نقضت الصحيفة فخرج رسول الله وأصحابه ومن آمن معه من الشعب، وكان ذلك حينها نصرا للمؤمنين، وعلى الرغم من الفرحة بهذا النصر إلا إنه كان هناك حادثتين شديدتين على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم؛ فقد مرض عمه “أبو طالب” ولم يلبث في مرضه ومات، وكانت وفاته في شهر رجب سنة عشر من نبوة رسول الله، وذلك بعد الخروج من الشعب بستة شهور وحسب، وبعد وفاة “أبي طالب” توفيت أم المؤمنين السيدة “خديجة بنت خويلد” رضي الله عنها وأرضاها، وكان ذلك في شهر رمضان لنفس العام، لذا سمي بعام الحزن.
ومن أجمل قصص الأنبياء التعليمية التي يمكننا الاستفادة منها: قصص الأنبياء للأطفال
رحلة الإسراء:
أراد الله سبحانه وتعالى أن يواسي نبيه في فراق أقرب الناس إلى قلبه وأكثرهم محبة إليه، فكانت رحلة الإسراء وهي رحلة من البيت الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس؛ ففي لية عندما آوى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إلى فراشه بعدما أسدل الظلام على مكة وهدأت جميع شعابها، وبينما كان نائما صلَّى الله عليه وسلم كعادته بمنزله بين النائم واليقظان، إذا بسقف منزله ينفتح من فوقه، وإذا بسيدنا “جبريل” عليه السلام جاءه مرسلا من رب العالمين، وقد كان في وقت غير الذي كان معتادا عليه في النزول.
نزل سيدنا “جبريل” عليه السلام على سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فشق صدره من نحره إلى أسفل بطنه واستخرج قلب رسول الله من جوفه، وغسل القلب في إناء مملوء بماء زمزم، ومن ثم أتى بطستٍ من ذهب مملوء بالحكمة والإيمان وأفرغه بكامله بصدر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، وأغلق صدره الشريف عليه الصلاة والسلام وأعاده كما كان، ثم جيء بالبراق (والبراق هو دابة بيضاء اللون، طويل أكثر من الحمار وأقل من البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه).
تعجب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من البراق وهيئته، وعندما اقترب منه رسول الله حاول البراق الفرار منه، فقال سيدنا “جبريل” عليه السلام: “ألا تستحي يا براق؟!، فو الله ما ركبك عبد أكرم منه”، فهدأ البراق وسكن ليركبه رسول الله صلَّ الله عليه وسلم وسيدنا “جبريل” عليه السلام معه.
انطلق البراق يقطع السهول والجبال في جوف الليل بالرحلة المباركة من المسجد الحرام بمكة المكرمة حتى وصل بهما للمسجد الأقصى ببيت المقدس.
وعندما وصل بهما البراق للمسجد الأقصى ببيت المقدس، نزل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من على البراق ومه سيدنا “جبريل” عليه السلام، وربط رسول الله البراق في حلقة كان يربط بها الأنبياء رحالهم، وهذه الحلقة الآن في حائط البراق كما تسمى الآن، وصلى رسولنا الكريم بالأنبياء أجمعين ركعتين بالمسجد الأقصى.
وهذا إشارة عظيمة لمدى قدسية هذا المكان ومدى ارتباطه بالإسلام والمسلمين، وأن للمسجد الأقصى صلة عظيمة بالمسجد الحرام بمكة المكرمة والذي رحل منه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
ولما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى ومعه سيدنا “جبريل” عليه السلام، أتاه سيدنا “جبريل” عليه السلام بإناءين إناء مملوء بخمر والآخر مملوء بلبن، وسأل سيدنا “جبريل” عليه السلام رسولنا صلّى الله عليه وسلم أن يختار أحدهما، فاختار صلَّى الله عليه وسلم إناء اللبن وشرب منه، فقال له سيدنا “جبريل” عليه السلام: “لقد اخترت الفطرة”، وهنا تمت رحلة الإسراء في ليلة واحدة وكانت من المسجد الحرام بمكة المكرمة لزيارة المسجد الأقصى ببيت المقدس، وهي رحلة مباركة وكانت تمهيدا لرحلة أعظم منها وزيارة أكرم، وهي رحلة المعراج من الأرض إلى السماء لزيارة رب العزة سبحانه وتعالى.
قال الله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء تخليدا لذكرى رحلة الإسراء والمعراج في كتابه العزيز، فهذه معجزة خارقة كرم الله بها نبيه محمدا صلَّى الله عليه وسلم، وجاء تخليد ذكراها للناس كافة على مر الأزمان والعصور فقال تعالى: (سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ).
رحلة الإسراء برسولنا الكريم من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس بها دلالة واضحة وضوح الشمس منتصف النهار على مدى أهمية هذه البقعة المباركة من الأرض، فهي أرض النبوات وأولى القبلتين ومسرى رسولنا الكريم، كما أن منها عرج بسيدنا محمد إلى السماء.
وللمزيد من قضض الأنبياء لتعليم وتنشئة أبنائنا من خلال: قصص الأنبياء للأطفال
وفي ظل الأحداث العصيبة الجارية لا يمكننا أن نغفل عن تعليم أبنائنا عن المسجد الأقصى وعن مكانته: سر ابتسامة فادي أمام المسجد الأقصى قصة هادفة للأطفال