اقصوصة من تاريخنا بعنوان الإحسان لمن أحسن للاستاذ : احمد العناني
ننقل لكم اليوم في هذا المقال من موقع قصص واقعية قصة قصيرة رائعة من تاريخنا بعنوان الاحسان لمن احسن استمتعوا معنا الآن بقراءتها في هذا الموضوع، القصة بقلم الاستاذ : احمد العناني نتمني ان تنال إعجابكم وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : قصص قصيرة .
الإحسان لمن أحسن
كانت ليلة قمراء جميلة جداً وكانت انوار البدر تسقط علي جبهة خزنة فرعون، ذلك البناء الاثري الخالد في البتراء بجنوبي الاردن فتزيد من جمال الأثر، وبدائع ألوان صخوره العجيبة المشهورة، وكان الوقت ربيعاً تحلو فيه الاقامة لشيوخ القبائل قريباً من عاصمة الانباط الجميلة البتراء في تلك السنة من عام 550هـ اي قبل معركة حطين بثلاث وثلاثين سنة .
كان الشيخ منصور الطائي سيداً مطاعاً في جنوبي الاردن فلا عجب أن نصب سرادقاً ضخماً ربما كانت سعته مقدار عشرة من بيوت الشعر العادية هذا فضلاً عن جمال السرادق وزخرفة جدرانه الداخلية بأحلي الرسوم ذوات الألوان البديعة .
كان الشيخ منصور يتوسط الديوان وعلي مسافة منه اباريق القهوة النحاسية وجرن مزخرف لدي القهوة بعد تحميصها، وكان الشيخ صامتاً يفكر في امر يهمه، وفجأة رفع رأسه ليقول : انتم لاشك تعرفون صداقتي للأمير الشاعر اسامة بن منقذ، وتذكرون كيف افتداني من الاسر بعد معركتنا الفاشلة قرب حصن شيزر علي نهر العاصي .
فقال رجل من ادني المجلس : اي والله يا شيخ، نذكر ذلك الامير الطيب الكريم وما اصابه من موت سائر قبيلته عندما هدم الزلزال قلاعهم وهم يحضرون مأدبة اقامها اميرهم، لقد كان صديقنا الامير اسامة بن منقذ التاجي لأنه لحسن حظة كان خارج القلعة وتسائل رجل من اقصي المجلس : ولكن اين هو الآن ؟ وكيف حياته بعد فقد جميع اهله ؟ فقال الشيخ منصور : يا هذا اين تعيش انت ؟ ألم تسمع عن اقامته بمصر معززاً مكرماًالي ان وقعت فتنة الفاطميين الكبري حتي كاد اسامة يهلك لولا ان انقذة الملك الصالح ثم عادت الفتنة واشتد الحال فخرج اسامة ناجياً ببعض متاعة في القافلة التي اغار عليها الصليبيون عند مويلح، وهتف احد الرجال : وهل نجا الامير مرة اخري ؟ قال الشيخ : نعم من دون من كانوا في القافلة، الرجل فارس ومتمرس بالقتال التجا الي البر من ناحيتنا ولم ادر اهو يتجه الي معان ام الي وادي موسي، حتي جاءت رسالة منه قبل ساعة يستغيث فيها بي من بني فهيد الذين أسرو وقد اخذوا ما معه وهددوه بالموت وقال رجل آخر : ولكن كيف أوصل الاستغاثة وهو اسير ؟
قال الشيخ منصور : لا ادري تماماً ولكن يبدو انه قدم جائزة للحارس الذي جاءني برسالته، وقالح القوم : ماذا نتنظر يا امير ؟ وسرعان ما صهلت الخيل وقفز عالي ظهورها الرجال وانطلقوا كالريح، كان اسامة بن منقذ ينتظر الموت في كل لحظة فقد صادر الاشرار منه كل شئ حتي اوراق وخاتماً من الفضة في يده ثم ربطوا يديه وراء ظهره وراحوا بسرعة يعدون له مشنقة وحبلاً للخلاص منه .
وفيما هو يقف مبتسماً بالذكر والدعوات وصلت اصوات الخيول وبدت غمامة من غبار ملأ الجو من تحت سنابك الخير وصاح صائح : يا بني فهيد ، إياكم ان تمسوا شعرة من رأس الامير اسامة وتقدمت فرس زرقاء اسرع من السحب عليها الامير منصور الطائي يصيح : اياكم والامير اسامة، اياكم فإنه احسن والي ووالله لا أنشدن الحياة من بعده، إياكم ان تمسوا شعرة منه .
واشتدت فرحة اسامة بصمت فأغمى عليه ووقع ويداه مربوطتان من خلفه واخذت الدهشة بني فهيد وروعتهم غارة الخيل المفاجئة، وحين ترجل الامير منصور عن فرسه تقدم شيخ بني فهيد يساعده في حل رباط الامير الاسير بعد ان عاد له وعيه واعتذر شيخ بني فهيد كثيراً للشيخ منصور واعاد الاعتذار عن قبيلته كلها ثم جئ بكل ما نهب من اسامة فسلم له ،و الامير منصور مغتبط مسرور وهو يكرر : الحمد لله ان جعلني اجزي المحسن بالاحسان سلمت ايها الامير الصديق، وكانت تلك رابع مرة ينجو فيها الامير الشاعر من موت محقق .