في أطراف الشام وبالقرب من خليج العقبه ، كانت هناك قريه تسمى مدين ، وكان قومها أشد الناس كفرا على وجه الأرض ، فقد كانوا يعبدون شجره دون الله ويسمون هذه الشجره “الأيكه ” ، كانت أخلاق هولاء القوم غايه في السوء والشر ، فهم يعملون بالتجاره ولكنهم يغالون في الأسعار وينقضوا الميزان ، إن ارادوا أن يشتروا شيئا ، خفضوا في الأسعار، واستوفى الميزان أرسل الله عز وجل ، إليهم رجل منهم عرف بحسن الخلق وسماحه النفس ، كان هذا الرجل عزب الحديث قوي الحجه اتاه الله الفصاحه والبلاغه ، حتى اطلق عليه خطيب الأنبياء هذا الرجل هو شعيب عليه الصلاه والسلام ، أقدم لكم اليوم قصة خطيب الأنبياء شعيب عليه الصلاة والسلام ..
خطيب الأنبياء قصة سيدنا شعيب عليه السلام
أستخدم شعيب عليه الصلاه والسلام مع قومه بلاغه اللسان والفصاحة ، واخذ يدعوهم الى عباده الله عز وجل وترك عباده الشجره التي يعبدونها ، وأن يعطوا الناس حقوقهم ، ولا يغشوا في الميزان ولكنهم لم يسمع كلام شعيب ، ولم يستجيبوا له وتشاور كبرائهم في امره ، فقال: لابد ان شعيبا يحتاج الى بعض المال ، نجمع له المال ونعطيه له ، لكن شعيب صلى الله عليه وسلم ، رفض قائلا : وما اسألكم عليه من أجر إن اجري إلا على رب العالمين ، ولما لم تنفع هذه الحيلة مع شعيب صلى الله عليه وسلم .
أخذ قومه يسخرون منه ، ومن كثرة عبادته فقالوا له ساخرين ، هل الله امرك ان تترك ما يعبد آباؤنا ، وكنا نفعل في اموالنا ما نشاء انك لانت في ضلال كبير ، فاخبرهم : انه لا يامرهم بشيء الا ويفعل مثله ، أخذ شعيب يدعوا قومه واخذ يذكرهم بنعم الله عليه ، حيث بارك لهم في أولادهم و ارزاقهم وحذرهم من نقمة الله ، وعذابه للمفسدين والكافرين وقال لهم اذكروا ، اذ كنتم قليلا فجعلكم كثيرون ، و انظروا كيف كان عاقبه المفسدين ، ثم حظرهم شعيب صلى الله عليه وسلم من كفرهم ، ومخالفتهم .
لما جاء به الله ، حتى لا يعرضهم ذلك إلى غضب الله ، كما حدث مع الاقوام السابقين ، فقال لهم يا قوم لا يجرمنكم شقاق أن يصيبكم مثل ما اصاب قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وهود و ما قوم لوط منكم ببعيد ، فأسلوكوا طريقا اخر وأخذ شعيب طريق أخر للدعوة ، غير طريق التهديد والتخويف من عذاب الله ، وهو طريق النصح والترغيب في ثواب الله عز وجل ، وانه سوف يغفر لهم ، فقال لهم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربى رحيم ودود ، لم يؤمن مع شعيب الا نفرا قليلا من قومه ، وكان المشركون يمنعون الناس من الوصول الى شعيب ، للأستماع إليه و كانوا يجلسون في الطرقات المؤديه الى بيت شعيب يمنعون الناس ، ويهددهم بالإيزاء ، ذهب الى شعيب فقال لهم شعيب صلى الله عليه وسلم لا تقعدوا وتصدون عن سبيل الله ، من امن به و تبغونها عوجا .
وفي أحد الايام ذهب شعيب إلى قومه يدعوهم إلى عباده الله ، ولكنهم قالوا له يا شعيب نحن لا نفهم ما تقول ، وما أنت إلا رجلا ضعيفا لولا قومك لرجمناك بالحجاره ، فقال لهم هل رجمي بالحجارة اعز عليكم من الله ، و مما ادعوكم اليه ان الله عليم بما تفعلون ، وسوف يعاقبكم على أفعالكم ، فتجمع المشركون وقالوا لشعيب والذين امنوا معه ، لنخرجنكم من القريه إن لم ترجعوا عن ذلك الدين ، فرد عليهم المؤمنون لن نرجع الى دينكم بعد ان هدانا الله ، ثم توجه شعيب والذين امنوا معه الى الله عز وجل بالدعاء ، ان ينصرهم على القوم الكافرين .
وقال ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ، وانت خير الفاتحين ولم استمر اهل مدين في كفرهم وعنادهم ، ارسل الله عليهم حر شديد وجعل الله الريح والهواء بعيدا عنهم ، فلم ينفع مع هذا الحر ظلل ولا ماء ، فاذا اختبئوا في البيوت وجدوها اشد حر من الخارج ، و اذا دخلوها دخلوا في السراديب يحتمي بها من الحر ، وجدوا اشد حر أستمروا على ذلك سبعه ايام فلم يتحملوا الحر ، فهربوا الى خارج القريه في الصحراء ، فجائت سحابه عظيمة فتجمعوا تحتها وشعروا بالنسيم البارد ، فلما تجمعوا كلهم تحتها إنفجرت بالبرق والرعد ، وزلزلت الأرض من تحت اقدامهم فاهلكهم الله عز وجل ، ونجى الله شعيب والذين امنوا معه وهلك القوم الكافرون .
لا اله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم صل و سلم على سيدنا محمد و على اله و صحبه اجمعين أمين أمين أمين يا رب العالمين