قصة أم الأولاد (الشرع حلل أربعة) الجزء السادس
وَاحْرَصْ على حِفْظِ القُلُوْبِ مِنَ الأَذَى
فرجوعها بعد التنافر يصعب
إِنّ القُلوبَ إذا تنافر ودُّها
شِبْهُ الزُجَاجَةِ كسْرُها لا يُشْعَبُ
سيدنا “علي بن أبي طالب” رضي الله عنه
قصـــة أم الأولاد للكاتبة “ياسمين مصطفى” الجزء السادس
ماذا تعلمين عن عمري الذي اندثر تحت قدميه؟!، ماذا تعلمين عن كمية التضحيات التي قدمتها لأجله ولأجل الأولاد، لقد ضحيت بكل شيء وأولهم كان نفسي.
لكني مع من أتحدث؟!، إن الله سبحانه وتعال اسمه العدل ولن يترك لي حقي، بالتأكيد سينتقم لي؛ وأي مشاعر الذي خاف عليها من أن تنجرح؟!
ما فائدة أن يحب امرأة أخرى، ويتزوج منها بعلمي أو حتى على غفلة مني؟!
عل العموم اطمئني، عندما أقابله سأخبره ما كان ينبغي عليه أن يخبأ أمر الشهرين بزواجه منكِ”.
سارة: “أتوسل إليكِ ألا تخبريه بما حدث”.
منى وباندهاش: “ما الذي تطلبينه مني؟!، في الأساس سيعلم بكل شيء فالجنين قد مات، وسيعلم أنني من نقلتكِ للمستشفى بيدي”.
سارة: “عمر سيسافر للعمل بعد يومين، وعندما يعود من سفره سأخبره بأنني قد فقدت الجنين أثناء سفره، أنوسل إليكِ ألا تخبريه بأي شيء حتى لا يصيبه الغم”.
منى: “من الأساس هو لم يعد يمثل لي أي شيء على الإطلاق”.
غادرت “منى” المسكينة المستشفى، ولم تكن ترغب في العودة للمنزل، ولم تكن ترغب في الذهاب لأي مكان آخر أيضا، كانت تشعر وكأن الدنيا ضاقت عليها بما رحبت، كانت تجول في ذهنها الكثير والكثير من الأسئلة والتي لم تعلم لها إجابة…
هل حقا كان لينجب من غيري؟!
أتحدث عن إنجابه أولادا؟!، لقد أحب امرأة غيري، لقد أحبها وتزوج بها وجعلني آخر من يعلم بعدما جعلني أسلم بالأمر الواقع الذي وضعني أمامه.
أخذت “منى” تواسي قلبها الحزين قائلة له: “لك الله يا قلبي فلا تحزن”.
وعندما استعادت رابطة جأشها لم تجد بديلا إلا العودة للمنزل، أما عن زوجة زوجها فكانت أخبرتها بأنها ستذهب لصديقة لها، وأنها ستخبر زوجهما بأن صديقتها هذه قد اتصلت عليها وأخبرتها بأنها متعبة للغاية وتحتاج لعونها.
أيقنت “منى” حينها أنها ليست إلا مجرد خادعة وكاذبة، ولكنها كانت قد وصلت لمرحلة أنها لم يعد شيء يشكل فارقا بالنسبة لها إلا نفسها وأولادها.
وعندما عادت للمنزل وجدت أولادها علي ومحمد وروان وقد بدا عليهم القلق والتوتر حيث أنها تأخرت عليهم في العودة، احتضنتهم جميعا وطمأنتهم عليها، وعلى الفور جهزت لهم طعام العشاء، وما إن تناولوا طعامهم ذهبوا للنوم مباشرة.
أما “منى” فقامت بإعداد طاولة الطعام بصورة تنافس بها أرقى المطاعم العالمية، وضعت عليه شموعا وورود حمراء أيضا، ومن ثم دخلت وبدلت ملابسها فارتدت ثوبا أسود اللون وكان لائقا عليها للغاية نظرا لبياضها الشديد، رفعت شعرها الطويل ولكنها تركت بعض الخصلات المتدلية منه.
وفجأة سمعت صوت مفتاح، علمت أنه زوجها “عمر” يريد أن يدخل المنزل، ولكنه لم يفلح في ذلك، ففتحت له الباب، ذهل مما وجدها عليه، ذهل بطريقة لم يستطع إخفائها عنها، لقد كان الثوب عليها جميلا للغاية وكل تفاصيلها كانت استثنائية على الإطلاق، ابتسم ابتسامة من أعماقه.
لم تبدي له شيئا، ولم تنطق بحرف واحد أيضا، سارت تجاه المائدة، سار خلفها وأراد أن يمسك بها ولكنها لم تعطه فرصة نهائيا، اقترب من طاولة الطعام، وانبهر أكثر بشكل الطعام والرائحة المنبعثة منه، كانت “منى” تعلم يقينا أنه لم يأكل شيئا منذ الصباح بعلمها أن هذا اليوم بالتحديد دوناً عن غيره من الأيام الباقية شاق للغاية، ولكن الطعام الموضوع على الطاولة كان لشخص واحد فحسب!
عمر: “هل تناولتِ طعامكِ؟!”
منى: “لم أتناوله بعد”.
عمر: “ألن تأكلي؟!”
منى: “سآكل بالطبع”.
عمر: “لم أقصد ذلك، ما قصدته ألن تأكلي معي هنا الآن حيث أن الطعام لشخص واحد”.
منى: “وبما أنك ذكرت ذلك، الطعام لشخص واحد ماذا تستشف من ذلك؟!”
عمر: “لم أفهم ما تعنيه يا منى”.
منى: “حسنا، هذا الطعام طعام عشاءي؛ أما أنت فستذهب لمطبخ وتسخن بقية الطعام الموجود بالثلاجة، أو أخبرك بشيء آخر اذهب واشتري لك طعاما جاهزا، أو من الأفضل لك أن تنام خفيفاً”!
تعجب من طريقتها الجديدة معه في الحديث: “أتمازحينني؟!”
منى وقد بدت عليها ملامح الجدية: “وما الذي بيني وبينك لأمازحك؟!”
عمر: “إذاً ما الذي تطلبينه مني؟!”
منى: “أنسيت أن اليوم هو يوم زوجتك الثانية في طهي الطعام وتحضيره؟!”
عمر: “ولكنها ليست موجودة، ألستِ بزوجتي مثلها؟!”
منى بضحكة استهزائيه: “لا يا عمر، إنني لست بزوجتك فأنا أم الأولاد؛ وبالمناسبة أنت من قسمت كل شيء بيننا، أنا لم أضف شيئا من عندي”…..
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصة أم الأولاد كاملة (الشرع حلل أربعة) ج1
قصة أم الأولاد (الشرع حلل أربعة) الجزء الثاني
قصة أم الأولاد (الشرع حلل أربعة) ج3
قصة أم الأولاد (الشرع حلل أربعة) ج4
قصة أم الأولاد (الشرع حلل أربعة) ج5