إن للعمل قيمة لا يمكن حصرها في جانب واحد أو جانبين، فالعمل هو الشيء السامي الذي يجعل للحياة معنى أجمل.
العمل ضرورة من ضروريات الحياة والتي لا يمكن الاستغناء عنها، والعمل لا يقتصر على السعي وراء الرزق وحسب بل هو حياة.
قصــــة النملة والصرصور
يحكى أنه في إحدى الغابات كانت هناك نملة صغيرة للغاية ولكنها مجتهدة بأضعاف الأضعاف، كانت تقدر العمل فتكد وتتعب طوال فصل الصيف، وتقوم جاهدة بتخزين الطعام الكافي لها لطوال فصل الشتاء القارص البرودة حيث لا يمكن العمل خلاله ولا توفير البذور والثمار، تملأ أمطاره الغزيرة الطرقات فيصعب الخروج من الجحور به.
كانت هذه النملة المجدة تقوم بكل أعمالها لدرجة أنها لا تترك شيئا للظروف، تفعل كل ما عليها ولا تنتظر دعما من أحد؛ وكانت هذه النملة وشخصيتها الجميلة بخلاف الصرصور الذي كان يسكن بجوارها والذي يمتلك شخصية مستهترة فلا يحسن فعل شيء سوى اللعب واللهو والغناء والرقص.
جاء فصل الشتاء بكل ما يحمله من معاناة للحيوانات والحشرات، وذات ليلة كانت شديدة البرودة كانت حينها تجلس النملة الصغيرة بالقرب من المدفأة على كرسيها وتقرأ كتاباً قيماً، وبينما كانت النملة الصغيرة مستمتعة بقراءة الكتاب الشيق إذا بها تسمع أصوات طرق على باب منزلها، فهرعت للإجابة حيث أن الصوت كان يزداد بشكل ملحوظ للغاية ومقلق…
النملة: “من الطارق؟!”
الصرصور: “إنني أنا صرصور يا جارتي نمولة العزيزة”.
النملة وكانت تفتح الباب: “ما بكَ؟!”
الصرصور: “يا جارتي النملة العزيزة يا مثال الجد والاجتهاد في العمل، ومثال العطاء والوفاء للأصدقاء ومثال أكبر لمراعاة ظروف الجيران، وأنا أحد جيرانكِ اللطفاء وقد أخذ الجوع جزءاً من قلبي فهل تعيرنني بعضا من طعامكِ، وأعدكِ أن أعيده لكِ فور قدوم فصل الصيف؛ فكما تعلمين أننا بفصل الشتاء ويصعب فيه جمع الطعام والخروج من المنزل، كما تعلمين أنني انقضى علي فصل الصيف ولم أدرك يوما صعبا كهذا يمر علي، لم أجهز ليوم مثل هذا، ولم آخذ بنصيحتكِ التي أسديتها لي، إنني أعلم كل شيء”.
النملة: “إنك لم تعلم شيء بعد، ولم تتعلم الدرس بعد، ألم أخبرك مراراً وتكراراً طوال فصل الصيف بينما كنت أذهب كل يوم وأخرج بحثاً عن الطعام أن تذهب وتجمع طعامك وتخزنه استعداداً لفصل الشتاء مثلي، ألم أحذرك من عواقب تأجيل عمل اليوم للغد، وبماذا كنت تجيب علي؟!”
نظر الصرصور للأرض وقال: “لقد كنت أخبركِ بأننا لا نؤجل عمل اليوم للغد في حين يمكننا تأجيله لبعد بعد الغد”!
النملة: “وماذا جنيت من أفعالك؟!، هل أفادك اللهو بشيء الآن؟!”
الصرصور: “لم يعطني اللهو واللعب إلا الندم والحسرة على الأيام الطويلة التي لم أستثمرها وضيعتها في الهفا، وها أنا الآن أدفع ما قدمت يداي من جوع وتألم”.
النملة: “إنني لا أوبخك يا صرصور، ولا أقسو عليك ولكنني أتأكد من أنك قد تعلمت الدرس، اسمعني للمرة الأخيرة إنني لم أجتهد وأكد في العمل طوال فصل الصيف طويل الأيام وقاسي الظروف حتى أعطيك ما صنعته بيداي بصورة سهلة سلسلة، كما تعلم أن كل ما جمعته من طعام ومؤن ستكفيني بالكاد طوال فصل الشتاء، ولكني لن أدعك ترجع من منزلي خاوي اليدين، سأعطيك من طعامي ما يكفيك ويهيئك للبحث عن طعام في الصباح، وسأخبرك عن موقع به قصب السكر يمكنك الذهاب إليه في الصباح وأخذ ما تريد”.
صرصور: “لا أعرف كيف أشكركِ يا نملة، ولكن ألا يمكنكِ أن تعطيني من طعامكِ ما يكفيني طوال فصل الشتاء، ولا تقلقي سأرد كل ما سآخذه منكِ بمجرد حلول فصل الصيف”.
النملة: “بالتأكيد لن يمكنني فعل ذلك، لم أجد طوال الشهور الماضية لأتعب وأعاني من الجوع في حين أنك ما زلت تتكاسل عن العمل يا صرصور”.
وبالفعل أعطته ما يمكنه أن يمنع عنه ألم الجوع حتى حلول الصباح، وفي الصباح خرج الصرصور للحقل وبدأ في جمع ما يكفيه من طعام حتى يومه وليلته.
تعلم درسا قاسيا في أهمية العمل والاعتماد على النفس، تعلم أن الكسل لن ينفعه واللعب لن يكسبه إلا الندم والألم والحسرة الشديدة.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصة الحمامة والنملة مشوقة من اروع قصص الاطفال
قصة الفيل والنملة والعبرة من وراء أقبح الصفات ألا وهي صفة الغرور
قصة النملة من أفضل القصص التعليمية للأطفال ج1
تحياتي لكم و أشكركم جزيل الشكر