من قصص الأنبياء يأجوج ومأجوج، اختلفت الآراء حول تسميتهم بهذا الاسم، ومن ضمن الأقاويل في هذا الشأن بأنهما اسمان عربيان واختلفا أيضا في اشتقاقهما فقد ذكر :
- أنهما اشتقا من أجيج النار أي شدة التهابها.
- أنهما اشتقا من الأجاج وتعني الماء شديد الملوحة.
- أنهما اشتقا من الأجة بتشديدها وتعني الاختلاط الشديد.
- أنهما اشتقا من الأج ويعني السرعة الشديدة بالعدو.
قصة يأجوج ومأجوج
قال تعالى: ” حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا، قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا، قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا، آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا، فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا، قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا، ۞ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ۖ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا”.
تبين الآيات الكريمة طبيعة يأجوج مأجوج أنهم كانوا أهل شر وفساد بالأرض وأصحاب قوة عاتية وبطش شديد لا يقوى عليهم أحد، ولا يستطيع أحد صد بطشهم على العباد وفسادهم بكل ما حولهم؛ وعندما قدم “ذو القرنين” إلى تلك البلاد اشتكى أهلها إليه من أمر يأجوج ومأجوج فلبى لهم النداء وطلب منهم أن يعاونوه بجلب الحديد والنحاس المذاب فقام ببناء سد منيع بينهم وبين يأجوج ومأجوج فقد منعوا بهذا الردم وباتوا تحت الأرض إلى يوم معلوم لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خروج يأجوج ومأجوج من السد المنيع الذي حصرهم بداخله “ذو القرنين” يكون بآخر الزمان قرب قيام الساعة، وقد أوضح الله سبحانه وتعالى كثرة أعدادهم وسرعتهم أثناء خروجهم ومدى ضررهم بكل ما حولهم، فقال تعالى: “حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ”.
وصف يأجوج ومأجوج شكليا:
عن خالد بن عبد الله بن حرملة عن خالته قالت: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه من لدغة عقرب فقال: ” إنكم تقولون لا عدو! وإنكم لن تزالوا تقاتلون حتى يأتي يأجوج ومأجوج: عراض الوجوه, صغار العيون, صهب الشغاف, ومن كل حدب ينسلون. كأن وجوههم المجان المطرقة “؛ ويتبين من وصف رسول الله صلى الله وسلم لهم بأنهم عراض الوجوه وشبه وجوههم بالمجان المطرقة فالمجن هو الترس المستدير والمطرقة الغليظة كناية عن أنها مليئة باللحم، أما معنى صهب الشغاف فشعورهم سوداء بحمرة، ومن كل حدب ينسلون أي يخرجون من كل فج بسرعة بالغة لا يذرون لا أخضرا ولا يابسا.
وصف كثرة يأجوج ومأجوج:
لقد جاءت أحاديث كثيرة عن سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام تبين وصف كثرة يأجوج ومأجوج:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا آدم، يقول: لبيك ربنا وسعديك، فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار، قال: يارب وما بعث النار؟ قال: من كل ألف – أراه قال – تسعمائة وتسعة وتسعين، فحينئذ تضع الحامل حملها، ويشيب الوليد، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد “. فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد، ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود، وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة “. فكبرنا، ثم قال: ” ثلث أهل الجنة “. فكبرنا، ثم قال: ” شطر أهل الجنة “. فكبرنا.
- وقال صلى الله عليه وسلم: ” سيوقد المسلمون من قسي يأجوج ومأجوج ونشابهم وأترستهم سبع سنين”.
- وقال عليه الصلاة والسلام: إن يأجوج ومأجوج أقل ما يترك أحدهم لصلبه ألفا من الذرية”.
وبذلك أوضح رسولنا عليه أفضل الصلوات والسلام أن يأجوج ومأجوج كثيرون بدرجة تفوق الخيال.
وأخيرا ما جاء في ذكر كيفية خروجهم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا: “إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَخْرِقُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجَعُوا فَسَتَحْفُرُونَهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللَّهُ كَأَشَدَّ مَا كَانَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ حَفَرُوا، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفُرُونَهُ غَدًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَيَغْدُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَخْرِقُونَهُ، فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ فَيُنَشِّفُونَ الْمِيَاهَ، وَيَتَحَصَّنَ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ، فَيَرْمُونَ سِهَامَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ وَفِيهَا كَهَيْئَةِ الدِّمَاءِ، فَيَقُولُونَ: قَهَرْنَا أَهْلَ الْأَرْضِ، وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ! فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا”.