الأخوان بربروسا العظماء الذين ظلمهم التاريخ
نقدم لكم هذه المقالة من موقع قصص واقعية تحت عنوان الأخوان بربروسا العظماء الذين ظلمهم التاريخ، وهى قصة عن سيرة اثنان من أساطير البحر في التاريخ الإسلامي ألا وهما الأخوان بربروسا، الذين شوههما الغرب بإظهارهما بشكل القرصان الأعرج والأعور وشبح القراصنة في أفلامهم، فمن هما؟
الأخوان بربروسا:
هناك عدة أقاويل عن منشأ هذين الأخوين إلا أن أصدق الروايات عنهما هو ما قيل إنه جاء في مذكرات خير الدين بربروسا، وهو أنهما من أصل تركي وأن أبوهما هو أبو يوسف نور الله يعقوب آغا التركي والذي كان فارسًا في جيش محمد الفاتح وكان ضمن الجيش الذي فتح مدينة ميديلي، التي تزوج أبوهما منها حيث أنجبت له زوجته أربعًا من الأبناء هم إسحاق وعروج وخضر وإلياس.
ولد عروج في عام 879 هجرية، 1474 ميلادية في مدينة ميديلي ويراعي أن نطق اسم عروج هو بضم العين والراء حيث أن اسمه يعني الارتقاء والارتفاع، ويقال أنه ربما ولد في ليلة الإسراء والمعراج لذا سمي بهذا الاسم ولعدم الخلط يفضل أن ينطق أسمه كما ينطقه الأتراك أوروج وقد لقب بعروج ريس، وبابا عروج.
الابن الثاني ممن يطلق عليهم الأخوان بربروسا هو خضر وقد ولد في جزيرة لسبوس في عام 1466 ميلادية 871 هجرية، إلا إن هناك بعض المصادر قالت بأن ميلاده كان في عام 1478 ميلادية، واسمه هو خضر إلا أنه لقب بخير الدين والذي يقال بأن من أطلقه عليه السلطان سليمان القانوني، حيث سماه خير الدين باشا، ولكن هناك من قال بأن المغاربة من نصحوه بتغيير اسمه إلى خير الدين بدلًا من خضر.
نشأ الإخوة بربروسا الأربعة نشأة إسلامية قوية ويقال أن ذلك عائد إلى حسن إسلام والدتهم التي قامت على تربيتهم، ويبدو ذلك واضحًا في أن أحد الإخوة بربروسا درس علوم الدين والفقه والقرآن ويرجح أنه الأخ الأكبر إسحاق, أما خير الدين وعروج فقد كان شغفهم هو البحر وركوبه وكانت البداية مع عروج الذي اشترى مركبًا وبدأ العمل في التجارة وكذلك خير الدين، وكانت رحلاتهم بين سلانيك وأغريبوز، إلا أن عروج طمح إلى الأسفار البعيدة فقام برحلة إلى طرابلس وكان بصحبته الأخ الأصغر في الإخوة بربروسا إلياس، وفي هذا الرحلة هاجمتهم سفن رودس وقتلت إلياس وأسرت عروج والسفينة, وتعرض للتعذيب بقسوة ثم أخيرًا تم تقييده في إحدى السفن إلا أنه تمكن من الهرب بالقرب من أنطاليا والتحق بالعمل على سفينة على ريس الذي سمع عنه وجعله رئيسًا على المركب وبلغ خبر نجاته أهله.
بدأت رحلة عروج في الحروب عندما كلفه قنصوه الغوري بقيادة الأسطول إلا أنه تعرض للهجوم وعاد إلى أنطاليا وجهز السفن وهاجم رودس وخسر، فذهب إلى مانيسًا وهناك أعطاه الأمير كوركود سفينتين حتى يذهب ليرى حال المسلمين في غرب إفريقيا والأندلس، وفي ذلك الطريق انتصر عروج في عدد من المنازلات وجمع الغنائم والسفن إلى أن عاد إلى ميديلي، ثم رجع إلى الإسكندرية وفي الطريق حقق بعض الانتصارات والغنائم وأهدى جزء منها للسلطان قنصوة الغوري ثم خرج ناحية تونس للجهاد، وفي تلك الفترة استلم السلطان سليم الأول الحكم وتم منع أنصار الأمير كوركود من ركوب البحار، فجهز خير الدين سفن محملة بالقمح وفي طرابلس غير القمح بالشعير واستكمل الطريق إلى أن وصل إلى عروج إلى تونس فاتحد كل من عروج وخير الدين ويحي ريس للدخول في جهاد وطلبوا الإذن باستخدام مواني تخضع لسلطان تونس الحفصي أبو عبد الله محمد المتوكل على أن يتم بيع الغنائم في أسواقه فوافق.
بدأوا الغزو والإغارة على سفن الأعداء وسواحلهم وتوالت الانتصارات والغنائم والصيت، حتى أصيب عروج وبترت ذراعه، وعندما شفي عروج جاءت أبرز أفعال الأخوين بربروسا وهى العمليات البحرية التي قاما بها لإنقاذ المسلمين المورسكيين في بلاد الأندلس من بطش الصليبيين حيث قاموا بنقل أكثر من 70 ألفًا، بعد فتح الجزائر نصب عروج نفسه سلطانًا عليها إلى أن تنازل عنها للسلطان سليم الأول لتصبح جزء من الدولة العثمانية، وفي عام 1518 استشهد عروج في معركة وقعت بالقرب من تلمسان.
تسلم خير الدين السلطة من بعد عروج بعد مطالب من أهل الجزائر ووافق السلطان واستكمل المسيرة وقد لقبه الأوروبيين ببربروسا وهى تعني ذو اللحية الحمراء وهو اللقب الذي لازم الأخوة حتى أنه طغى على اسمائهم، ودافع خير الدين عن الجزائر ضد الصقليين وحماها إلا أنه خرج منها بعد الثورة عليه وعاد إليها بعد ثلاث سنوات واستعادها، ثم عينه السلطان قبطان داريا، وبيلرباي على الجزائر.
أثارات غارات خير الدين وانتصاراته على سواحل البحر المتوسط حفيظة أوروبا كلها، فدخلت في تحالف وجهزت أسطول للإغارة على سفن بربروسا والدولة العثمانية، وفي المقابل جهز خير الدين أسطولًا وكانت معركة بروزة التي انتصر فيها وبعدها أصبح البحر المتوسط كله خاضع للدولة العثمانية.
استمر خير الدين في جهاده طوال حياته حتى عاد بعد حروبه ضد الإسبان وتوفي في قصره في تركيا الذي يقع على مضيق البوسفور، وكان ذلك في عام 953 هجرية، 1546 ميلادية وكان يبلغ من العمر 65 عامًا.