قصة بقرة بني إسرائيل ج5
لقد بين الله لنا سبحانه وتعالى سبل الهدى والرشاد، وحذرنا من جميع سبل الغواية والضلال، ومن أشد المحرمات قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، فبين أنه إثم كبير، وأنه ذنب لا يغتفر، وقد وقع في ذلك الإثم قابيل أحد أبناء سيدنا “آدم” عليه السلام عندما قتل أخاه “هابيل” بسبب حقده وحسده لأخيه.
وها هي جريمة قتل ثانية يسطرها القرآن الكريم في آياته، ألا وهي قضية مقتل شاب من بني إسرائيل لعمه الثري رغبة في اقتناء أمواله وابنته من بعده.
قصـة بقرة بني إسرائيل الجزء الخامس
البقرة الأولى: “كل ما أتمناه الآن أن أنام”.
البقرة الصفراء: “اذهبي إذا للنوم، وأشكركِ على وقتكِ يا صديقتي”.
البقرة الأولى: “ولكن حاذري يا صديقتي من الشرور التي تحيط بنا بكل مكان”.
البقرة الصفراء باستهزاء: “أي شرور تتحدثين عنها أنتِ؟!
وذهبت صديقتها للنوم بينما هي سارت في الهواء الطلق وتحت السماء المضيئة بالنجوم الوهاجة…
البقرة عندما شعرت بالتعب: “على ما يبدو أنني سرت كثيرا لدرجة جعلتني أشعر بالتعب، سأنام الليلة هنا لبعض من الوقت، فلن أتمكن من العودة لكل هذه المسافة التي قطعتها”.
وفي هذه الأحيان كان الشاب قد شرع في رحلة السفر للسبط الآخر بصحبة عمه…
العم: “ولكنني لا أفهم سبب إصرارك على الذهاب ليلا يا ابن أخي”.
الشاب: ” حتى نصل ليلا قبل الموعد ونستريح قبل مقابلة التجار”.
العم: “ولكنني قد أصابني التعب يا ابن أخي، وأريد أن أنام”.
كان في ظهره فأجر أداة حادة ورفعها، وطعن به عمه من الخلف وهو يقول: “اطمئن يا عمي ستنام، وستنام للأبد، الراحة الأبدية”.
صرخ العم باسم ابن أخيه؛ في هذه اللحظة سمعت البقرة الصفراء صرخته.
البقرة الصفراء: “إنه صوت صراخ لآدمي”، وما إن شخصت بصرها فرأت الشاب وكانت على علم مسبق باسمه.
البقرة الصفراء: “أهذا ما أراد قوله الصارخ (تقصد اسم الشاب الراكض بسرعة)، ولكن من قتل؟!، ولماذا قتله؟!، ألهذه الدرجة تمكن الشر من قلوب جنس البشر؟!، يا ليتني كنت أتمنى التحدث بلغة البشر”.
الشيخ العجوز لبقرته والتي بدا عليها الإنصات الشديد للقصة: “لعلكِ لا تفهمين القصة بعد، ولا تعلمين ما هي علاقة البقرة الصفراء بجريمة القتل التي ارتكبت، هذه البقرة الصفراء سيكون لها دور عظيم في كشف سر جريمة القتل هذه، والآن لقد حان وقت النوم بالنسبة إليكِ، أما عني فبالكاد يمكنني الاستعداد لصلاة المغرب، وبالغد بمشيئة الله سأكمل لكِ قصة البقرة الصفراء”.
وفي صباح اليوم التالي باكرا….
كان الشيخ العجوز يطعم الدجاج بأن يضع لهم الكثير من حبوب القمح ويراقبهم ليطمئن عليهم وهو يلتقطون الحبات من أماكنها؛ جاءته البقرة وقامت بشده من ملابسه، فقال الشيخ العجوز مبتسما: “صدقا لم أنسى نصيبكِ من الطعام، (ولا تزال تشده) ألهذه الدرجة أنتِ جائعة اعذريني إن كنت قد تأخرت عليكِ”، وهم وجلب إليها طعاما وفيرا، ولكنها لم تقربه.
فضحك قائلا: “أرى أنكِ ترغبين بشدة في استكمال قصة بقرة بني إسرائيل، لقد حدثتكِ أمس عن البقرة الصفراء التي كانت ملكا لفتى يتيم أوصاه والده قبل رحيله ألا يبيعها إلا عندما يشتد عضده، وذلك الفتى لكي ينفض التجار عنه ذكر لهم بأنه لن يبيعها إلا بوزنها ذهبا خالصا؛ وبقبيلة أخرى سولت لشاب نفسه فقتل عمه رغبة في أمواله وأن يتزوج ابنته الوحيدة مستغلا الخلافات بين قبائل بني إسرائيل حتى لا ينكشف أمره، ويتمكن من إلصاق التهمة زورا وباطلا بغيره ويأخذ دية قتل عمه منهم”.
البقرة الصفراء في نفسها ثاني يوم من ارتكاب الجريمة: “لقد أشرقت الأرض بنور ربها تعلن بداية يوم جديد، ولكنني قد جافاني النوم بعد الذي رأيته، كيف وصل بنو البشر لهذه الدرجة من الانحطاط؟!، أيقتل المرء منهم أخاه؟!، وعلام يفعل ذلك؟!، فنحن بنو البقر لا يمكن لأي منا أن يقتل الآخر حتى إذا ما تزاحمنا على الطعام والشراب، فكيف يفعل ذلك من هو أعلى رقيا من سائر المخلوقات؟!”
ذهب الشاب وأشعل النيران بصوته العالي ونبرة صوته الحزينة وكأن يداه لم تلوث بدماء عمه غدرا…
الشاب بالقرب من منزل عمه: “اشهدوا جميعا إنني لن أترك قاتل عمي يفلت من العقاب، لأجدنه ولأجعلنه حينها يتمنى الموت، إنني لن أتهاون في حق عمي، ورب موسى وهارون سأجعل جميع من بالبسط هنا يلقى جزائه إن كان له يد بموضوع مقتل عمي”.
كاد الناس يمسكون في بعضهم البعض لولا أن ابنة عمه (ابنة القتيل) هدأت من ابن عمها قائلة: “اهدأ يا ابن فوالله إنك لست بأكثر حزنا على فراق والدي مني، ولو أن النار المتقدة بداخلي علمت القاتل لأحرقته، ولكن والدي كان يدعو دائما للإصلاح بين الأسباط”.
الشاب بكل هدوء وسكينة: “وما نتيجة دعائه لهم جميعا بالإصلاح بينهم، لقد قتلوه”!
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص الأنبياء ابن كثير من باب ذكر قصة ابني آدم