العيش في الغابة ليس بالأمر اليسير لبعض الحيوانات، ففي الغابة القوي يبسط سلطته على غيره، والضعيف يخطط لينال بالمكر والحيلة ما لم يحصل عليه من القوي.
قصة حيوانات الغابة:
جبروت الأسد:
في غابة نائية تعيش مجموعة من الحيوانات آكلة اللحوم، يرأسهم ملك الغابة “الأسد” الذي يبسط سلطته عليهم، فلم يكن للحيوانات غير تنفيذ أوامره؛ وذات يوم طلب من الثعلب إحضار”ابن آوى”، فذهب الثعلب إلى الحكيم “ابن آوى” تنفيذا لأوامر ملكه، وعندما تقابلا دار بينهما حديثا شيقا:
الثعلب: “الملك أرسل في طلبك”.
ابن آوى: “وماذا يريد ملك الغابة من واحد مثلي”.
الثعلب: “سمع بحكمتك، نزاهتك، ذكائك، ولا أدري ماذا أيضا، ولكنه يريد لقائك”.
ابن آوى: “هذا أمر عجيب”.
الثعلب: “ستأتي معي بإرادتك أم بالإجبار من جنود الملك”.
ابن آوى: “لا داعي للإجبار، هيا بنا”.
حوار بين ملك الغابة “الأسد” والحكيم “ابن آوى”:
وحينما وصل الثعلب ومعه الحكيم ملبيا لأوامر سيده، ودخلا عرين الأسد، دار حوار بين الملك والحكيم:
ابن آوى: “السلام على ملك الغابة”.
الأسد: “أهلا بك يا “ابن آوى” لماذا لا تأكل اللحوم؟، وأنت من نوع آكلات اللحوم”.
ابن آوى: “رغبتي في عدم إراقة الدم وإزهاق روح بريئة يا سيدي”.
الأسد: “رغم أنه لأمر غير مألوف عندنا، ولكنه يعبر عن نبل في نفسك يدعو إلى الاحترام، وعلى كل ليس هذا ما طلبتك لأجله لقد طلبتك لأمر أخر”.
ابن آوى: “شكرا، تحت أمرك سيدي”.
الأسد: “لقد سمعت بنزاهتك، حكمتك، ذكائك وأردتك لتكون عونا لي”.
ابن آوى: “إن الملوك جديرون على اختيار أعوانهم، ولكن يفضل ألا يُكره أحدا ليكون عونا لهم”.
الأسد: “لقد اخترتك وانتهى الأمر”.
ابن آوى: “هذا شرف لي، ولكن لا يستطيع خدمة السلطان إلا اثنان منافق متملق ينال مبتغاه بالحيلة والخديعة، ومغفل لا يحسده أحد”.
الأسد: “والعفيف الصادق؟”.
ابن آوى: “قلما ينجح في خدمة السلطان، سوف يجتمع عليه الحاقد والحاسد خوفا على منزلتهم، وسوف يتعرض إلى الهلاك”.
الأسد: ” لقد قررت وانتهى الأمر”.
ابن آوى: “إذا كان الأمر هكذا فيجب أن تقطع لي عهدا، بأن تتثبت مما يصلك إذا بغى لديك أحد علي”.
خطة التخلص من “ابن آوى”:
اجتمعت الحيوانات للتخلص من “ابن آوى” خوفا على منزلتهم، فقال أحدهم: “يمكننا التخلص منه في حالة الانقضاض عليه وهو نائم، فقال الثعلب ألم تفكر في الأمر، ماذا إذا علم الملك بفعلتنا سوف يلتهمنا كلنا، ولكننا سوف نتخلص منه عن طريق الحيلة، ونجعل الأسد هو من يلتهمه؛ فسمعهم “دمنة” وطلب منهم الانضمام إليهم مقابل الاحتفاظ بأسرارهم، وأن يكون عينهم في الغابة فرفضوا.
نصيحة الحكيم “ابن آوى” وكليلة لدمنة:
فقابل “دمنة” في طريقه الحكيم”ابن آوى” وطلب منه أن يعطيه من حكمته، فقال له “ابن آوى”: اذهب إلى الغابة وتأمل نمو النباتات، وتغريد العصافير، وتأمل بكبار وصغار الحيوانات؛ ولكن “دمنة” كل ما يريده هو الانضمام إلى خدمة الملك، فانزعج وأخبر أخاه “كليلة” بما طلبه الحكيم منه، فقال “كليلة” إنه حكيم ونصحك بالصواب ابتعد عن الملك “فالداخل مملكته مقتول والخارج منها مولود”.
مكيدة مدبرة:
وفى يوم من الأيام طلب الأسد من الحكيم الاحتفاظ بقطعة لحمة لذيذة، فأخذها الحكيم وقام بإعطائها إلى أمين الطعام، ولكن عبر الليل كان الأمين جائعا ولم يستطع النوم، فقام بقطم قطعة اللحم فرآه حاشية الملك، واتفقوا معه إذا أخبر الملك أنه لم يتسلم قطعة اللحمة من الحكيم، فلم يفشيا السر للملك؛ وقام حاشية الملك بأخذ قطعة اللحم وتخبئتها في مكان الحكيم، وتحريض الملك ضد الحكيم، ولكن الملك لم يقتنع بكلامهم، وأمر بإحضار الحكيم وأمين الطعام، فكذب الأمين على الملك، وقال الملك للحكيم أغرب عن وجهي، وأمر بتفتيش مكان الحكيم فوجدوا قطعة اللحم.
حكم الملك:
لم يقتنع الملك أن الحكيم يسرق، فبعث إليه الثعلب للاعتذار منه، ولكن خوفا من أن تنكشف مكيدة الحاشية لم يذهب الثعلب إلى الحكيم وأخبر الملك بكلام لم يتفوه به الحكيم، فأمر الملك بإلقاء الحكيم من أعلى قمة بالغابة، ولكن الملكة أتت وأوقفت الحكم، وجاء “دمنة” وأخبر الملك بما فعله الحاشية بالحكيم، فأمر الملك بحبس كل الحاشية، وطلب من “دمنة” أن يكون من حاشيته، ويذهب إلى الحكيم ويخبره بظهور الحقيقة، ولكن “دمنة” أخبر الحكيم بأن الملك عفا عنه ولم يرد مقابلته، فقرر الحكيم الرحيل.
صداقة الأسد والثور:
فأخبر دمنة الملك عن قرار الحكيم، فقام الملك بتعينه مكان الحكيم، وذهب ليخبر أخاه “كليلة” بالأمر، وأثناء سيره رأى الثور، فأخبر الملك عن الثور الذي طلب منه الملك إحضاره إليه؛ فذهب وأتى بالثور، فأعجب الملك بمديح الثور له وصاحبه؛ وخرج معه في نزهة، فحقد على صداقتهما “دمنة”، وخطط للتخلص من الثور، وقام بنقل معلومات خاطئة إلى كليهما، فقامت المعركة وقتل الثور.
ظهور الحقيقة:
فحزن الملك لفقدان صديقه وأمر بالتحقيق في الأمر، واكتشف خديعة دمنة له فأمر بحبسه إلى التحقق من الأمر، فحزن كليلة لما حدث لأخاه وذهب إليه، وتحدثوا عن المكيدة التي فعلها دمنة، فسمعهم النمر والفهد، وخلال المحكمة شهد الفهد والنمر ضد دمنة، فقام الملك بقتله انتقاما لصديقه، وبحث عن الحكيم ورجعه إلى منصبه، وقام بضم كليلة إلى حاشيته.