إن سورة البقرة لهي أول سورة نزلت بالمدينة المنورة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها، وهي أطول سورة بالقرآن الكريم كاملا فعدد آياتها مائتي وستة وثمانون آية، أما عن ترتيبها بالكتاب المبين فهي أول سورة بعد الفاتحة، نزلت سورة الفاتحة بالمدينة المنورة مع بداية تأسيس الأمة الإسلامية وتشريع كل أمورها الدينية والدنيوية.
فضل قراءة سورة البقرة:
إن لسورة البقرة فضل عظيم وثواب أعظم عند قراءتها استنادا إلى الأحاديث النبوية الصحيحة التي وردت ومنها:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا: ” لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة” كما جاء في صحيح مسلم.
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما. اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة السحرة” رواه مسلم.
- كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن لكل شيء سناما وإن سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلاً لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليالٍ”جاء في صحيح الحاكم والألباني حسنه.
- جاء عن أبي مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه” رواه البخاري.
- كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت” رواه النسائي وصححه الألباني.
وهناك الكثير والكثير من الأحاديث التي ذكر فيها فضل سورة البقرة.
من قصص سورة البقرة:
لقد ذكر بسورة البقرة أنه بزمن بني إسرائيل قد وقعت جريمة قتل والقاتل كان مجهولا، واتسعت دائرة الاتهامات والشكوك، فأصبح كل واحد منهم يتهم الآخر إلى أن ضاقت بهم السبل وضاقت عليهم الأرض بما رحبت فرفعوا شكواهم إلى نبي الله “موسى” عليه السلام (كليم الله) حتى يجد لهم حلا يزيح عنهم المصيبة التي وقعت بهم وحلت عليهم؛ فلجأ القوم إلى نبي الله موسى حتى يحكم بينهم بما يجده ويبين لهم القاتل ويفضح أمره.
تحايل بني إسرائيل:
أراد الله سبحانه وتعالى أن يعلم بني إسرائيل درسا قاسيا في قدرته على الإحياء والبعث فأمر سينا موسى بأن يخبرهم بأن يذبحوا بقرة، في بادئ الأمر استنكر ذلك الطلب بنو إسرائيل على سيدنا “موسى” فقالوا له: “أتتخذنا هزوا؟!”، ولكن سيدنا “موسى” عليه السلام إنما بلغ ما أمره به ربه، وحينما علموا وأيقنوا أن موسى لم يكن يستهزئ بهم ويسخر طلبوا منه علامات البقرة المقصودة فبين الله لهم علاماتها، وفي كل مرة كانوا يشددون على أنفسهم علاماتها فشددها الله لهم أيضا، لدرجة أنهم سألوا عن لونها وشكلها وعمرها وحتى عن عملها، وبكل مرة كان موسى يبلغ لهم عن ربه كل ما يسألون عنه، فكانت بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين، وعمرها ليست بالصغيرة ولا الكبيرة، وعملها كانت لا تحرث الأرض ولا تسقي الزرع؛ فذبحوها وما كادوا يفعلون كما بين لنا الله سبحانه وتعالى بسورة البقرة.
قدرة الله سبحانه وتعالى على إحياء الموتى:
أخبرهم سيدنا “موسى” بأن يضربوا القتيل بجزء من البقرة المذبوحة، وما أن فعلوا ما أخبرهم به سيدنا “موسى” حتى دبت الروح والحياة في القتيل من جديد، فأخبر عن قاتله ومن بعدها فارق الحياة من جديد، وبذلك أوضح الله سبحانه وتعالى قدرته على الإحياء والبعث بصورة مادية ملموسة حتى يؤمن بنو إسرائيل، ولكن هيهات لهم فقلوبهم قاسية كالحجارة أو أشد منها قسوة.
قصة القتيل:
يُحكى أنه هذا الرجل كان من أغنياء القوم وكانت لديه ابنة في غاية الحسن والجمال، وكان له ابن أخ يتعجل موته بأقرب وقت ممكن حتى يرث كل أمواله الطائلة ويتمكن من الزواج من ابنته الجميلة، وفي يوم من الأيام تمكن من تنفيذ خطته الشريرة فقتل عمه وصار يطالب بالقصاص والثأر لموته؛ مما أثار ضجة كبيرة واتهم الكثيرين في موته، ولكن ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.