التفاحات الثلاث الف ليلة وليلة ج2
دوما ما يكون خلف كل حقيقة حقيقة أكبر منها، وربما أدهشتنا هذه الحقيقة وأصابتنا بالذهول عند علمنا بها.
ومن الغريب أن هناك أقوام من حولنا تعودوا على أذية غيرهم والتسبب بالخراب حتى وإن كانوا غير قاصدين أو متعودين، ولكن يعود الأصل في ذلك إلى قلوبهم السوداء الخربة.
قصة التفاحات الثلاث ج2
وبعد انقضاء الثلاثة أيام وباليوم الرابع أرسل الخليفة “هارون الرشيد” في طلبه..
هارون الرشيد: “أين قاتل الصبية الذي أحضرته يا جعفر؟!”
فرد عليه جعفر مترددا في القول: “يا أمير المؤمنين وهل كنت أعلم الغيب حتى أعلم قاتل الصبية؟!”
وما إن سمع منه هذا الرد حتى اشتعل غيظا، وعلى الفور أمر بصلبه على بوابة قصره، كما أنه أمر المنادين أن يخرجوا بكل شوارع بغددا وينادوا: “على كل من أراد مشاهدة وزير الخليفة جعفر البرمكي وهو يعدم فعليه بالخروج لقصر الخليفة أمير المؤمنين”.
وبالفعل خرجت طائفة كبيرة من الناس ليشاهدوا تنفيذ حكم أمير المؤمنين بوزيره جعفر، كان كل الحراس على استعداد لتنفيذ أمر الخليفة بمجرد أن يأذن لهم بذلك، لقد جهزوا كل شيء وحتى الناس في انتظار ذلك.
وبينما كان الجميع يترقب الحدث إذا بشاب يشق الزحام إلى أن وصل للوزير، فقال: “يا أيها الوزير إنني قاتل الصبية التي وجدتموها بنهر دجلة، إنني أنا الفاعل الذي كنت تبحث عنه”.
فرح الوزير كثيرا بخلاصه من الموت المحتوم والمصيبة التي حلت برأسه، وما إن وجد القاتل الحقيقي تراجع الخليفة عن قراره بقتله لعدم إيجاده للقاتل الحقيقي للصبية الجميلة، وبذلك يمكنه الاقتصاص لها من قاتلها الحقيقي وليس منه.
ولكن بينما كان الشاب واقفا مع الوزير إذا بشيخ كبير في السن يشق الزحام حتى وصل لهما، فقال: “أيها الوزير جعفر لا تصدق هذا الشاب، إنني قاتل الصبية الحقيقي وليس هو، أطلقوا سراحه وأمسكوا بي لأنال جزائي على ما قدمت يداي”.
وراح كل منهما الشاب والشيخ الكبير ينفي تهمة ارتكاب جريمة القتل عن الآخر ويلحقها بنفسه، بل ويطالب الوزير أيضا بالإسراع في تنفيذ حكم الإعدام حتى يستريح.
تعجب الوزير جعفر من حالهما، لذلك أخذهما للخليفة حتى يرى من أمرهما العجيب، ويحكم بينهما وفي أمرهما.
وما إن وصلوا للخليفة “هرون الرشيد”..
الوزير جعفر: “يا مولاي لقد أحضرت لك اثنين يدعي كل منهما أنه من قتل الصبية التي وجدناها بالصندوق في نهر دجلة”.
نظر إليهما “هارون الرشيد” بتمعن وقال بأسلوب جاف يبعث الخوف للنفس: “أي منكما قتل الصبية؟!”
ومثلما يفعلان، أصر كل منهما أنه من قتل الصبية، وأن الآخر لا علاقة له بالأمر.
فقال هارون الرشيد بصوت عال: “يا جعفر خذ الاثنين للسياف مسرور، ومره أن ينفذ حكم الإعدام في كليهما”.
صرخ الشاب وبدا الصدق بوضوح في كلامه: “أقسم بالله الذي رفع السماء بغير عمد، وبسط الأرض على ماء جمد أنني من قتلت الصبية”، وبدأ في وصف ملامحها والملابس التي كانت ترتديها والأشياء التي كانت بحوزتها أثناء وضعها بالصندوق حتى أنه أعطى علامات تميز الصندوق الذي وجدوها به دونا عن غيره من بقية الصناديق.
ولما تحقق الخليفة أمير المؤمنين “هارون الرشيد” ووزيره “جعفر” من صدق الشاب، أيقنا أنه بالفعل من قام بقتل الصبية، ولكن سأله هارون الرشيد قائلا: “ولكن لم قتلتها؟!”
فشرع الشاب في سرد حكايته مع الصبية قائلا والدموع شرعت في الانهمار من عينيه: “يا أمير المؤمنين إن الصبية هي زوجتي وابنة عمي، وأن هذا الشيخ هو والدها، وأن الله سبحانه وتعالى قد من علي بثلاثة أولاد منها؛ ومن شهر مضى مرضت زوجتي مرضا شديدا وأصابها الإعياء، وأحضرت لها العديد من الأطباء وأذن لها الله سبحانه وتعالى لها بالشفاء.
وعندما استفاقت من مرضها وشفيت اشتهت التفاح، فقالت لي إنني أشتهي أن آكل التفاح، لقد بحثت طويلا في الأسواق بالمدينة وفي كل البساتين التي بها، ولكني لم أعثر ولا حتى على تفاحة واحدة على الإطلاق لأشتريها لها وأحقق أمنيتها بأكله؛ وبيوم من الأيام دلني أحد بائعة التفاح بأن بستان بقصر الخليفة ببغداد يوجد به التفاح، حيث أن التفاح لا يتواجد بمثل هذا الوقت إلا بقصر الخليفة القائم بالبصرة، إنني في الأساس يا مولاي من بغداد، لذلك قمت بالسفر لمدينة البصرة و…”
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
اقرأ أيضا:
قصة التفاحات الثلاث الف ليلة وليلة ج1
قصص وعبر عن رمضان الكريم افضل شهور العام
قصص وعبر للأطفال مكتوبة بعنوان الجدة العجوز وتنمر الصغير
قصص وعبر لعله خير بعنوان الطماع وأخوه القنوع ونهاية كل منهما