كل شخص بالحياة يجب عليه أن يواجه مخاوفه ليتغلب عليها، ولكن ليس من السليم والعقلانية أن تواجه المجهول، ليس من الحكمة أن تقف أمام شيء لا تعلم عنه شيئا شيء تجهله كليا، بمثل هذه الحالة إنك تعرض نفسك لمصير محتوم من الهلاك، كثير منا لا يؤمن بقصص الجن ولكنها ليست من الضروري أن تكون قصص غير حقيقية ومصطنعة لأنك فقط لا تؤمن بها..
لعنة الأساطير:
إنها قصة حقيقية رويت على لسان من عاش أحداثها لحظة بلحظة، لقد عرض “خالد” حياته لخطر داهم وحياة أعز إنسانة أحبها على الأرض بسبب دخوله بيوم من الأيام إلى جبل مسكون.
أحداث القصة:
( القصة مروية على لسان صاحبها)…
أنا “خالد” طالب جامعي بأوائل العشرينات من عمري، أعيش مع عمي وأسرته بمنزل فره بعدما فقدت أسرتي “والدي ووالدتي” بحادث سيارة أليم أودى بحياتهما على الفور، حياتي كلها تختصر في “ريم” حبيبة قلبي الفتاة الجميلة التي أحببتها منذ أن كنا صغارا، فافتضح أمري أمام والدي الحنون رحمه الله فطلب يدها لي من أبيها جارنا ووعدني بالزواج منها بمجرد إنهائي لدراستي الجامعية، أعاني من مشاكلي الدائمة مع عمي وزوجته وأبنائه كبارا وصغارا، لا أعلم حقيقة سبب كرههم لي فمنذ أن كنت صغيرا ولا يكنون لي إلا مشاعر الكره الشديد، لم أترك أبي لي مالا ولا ميراث، كل ما تركه لي منزلنا القديم الذي قمت بتأجيره حتى أتمكن من دفع رسوم الجامعة وغيرها وبالكاد يكفيني لذلك فأنا مضطر للمكوث في بيت عمي نظرا للمصاريف الباهظة ولأتمم حلم أبي بأن أصبح مهندسا كما تمنى.
الجانب الآخر من شخصية بطل القصة:
بعد وفاة والدي أصبحت منعزلا عن كل البشر لا تظهر شخصيتي الحقيقية إلا عند “ريم” وأهلها أما في جامعتي فكل ما يشغلني تحصيل العلم والمذاكرة بكل عزيمتي حتى أتفوق وأحصل على مكانة مرموقة بالمجتمع، وبمنزل عمي بالكاد يشعرون بوجودي معهم وعلى الرغم من ذلك فدائما ما يبرحني عمي ضربا بسبب ومن غير سبب حتى أن جسدي بأكمله حاملا لعلامات الضرب المميتة يا إما لطلاسم مرسومة عليه بشكل مجهول بالنسبة لي كليا؛ هذا جانب شخصيتي الآخر الذي لا يعلمه إلا أصدقائي المقربون، لقد كنت شغوفا بالعالم السفلي عالم الجن والشياطين منذ صغري، دائما في أوقات فراغي وفي الإجازات أشتري تلك النوعية من الكتب وأقرأ فيها وأبحث عن كل كبيرة وصغيرة فيها على الدوام.
دق جرس هاتفي وإذا بها “ريم” تطلب مني أن أقابلها لأنها اشتاقت لي، فلم أذهب إليها من أسبوع مضى، فهممت إلى مقابلتها بالاستئذان من عمي الذي انهال علي ضربا كعادته لمجرد أني طلبت الذهاب لرؤية خطيبتي، لم أدري بنفسي إلا وأنا آخذ هاتفي وأنزل إلى الشارع ذاهبا إلى “ريم”.
