سلسلة قصص الأنبياء للأطفال بعنوان السيرة النبوية
إن السيرة النبوية لم تكن قصة تروى ولا حكاية يتسلى بها، إنما هي عبرة وموعظة نتعلم منها ونقتدي بها ونسمو بالامتثال بأحداثها والأخلاق التي عرف بها سيدنا.
فالسيرة النبوية لها أهمية عظمى في حياتنا جميعا، ولها أهمية عظمى في تربية جيل ينشأ على حب الله ورسوله والدعوة إليه والدفاع عنه في زمن عزت فيه القدوة الحسنة وندرت فيه المثل العليا، فإذا رجعنا إلى أصل القدوة الحسنة والمثل العليا سنعود لهدينا ويعود الله معنا.
قال تعالى في كتابه العزيز بسورة الأحزاب: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)
السيرة النبوية من سلسلة قصص الأنبياء للأطفال:
كان لعبدالمطلب سيد قريش عشرة من البنين، وكان “عبدالله” أحسن أبناء عبدالمطلب والأقرب إلى قلبه والأحب إليه، فاختار له “آمنة بنت وهب” لتكون زوجة لابنه الحبيب، وآمنة بنت وهب تعد أفضل امرأة بقريش كلها من حيث النسب والموضع، فأبوها سيد بني زهرة نسبا وشرفا وقبل بزواجها من ابن سيد قريش “عبدالمطلب”.
وبعد فترة قليلة من الزواج أرسله والده “عبدالمطلب” إلى المدينة ليقوم بشراء التمر، وبالمدينة توفي “عبدالله” وكانت زوجته “آمنة” حاملا آنذاك، وكان والده “عبدالمطلب” يقوم برعايتها والاهتمام بها.
ولما وضعته والدته السيدة “آمنة بنت وهب” أرسلت إلى جده “عبدالمطلب” تبشره بمولد حفيده، فجاءها مستبشرا وحمله بين يديه ودخل به الكعبة ودعا الله وشكر له وأسماه “محمدا”.
جرت العادة عند أهل المدن من العرب أن يقوموا بالبحث عن مرضعة من أهل البادية لأولادهم، وذلك خوفا من أمراض المدن وتقوية لأجسادهم وليشتد عودهم وليتقنوا اللغة العربية في مهدهم؛ فبحث “عبدالمطلب” لحفيده عن مرضعة، واختار امرأة من بني “سعد بن بكر”، وهي السيدة “حليمة بنت أبي ذؤيب” وزوجها هو “الحارث” من نفس القبيلة.
ورأت السيدة “حليمة” من الخير والبركة بمجرد أخذها لمحمد، فما إن وضعته بحجرها لترضعه وجد ما شاء من اللبن فرضع حتى روي ورضع معه ابنها حتى روي ثم ناما، وقاما زوجها “الحارث” إلى شاتهم فإذا هي مملوءة باللبن فحلب منها ما شرب وما شربته زوجته حتى ارتويا وشبعا، فكانت هذه خير ليلة باتا فيها بخير.
وعندما قدموا لمنزلهم ببني سعد كانت أرضهم جدباء، فكانت غنمهم تعود شباعا كثيرة اللبن فيحلبوا منها ويشربوا ما يريدون على عكس غيرهم والذين كانوا لا يتمكنون من حلب قطرة لبن واحدة، فكانوا يجدون من الخير والبركة والزيادة من الله سبحانه وتعالى حتى مضت سنتاه وفطمته السيدة “حليمة”.
واقرأ أيضا عزيزنا القارئ: بحث عن قصص الأنبياء بعنوان سيدنا “محمد” والخروج بالدعوة خارج مكة
حادثة شق الصدر:
عندما رأت السيدة “حليمة” الخير الكثير على يدي الغلام طلبت من أمه السيدة “آمنة بنت وهب” أن يبقى معها لوقت أطول، فأذنت لها أمه فعادت به إلى “بني سعد”.
