قيل أن كل الجروح لها دواء إلا جرحين، جرح صديق قد خان، وجرح حبيب قال أحبك فوثقت به ثم غدر بك!
وأسوأ ما بالخيانة أنه لا تأتي من عدو على الإطلاق، وإنما تأتي من حبيب وأقرب الأقربين إليك، وربما عهدته طوال حياتك نصفك الآخر الذي لا يمكن أن يخون!
وهكذا هي الحياة تتوالي بأوجاعها وأحزانها وصدماتها، فلا تحزن على شيء، فكل ما دون الجنة فهو دون.
قصـــة اتقي شر من أحسنت إليه!
زوجة تتمتع بقدر عالٍ من الجمال، تمتاز بحنانها الزائد على كل من حولها، ولكنها أيضا في نفس الوقت انطوائية وكل ما يهمها بالحياة والدتها والوحيدة المتبقية من أهلها جميعا، وزوجها قرة عينها.
كانت حياتها طبيعية لأبعد الحدود، تتمتع بقدر كافٍ من الهدوء والسكينة والطمأنينة حتى جاء اليوم الذي طرقت عليها الباب جارتها التي تسكن أمامهما؛ وكانت هذه الجارة تدور حولها الكثير من الإشاعات من سكان العمارة وهذه الزوجة كانت تصدهن عن حديثهن عليها وتذكرهن بالله ورسوله الكريم.
في هذا اليوم توفي زوجها، فأشفقت عليها الزوجة واتصلت على زوجها ليأتي من عمله ويساعدا الجارة في الدفن والعزاء وكل هذه الأمور، كان هذا الموقف أول ما جمع بينهم جميعا، كانت الجارة تشعر بفراغ بعد وفاة زوجها، فأشفقت عليها الزوجة وأدخلتها بطريقة غير مسبوقة لمثلها حياتها.
فكانت الجارة دائمة التواجد معهما بمنزلهما وخارجه أيضا، حتى أن الزوجة كانت تأخذها لزيارة والدتها والتي كانت تعاملها كابنتها وتحاول أن تحنو عليها وتعوضها فقدها لزوجها السند الوحيد لها بكل الحياة.
وبعد عدة شهور مرضت الأم مرضا شديدا، تركت الزوجة زوجها ومكثت عند والدتها تقوم على رعايتها والاعتناء بها، كانت قد اقترحت على زوجها الذهاب معها والبقاء هناك بمنزل والديها ولكنه اعترض على ذلك، مرت عدة أيام قلائل ورحلت والدتها عن الحياة.
ومما أدهش الزوجة أن زوجها كان مثله مثل الغريب بعد وفاة والدتها، وأيام مرضها لم يأتي لزيارتها ولا مرة واحدة، وعندما عادت لمنزلها وجدته مستاءً وينتقدها في كافة ما تفعله، لدرجة أنه عنفها على لبسها الأسود حزناً على والدتها، جعلها تأخذها من جارتها عبرة والتي لم ترتدي على زوجها الأسود إلا لمدة خمسة عشرة يوما!
وجدت الزوجة أمراً غريبا من جارتها حيث أنها تجاهلتها ولم تأتي للعزاء في والدتها على الرغم من كل ما كانت تفعله معها، وذات مرة ذهبت ودقت الباب لتعلم ما الذي بها ولماذا تعاملها على هذا النحو؟!
فوجدتها ترتدي ملابس نوم جديدة ومتبرجة للغاية وكأنها عروس، تعجبت من حالها، وفوجئت أكثر عندما تحدثت إليها بشكل لا يطاق ولا يصدق، وبالأخير بينما أوشكت على طردها من منزلها سقطت على الأرض مغشيا عليها.
صدمت الزوجة واتصلت بالطبيب، وتجمع معظم ساكنات العمارة للاطمئنان على جارتهن ومساعدة الزوجة، وعندما أخبرهن الطبيب أنه لا داعي للقلق وأن كل ما حدث معها بسبب الحمل!
انصرفت جميع الساكنات بعدما استنكرن فعلتها وأخبرن الزوجة أنهن كن على حق وصواب عندما كن يتحدثن عنها، وبالأخص بعدما توفي زوجها كن يلحظن أناس غريبة عن العمارة يصعدن إليها بأوقات متأخرة من الليل.
انفجرت فيهن الزوجة وأعلمتهن أنها من المحتمل أن تكون قد تزوجت في السر ولذلك هي حامل، وأحثتهن على حسن الظن بها؛ وما كان جزائها من جارتها عندما استيقظت إلا أنها قامت بطردها من منزلها!
عادت لمنزلها حزينة تسكب الدموع، وعندما عاد زوجها أعلمته بما حدث من جارتها والتي اعتبرتها صديقتها، وكانت ردة فعله عنيفة حيث أخبرها بضرورة انتقالهما للعيش بمنزل والدتها في الحال، وأن مثل هذه الجارة وسمعتها السيئة سيؤثران على كل من بالعمارة، وهو لا يرضيه أن يمس أحد زوجته بسوء ولو بكلمة واحدة.
وبالفعل انتقلت الزوجة لمنزل والدتها تنفيذا لرغبة زوجها، وبعد عدة شهور كانت تتسوق وفوجئت بإحدى جاراتها السابقات والتي كانت باحت لها بأمر خطير، اكتشفت منها الزوجة أن زوجها قد تزوج عليها جارتها وأنها حامل منه، وكيف أنها بكل طيبة قلبها رضيت على نفسها مثل هذا الوضع؟!
ذهبت الزوجة لمنزلها القديم لتتأكد من المعلومة، وبالفعل بمجرد أن دقت الجرس فتح لها الباب زوجها!
ومن بعدها خرجت جارتها وقد كبرت بطنها، لم تتفوه الزوجة بكلمة واحدة من أثر الصدمة، ولكن عندما هم زوجها بإمساكها لمعرفة ما أصابها ومحاولة تخفيف حدته عليها، صرخت في وجهه قائلة: “ابعد يدك عني، ولا تتجرأ مرة أخرى على لمسي، ولا أريد منك إلا شيء واحد ورقة طلاقي”!
رسمت الابتسامة على وجه جارتها، فتقدمت الزوجة نحوها بعدة خطوات: “لي ربي وسيأتي لي بحقي منكِ”.
وبالفعل أصرت الزوجة على الطلاق وحصلت عليه، وعندما أتمت جارتها شهور حملها وحان وقت الولادة، كان الجزاء حيث انفجر رحم الجارة واضطر الأطباء لاستئصاله، وولدت مولودا في غاية الجمال ولكنه فارق الحياة بعد أسبوع من ولادته.
أيقن الزوج أنه ذنب زوجته، فطلق جارته والتي أوقعت به في شركها، وعاد لزوجته يتوسل إليها تسامحه ولكنها أعرضت عنه، وآثرت البقاء عزباء طول حياتها دون الرجوع إليه.
ولكنها تزوجت من طبيب عملت عنده، فأعجب بشخصيتها وبوفائها وطيبة قلبها، وعلى الرغم من رفضها الزواج به في البداية للفروق الشاسعة بينهما إلا إنه استطاع أن يحملها على الموافقة عليه ونسيان كل ما بينهما.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصة حلوة عن عوض الله سبحانه وتعالى من قصص وعبر
قصة وعبرة جميلة ورائعة عن التفاخر والتباهي
قصص وعبر لعله خير بعنوان الطماع وأخوه القنوع ونهاية كل منهما
ممكن اخذ قصه واذكر اني اخذتها من موقعكم