ما أجمل أن نعلم أبنائنا صلة الرحم وكيفيتها ومدى حرص خالقنا عليها من شدة أهميتها، إن صلة الأرحام معلقة بعرش الرحمن سبحانه وتعالى وتعتبر عبادة أمر الله عباده بها من أجل إحسان كل منهم للآخر، تتهيأ صلة الأرحام في عمل أشياء عديدة كالسؤال الدائم والمستمر كل عن أخيه، مساندة كل منهم للآخر بالنصح والإرشاد أو بالإنفاق أو بمشاركته الأفراح والأحزان، والعمل دوما على طاعة الله فقد ذكرت أحاديث نبوية كثيرة تبين مدى ضرورة صلة الأرحام منها:
- ذُكر عن أنس رضي الله عنه أنه بلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- عن السيدة عائشة “أم المؤمنين” رضي الله عنها وأرضاها قالت: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وعن أم المؤمنين “عائشة” رضي الله عنها وأرضاها بلغت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” إنه من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار، يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قصص جميلة عن صلة الرحم
بيوم من الأيام كان الأب يحادث ابن عمه في الهاتف ليطمئن عليه وعلى سلامة أسرته بالكامل، كان الابن الأصغر يجلس بجوار والده طوال المحادثة وكان حزينا للغاية ولكنه لم يظهر حزنه أمام والده حيث أن ابن عم والده هذا لم يتصل بوالده مرة واحدة وأن بكل مرة يجري الوالد هو الاتصال بنفسه ودائما ما يقدم لهم كل الخدمات التي يطلبونها منه ولا يتأخر عنهم وعن طلباتهم مطلقا وفي المقابل لا يسألون عنه مطلقا ولا يحادثونه إلا عندما يكون لهم مصلحة عند والده.
زيارة للجد الحبيب:
وباليوم التالي كان الابن جالسا بحجرته على مكتبه وبيده ألوانه الجميلة، كان يضع كل موهبته في لوحة ما أجملها من لوحة، وعندما وقعت عيني والده عليه لم يشأ أن يشتت انتباهه ومازال الأب منتبها له حتى أنهى لوحته الجميلة، وبعدها سأله عن لوحته وماذا رسم بها، فأجابه الابن أنه رسم عائلته والمكونة من والده وأمه ونفسه وإخوته بنينا وبنات، فأجابه الأب قائلا: “ولكنها ليست العائلة بـأكملها” وبعدها جاءت الأم بعدما أعددت أجمل طاولة من أشهى وألذ المأكولات، انقطع حديث الأب والابن وذهبا معا لتناول الغداء، لم يفهم حينها الابن ما قصده الأب بأن العائلة لم تكتمل بعد؛ أعدت الأم طعاما شهيا يكفي للجد ولابنها الأصغر ليتناولاه معا، فأخذه الابن وتوجه إلى جده الذي يحبه كثيرا ودائما يذهب لزيارته ويستمتع بمجالسته والحديث معه.
مفهوم صلة الأرحام:
وبعدما انتهيا من تناول الطعام فرغا للحديث سويا عن أحوال الأسرة، وأثناء الحديث الشيق مع الجد تتطرق الابن الصغير إلى شكوى ابن عم أبيه لجده حيث أن والده دائما يتصل به وابن العم لم يفعلها يوما، وسأل جده قائلا: “هل هو أفضل من أبي في شيء يا جدي؟!، لماذا أبي دائما يتصل عليه ويذهب لزيارته وهو لم يتصل بنا يوما ولم يزورنا”، فبين الجد لحفيده العزيز مفهوم صلة الرحم وأنها علاقة بين الأقارب أوصى عليها الرحمن وأوصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستأنف الجد حديثه قائلا: “يا بني إنه على أيام رسولنا صلى الله عليه وسلم قدم رجل إلى الرسول ليشكو إليه حال أقاربه فقال شاكيا يا رسول الله إن لي أقارب أصلهم فيقطعونني، وأحسن إليهم دائما فيسيئون لي، ولا أعاملهم إلا بكل رفق ولين ولا أجد منهم غير الغلظة والشدة، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم ردا على شكواه (لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلا يَزَالُ معكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلكَ)”؛ تعلم الابن الصغير من جده درسا عظيما وهو أن من يحبه الله ورسوله يجعل في قلبه محبة أداء أوامر الله لوجهه الكريم دون انتظار أي مقابل من الخلق.