وفي السنة الرابعة من مولده أتاه سيدنا “جبريل” عليه السلام كان حينها يلعب مع الغلمان، فأخذه سيدنا “جبريل” عليه السلام وصرعه على ظهره وشق عن قلبه، فاستخرج قلبه واستخرج منه علقة وقال: “هذا حظ الشيطان منك”!
ثم غسل سيدنا “جبريل” قلبه في طست من ذهب بماء زمزم، وأعاده إلى مكانه؛ أتى الغلمان إلى أمه السيدة “حليمة” وأخبروها بأن محمدا قد قتل!
فلما عاد استقبلوه وهو متغير اللون، وكان الغلمان قد حكوا لها ما حدث معه، فخشيت عليه بعد هذه الواقعة وردته إلى أمه.
واقرأ أكثر عن حادثة شق صدره الكريم من خلال والأجزاء الباقية: من قصص الأنبياء قصة محمد عليه الصلاة والسلام – ج1
فقده للأحبة:
ولما بلغ الست سنوات رأت والدته السيدة “آمنة بنت وهب” أن تزور قبر زوجه وفاءً لذكرى وفاته بيثرب، فخرجت من مكة بابنها وخادمتها “أم أيمن” وجد ابنها “عبدالمطلب”، ومكثت شهرا ثم عادت، وفي رحلة عودتها لحق بها المرض في أوائل الطريق واشتد عليها حتى ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة ودفنت بها.
عاد به جده “عبدالمطلب” إلى مكة وقد زادت بفؤاده مشاعر الحنو لحفيده الذي بات يتيم الأب والأم معاً؛ وعندما بلغ الثماني سنوات من عمره توفي جده “عبدالمطلب” بمكة، وكان قد عهد بكفالة حفيده إلى عمه “أبي طالب” وقد كان شقيق والده الراحل “عبدالله”، واعتنى “أبوطالب” بابن أخيه خير اعتناء فضمه لأبنائه وقدمه عليهم واختصه بفضل وتقدير واحترام.
قصته صلَّى الله عليه وسلم مع بحيري الراهب:
وعندما بلغ من العمر اثنتي عشر عاما ذهب مع عمه “أبي طالب” للشام في رحلة تجارة، وعندما وصلا إلى بصرى بالشام، والتي كان فيها راهبا يعرف باسم “بحيري”، فلما نزل الركب خرج إليهم الراهب، وكان لا يخرج إليهم من قبل، وبات يمر فيما بينهم حتى وصل للنبي فأخذ بيد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وقال: “هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين”.
فسأله أبوطالب: “وما أعلمك بذلك؟!”
فقال الراهب بحيري: “إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدان إلا لنبي”؛ ثم أكرمهم الراهب بأحسن ضيافة، ونصح أبا طالب بأن يرد ابن أخيه ولا يقدم به إلى الشام خوفا عليه من الروم واليهود، فبعثه عمه “أبوطالب” مع بعض غلمانه إلى مكة أخذا بنصيحة الراهب.
زواجه صلَّى الله عليه وسلم من السيدة “خديجة بنت خويلد”:
وعندما بلغ الخامسة والعشرين من عمره خرج من مكة تاجرا إلى بلاد الشام في مال السيدة “خديجة بنت خويلد”، وكانت الرحلة مع غلام لها يدعى “ميسرة”، ولما عادا إلى مكة رأت السيدة “خديجة” في مالها من الأمانة والبركة ما لم تره قبل ذلك، وعندما سمعت من غلامها “ميسرة” ما رأى من صفات طيبة في “محمد” صلَّى الله عليه وسلم طوال الرحلة، وجدت السيدة “خديجة” في “محمد” صلَّى الله عليه وسلم خير زوج يعينها على عناء الحياة، فتحدثت بما وجدته في نفسها إلى صديقتها “نفيسة بنت منبه”، فذهبت صديقتها “نفيسة” إلى رسول الله وفاتحته في أمر الزواج بصديقتها “خديجة” وقبل صلَّى الله عليه وسلم وكلم أعمامه فذهبوا إلى عم “خديجة” وخطبوها إليه وتم الزواج.
ولمعرفة قصص زواج رسول الله بشكل أوسع من خلال قراءة: قصص حب رسول الله لزوجاته وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين