قصة حمار العزيز من قصص القرآن الكريم بقلم : محمد عبد الظاهر المطارقي
يسعدنا ان نحكي لكم اليوم في هذا المقال من موقع قصص واقعية قصة حمار العزيز من القصص التي وردت في القرآن الكريم لما بها من حكم ومواعظ رائعة، ننقلها لكم بقلم : محمد عبد الظاهر المطارقي وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : قصص الأنبياء .
قصة حمار العزيز
إنه العزيز احد ابناء بني اسرائيل وبطل هذه القصة العجيبة، كان من اكثر الناس في زمانه تمسكاً بالتوراة وهو احد الكتب السماوية نزل علي نبي الله موسي عليه السلام، كان العزيز يحفظ التوراه عن ظهر قلب ويقوم بتدريسه للناس يعلمهم ويعرفهم الحلال من الحرام، والعزيز كان من المقربين الي قلوب المؤمنين من اليهود لأنه بجانب حفظه للتوراه كان ايضاً رجلاً صالحاً مستجاب الدعاء، فكان المرضى الذين اصابهم بلاء يذهبون اليه ويطلبون منه ان يدعو الله لهم بالشفاء فيفعل كما انه كان يعطف علي الفقراء والمساكين ويمنحهم من ثمار بستانه .
خرج العزيز راكباً حماره متوجهاً نحو البستان ، كان الصباح صحواً والنسيم العليل يداعب وجهه ويتخلل لحيته الكثيفة التي تزين وجهه الجميل، دخل العزيز البستان وراح يقوم بلاعمال المعتادة كسقي الاشجار وتقليمها والاطمئنان علي الورود، والبستان كان حافلاً بانواع عديدة من الاشجار والازهار، امسك العزيز سلة وراح يقطف من ثمار التين ثم امسك بسلة اخري وراح يقطف بعض عناقيد العنب .
كان من عادة العزيز ان يتأمل عظمة الخالق، فيتأمل الاشجار كيف كانت حبة صغيرة ثم صارت شجرة ضخمة ويتأمل الثمار المختلفة، الارض التي تطرح هذه الثمار المتنوعة واحدة والماء الذي تسقي به واحد، فما بال الثمار تختلف في الطعم واللون ؟ ها هو العزيز ينظر الي السماء الصافية والمياة الجارية والطيور التي تضرب بأجنحتها الهواء، إنه دائم التأمل في ملكوت الله .
كان الحمار يحمل علي ظهره رجلاً صالحاً تقياً إنه العزيز، والعزيز يحمل بين يديه طعامه وشرابه من التين والعنب، والمسافة التي يقطعها الحمار بين البستان وبيت صاحبه طويلة، والشمس في الأفق البعيد قد اشتد لهيبها وراحت ترمي الأرض بحممها القاسية، حتى أن حبات العرق الغزيرة راحت تتساقط من وجه العزير أما الحمار المسكين فكان يلمع وكأنه خرج لتوه من النهر.
نظر العزیر، فإذا بقرية مهجورة، لايعيش فيها أحد . غمز العزير حماره ومال به نحوهذه القرية الحاوية على عروشها . نزل العزیر عن حماره وتمدد في ظل أحد البيوت المتهالكة يلتقط أنفاسه ويمسح حبات العرق المتساقطة على وجهه. أحس العزير بالجوع فأخرج سلة التين، وسلة العنب.. ثم أخرج قصعة كان بها بضع لقيمات جافة، ثم راح يعصر العنب في القصعة ويضع فيها الخبز حتى يلين ويسهل أكله. أما الحمار فقد تمدد هو الآخر في ظل جدار متهالكا وقد أحس بالراحة والرغبة في النوم.
رفع العزير وجهه نحو تلك البيوت القديمة المتهالكة، وقال النفسه: «سبحان الله، أليست هذه القرية الساكنة سكون الموت، كانت يوما ما تنبض بالحركة والحياة، أهلة بالسكان، عامرة بالخيرات. ها قد صارت مقابر، بيوتها متصدعة، أسقفها ساقطة، يغلب عليها الوحشة والرهبة. أهلها صاروا عظاما نخرة، ها هي العظام تطل عليه من بين الحجارة والصخور هز رأسه وقال لنفسه وهو يتأمل تلك العظام. أني يحي هذه الله بعد موتهاء ما كادت تلك الكلمات تدور بخلده حتى أرسل الله إليه ملك الموت فقبض روحه في الحال. لقد مات العزير.. ومات الحمار .
لما طال غياب العزيز وراح الناس يبحثون عنه في كل مكان، ذهبوا الي البستان فلم يجدوه وعلي طول الطريق قالوا لعله هنا وهناك وسيعود، لكن الايام مرت ولم يعد العزيز والسنوات مرت ولم يعد العزيز .. عشر سنوات .. عشرون سنة .. مائة سنة ، نسيت الناس العزيز فقد مضي علي غيابه مائة سنة كاملة هو وحماره .
اراد الله عز وجل ان يبعث العزيز من موته ليجعله آيه للناس.. الناس الذين لا يؤمنون بالبعث. أرسل الله ملكا إلى العزير ليرد إليه الروح بأمر الله، ثم ساله – کم لبثت، قال العزير – لبثت يوما.. ثم نظر إلى الشمس في السماء فوجدها في طريقها اللغروب، فقال العزير – أو بعض يوم.، لكنها كانت مفاجأة حين قال له الملك – بل لبثت مائة عام، انظر الى طعامك وشرابك لم يتغير ولم يفسد. نظر الغزير فإذا بعصير العنب، وسلة التين كما هي لم يحدث لها شيء. كانت نظرات الدهشة ترتسم على وجه العزير قال الملك = انظر إلى حمارك. نظر العزير الى حماره فإذا بعظامه قد بليت وصارت تخرة. نادي الملك عظام الحمار فأجابت وأقبلت من كل ناحية، حتى صارت هیکلا عظميا، ثم صارت حمارا قائما على حوافره، حمارا من لحم ودم راح ينهق بصوت مرتفع قال العزير بقلب الرجل المؤمن، الذي يعلم عظمة ربه. – أعلم أن الله على كل شئ قدير.
لما عاد العزير الى قريته، بعد أن أحياه الله عز وجل، أنكره الناس ولم يصدقوا أنه هو العزير لكنه أكد لهم ذلك، وأثبت لهم أنه العزير قالوا له: إن التوراة ضاعت من بيننا وكان العزير يحفظها في صدره قال لهم نعم، ثم تلاها جميعها. قالت امرأة عجوز، عمياء، لا تستطيع المشي: أدعو الله لي أن يرد على بصري فإنني أعرف العزير فدعا الله فإذا بها قد أبصرت، وقامت تمشي على أقدامها . نظرت إليه وراحت تتأمل وجهه، هتفت من قلبها؛ – نعم، إنه العزير، العزير.. آمن الناس أنه العزير وصدقوا قصته لكن البعض منهم قال: – العزير هذا ابن الله، لأنه أماته ثم أحياه. إنهم اليهود الذين يفترون على الله الكذب. ( قل هو الله أحد، الله الصمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد).
قصه سيدنا يوسف