أطلال من الماضي الجميل:
ببداية وصولي إلى شارعنا وأول ما وقعت عيناي على منزلنا القديم، عادت إلي أجمل ذكريات عمري التي انتهت بمجرد موت والداي ولم يتبق منها أثر إلا “ريم” وأسرتها، “ريم” الشيء الوحيد الذي يهون علي مرارة الأيام وسوادها الكاحل كما أن أسرتها بأكملها دائما ما تستقبلني بكل حب.
مقابلة مع حبيبة قلبه:
أول ما وصلت إلى منزل “ريم” طرقت الباب ففتح لي أخ “ريم” الصغير “محمد” ورحب بي، وأدخلني حجرة الضيوف واستدعى بقية الأسرة أباه ووالدته وبالطبع “ريم”، وبعد لحظات غادر الجميع وبقينا أنا وهي واستكملت حديثنا قائلا: “يا ريم أريد أن أخبركِ بأمر ضروري، كما تعلمين يا “ريم” أن بعد وفاة والدي كنت منقلبا على وجهي لا أدري ما الذي أفعله، وبيوم من الأيام قرر أصدقائي “سالم، تركي وزياد” أن يخرجوني من حالتي النفسية السيئة بفعل شيء أحبه جدا، فقرروا الذهاب إلى جبل مهجور وتدور حوله إشاعات كثيرة بأنه ملئ بالجن، وبالفعل ذهبنا سويا رغبة في أن أتناسى موت والدي وجبروت عمي الظالم”.
ندم العمر:
ببداية دخولنا إلى الجبل كانت هناك الكثير من أصوات البكاء والنحيب، أصوات لأطفال صغيرة تصرخ؛ كل ما أتذكره أننا تفرقنا فأصبحت أنا وسالم نبحث عن طريق للخروج من ذلك المكان الملعون، ومن جانب آخر لا نعلم شيئا عن “تركي وزياد” الذين سارا معا للبحث أيضا عن طريق للخروج؛ فوجد “سالم” ممر فجذبني إليه وسرنا فيه ظنا منا بأنه المخرج الذي سينجيننا من مصير مأهول ولكن كل ما كان ينتظرنا في ذلك الممر الموت المحتوم، ويا ليته موتا فحسب بل إنه موت بالبطيء؛ رأينا في نهاية الممر شخصا عجيب الشكل إنه ليس من عالم البشر في شيء فالدماء تغطي جسده بالكامل، إنها دماء ليست باللون الأحمر إنها بلون يميل إلى اللون الأسود المخيف وتميزها لزوجة غريبة، كان المنظر بأكمله في غاية البشاعة لدرجة أنه اقشعر بدني منه بأكمله، نظرت حينها إلى صديقي “سالم” فوجدته خر على الأرض مغشيا عليه وتركني بمفردي أواجه مصيري مع ذلك البشع، بدأ يتقدم إلي شيئا فشيئا وتتعالى ضحكاته ويتمتم بكلمات غير مفهومة بالنسبة لي، كانت له أنياب تدل على شراسته كأنه سيلتهمني بها، تجمدت أطرافي وثقل لساني لدرجة أنني لم أستطع ذكر آيات من كتاب ربي المجيد، وعندما اقترب مني وأيقنت بنهايتي المحتومة ظهرت عليه علامات الخوف والرعب من شيء يأتي من خلفي لدرجة أنه بعد عني وصار يسير للوراء بظهره من شدة خوفه وارتعابه، من كثرة خوفي لم أستطع النظر ورائي لأرى طبيعة الشيء الذي أرهب شخصا مثله في بشاعة مظهره والشدة التي تبرهن عليها قوة بنيته، وما هي إلا ثوانٍ معدودة وسمعت صوت مألوفا لي صوتا كله أنوثة ويبعث على الدفء والاطمئنان قائلا: “لا تخف يا “خالد” إنني بجانبك لن يجرؤ أحد على المساس بك بأي سوء”، فالتفت على الفور إنها أمي يا “ريم”!!!
…… يتبع …..