لقد توقفنا في المقال السابق عند بداية دولة مراد الأول واتفقنا على إنها بداية لعصور القوة في الدولة العثمانية حيث الأساس القوي الذي وضعه مراد بك ولكن يجب أن نعرف أنه أثناء حكم مراد الأول كان تيمور لنك ذلك المغولي يقوم بتأسيس أكبر دولة مغول في الصين وهذا ماسوف نتعرف عليه لاحقاً أما الأن فموعدنا مع دولة مراد الأول.
دولة مراد الأول
لقد استلم الدولة من والده اورخان بعد وفاة أخوه ولي العهد الأول سليمان في حياة والده فقد استلمها وهي ٩٥ الف
كيلو متر مربع واستطاع في ٢٧ سنة أن يصل بها إلى ٥٠٠ ألف كيلو متر مربع أي أنه ضاعفها خمس مرات
لقد كان مراد الأول شديد الطموح يسير على نهج أجداده وصدق نواياهم في نشر الإسلام وهذا ماساعده على فتح العديد من البلدان فقد فتح بلغاريا اليونان صربيا ألبانيا مقدونيا كوسوفو ووصل إلى أديرنا في شرق أوروبا وكانت تعد أديرنا مفتاحاً للشرق أي إن فتحها يُعد أهم خطوة في فتح شرق أوروبا كلها ومما زاد الأمور تعقيداً انه استطاع أن يجتاز نهر المريج عام ١٣٦٣ م ذلك النهر الذي يفصل بين اليونان و تركيا الآن مما جعل إمبراطور الشرق الأرثوذوكسي يشعر بالخوف ويطلب مساعدة بابا الفاتيكان الكاثوليكي وهذا معناه كفره بعقائده ولكن الموقف حتم عليه هذا فهو يخشى دخول العثمانيين إلى شرق أوروبا وكانت النتيجة هي حملة صليبية تاسعة تشن على المسلمين تتكون من جيوش الصرب– المجر– البوسنا بوخاريست –بلغاريا يجتمعون كلهم تحت قيادة البابا في مكان يسمى مارتيزا وسميت هذه المعركة بمعركة هلاك الصرب حيث تقابل الجيشان وتم هزيمة الجيش البيزنطي وقُلبت بعدها موازين القوى في المنطقة حيث أصبحت الدولة العثمانية هي القوى الأولى والآخيرة في المنطقة مما جعل جمهورية ديبروفنيك تطلب حماية العثمانيين لممتلكاتها و ثرواتها عام ١٣٦٥م.
ولكن بعد هذه المعركة لم يهدأ جيش الصليبيين فقد قاموا بشن حملة أخرى وهي مارتيزا الثانية وأيضاً أنتصر فيها جيش المسلمين ومن بعدها استطاع مراد الأول أن ينساح في منطقة البلقان أي شرق أوروبا وفتح العديد من الدول مما جعل الإمارات التركية في الأناضول تطلب الإنضمام إليه تحت ولاية الدولة العثمانية مثل كوتاها– جميد –اماسيا –چاندار –اما امارة قرمان فقد انتهزت فرصة. انشغال مراد بتلك الفتوحات وأعلنوا العصيان ولكن تصدى لهم بايزيد الصاعقة بن مراد الأول وكان هذا أول صدام إسلامي في تاريخ الدولة العثمانية ولهذا السبب اضطر مراد الأول العودة سريعاً إلى الأناضول مما ادى إلى هزيمة جزء من جيشه في منطقة البوسنة ولكن هذا الإنهزام كان تمهيداً لأروع معركة في التاريخ وهي معركة كوسوفو عام ١٣٨٩م
فأعد الصليبيون جيشاً رئسياً يتكون من الصرب- إيران- البوسنة في مواجهة جيش مراد الأول ودامت المعركة ٨ ساعات إنتهت بهزيمة جيش الصليبيين وإنتصار جيش مراد الأول وهذا ما يجعلنا نتوقف قليلاً عند أسباب النصر فما الذي يجعل العثمانيين دائما ينتصرون فبعد البحث نجد أن السر يكمن في صدق نواياهم وقوة إيمانهم ووحدة الصف حيث تجنب قتال المسلمين ومع كل هذه الفتوحات وكبر حجم الدولة كانوا يديرونها بخكمة بالغة فمنهم من تدار مباشرة من الحكم العثماني ومنهم من تدار بالتابعية أي إنهم يجعلوا عليها أحد ملوكها وذلك بالإتفاق معهم فكانوا يرفعون دائماً شعار لا إكراه في الدين مما جعل الشعوب النصرانية تثق في حكمهم.
ولكن يبقى سؤال آخر فماذا فعل مراد الأول بجيشه لكي يستطيع أن يدخل به كل هذة الحروب فنجد الإجابة في نظام الدوشرمة وهو نظام أنشأه مراد الأول يكون فيه التجنيد إجباري من الغلمان الصغيرة فهو يأخذ أطفال العائلة النصرانية ويدخلهم في الإسلام وتسمى هذة ضريبة الغلمان فتقوم كل أسرة بتقديم أبنائها لهذة الخدمة وتقوم الدولة بإنتقاء الأصلح منهم فقد كانت فرصة عظيمة لمن يتم إختياره لهذه المهمة لما لها من تعويضات ومزايا كثيرة وبهذا إستطاع تكبير حجم الجيش وتقويته
ولكن لكل بطل نهاية فقد كانت نهاية مراد الأول في معركة كوسوفو فلقد استشهد فيها وتولى من بعده إبنه بايزيد الصاعقة فلنا موعد في المقال القادم للحديث عن دولة بايزيد الصاعقة.
وللحديث بقية …..
سلسلة الخلافة العثمانية الجزء الأول حال الأناضول قبل نشأة الدولة العثمانية
سلسلة الخلافة العثمانية الجزء الثاني بداية الحكم في الأناضول
سلسلة الدولة العثمانية الجزء الثالث التمدد في منطقة الاناضول
ابتسام احمد