قصة صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه من صحابة رسول الله
يسعدنا ان نقدم لكم اليوم في هذا المقال من موقع قصص واقعية قصة صهيب بن سنان الرومي من قصص صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم ونتمني ان تنال اعجابكم ، ننقلها لكم بقلم : محمد عبد الظاهر المطارقي وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : قصص وعبر .
قصة صهيب بن سنان الرومي
مع أول خيط أبيض يبشر بالصباح، بدأ في التحرك، السكون يلف مكة، والنعاس لا يزال يهيمن على بيوتها، مضى حذرا يتلفت وقد يمم وجهه شطر دار الأرقم بن أبي الأرقم، وفي سرعة وخفة استطاع أن يصل إلى هناك، فوجد «عمار بن ياسر» يقترب هو الأخر من الباب .
كان يعرفه من قبل، تردد لحظة ثم دنا منه، وقال: ماذا تريد يا عمارة -نظرإليه عمار يتأمل ملامح وجهه ثم هز رأسه وقال له: ابل ماذا تريد أنت؟ – ليس ثمة وقت، وهو يعرف عمار جيدا، أومأ برأسه نحو دار الأرقم وقال في لكنته الرومية المعروفة أردت أن أدخل على هذا الرجل، فأسمع منه ما يقول ابتسم عمار وهز رأسه في اطمئنان قائلا وأنا أريد ذلك أيضا إذن ندخل معاً علي بركة الله .
دخلا الرجلان علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وراحا يستمعان إليه في تشوق، فأشرق نور الإيمان في صدريهما، وتسابقا في مد أيديهما إليه، وشهدا أن لا اله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله ثم أمضيا سحابة يومهما عنده ينهلان من هدية، وينعمان بصحبته، ولما أقبل الليل وهدأت الحركة خرجا من عنده تحت جنح الظلام وقد حمل كل منهما من النور في صدره ما يكفي لإضاءة الدنيا بأسرها. كانت الدعوة لا تزال سراء بيد أن مشركي مكة قد اكتشفوا هذا الأمر، فراحوا بكل ضراوة ينكلون بالمسلمين الذين اعتنقوا هذا الدين الجديد، كان صناديد مكة يصبون العذاب فوق هؤلاء الضعفاء ريثما يعودون إلى ملتهم، ولكن هيهات، فأي قوة تلك التي تستطيع أن تحرك تلك الجبال الراسيات، لقد تمكن الايمان من هذه القلوب فصارت اشد من جبال مكة .
يا للأقدار، لقد كان يعيش مترفا، أميرا، نبيلا، يخيم على حياته النعيم، فقد كان أبوه حاكم الأيلة وعاملا عليها لكسرى، وكان يعيش معه ابنه الصغير في قصره المنيف، الذي يطل على شاطئ الفرات، مما يلي الجزيرة والموصل كان أبوه من بني نمير وأمه من بني تميم »، انه عربي حتى النخاع، عربي أصيل رغم صغر سنه، ورغم الأحداث السريعة المتتابعة التي أدمت قلب والديه حين تعرضت البلاد لهجمة رومية، أسرت فلذة كبدهما، وانقطع خبره عنهما، في بلاد الروم ذاقت طعم الإذلال، والعبودية، تنقل من سيد إلى آخر، شاهد الظلم بعيني رأسه وهويتساقط فوق رؤوس الناس، تمنى الخلاص والعودة إلى قصر أبيه الذي كان يعده منذ نعومة أظفاره لكي يصبح حاكما على تلك البلاد، لعله يحلم، وسوف يصحو من نومه لينقشع هذا الكابوس الأحمق، فيعود الي شرفات قصره يطل على السماء الصافية، ويتأمل الفرات وهو يتحرك أمامه كطفل متوقد الحركة، لكنها الحقيقة المرة، ها هو الواقع بكل قسوته وحدته يتجسد أمام عينيه .
لا مفر لكن الكلمات التي سمعها من ذلك الكاهن النصراني لا تزال تتردد في أذنيه لقد أطل زمان يخرج فيه من مكة في جزيرة العرب نبي، يصدق برسالة عيسى ابن مريم، ويخرج الناس من الظلمات إلى النور نعم كانت الكلمات بمنزلة البلسم الشافي، كلما تمعن في الكلمات وجد جسده ينتفض، إن ثمة إحساسا غريبا يلامس أوتار قلبه، هل من الممكن أن تنتهي هذه الأيام الحالكة، وتتكحل عينه برؤية هذا النبي، ولكن أين؟ ومتى؟ وتمرالايام ويتخلص من الاسر لينطلق نحو مكه يحدوه الأمل في تحقيق حلمه القديم .
اشتهر صهيب في مكة بالرومي لهيئته ولكنته، فقد كان أحمر، شديد الحمرة، كثيف شعر الرأس، متوسط الطول، كلامه يشبه أولاد الروم من طول معاشرته لهم، لكنه كان يرد على أهل مكة أنا لست روميا كما تظنون، بل أنا عربي ابن عربي وامي أيضا عربية، أنا لا يمكن أن أنسي جذوري أبداء فلا يسعهم إلا الضحك، وإصرارهم على أنه «رومي كان يتمتع بالذكاء الشديد ، وروح الدعابة، فاستطاع أن يجمع ثروة كبيرة بعمله في التجارة ومشاركته لعبدالله بن جدعان، كما اشتهر بين أبناء مكة بقدرته الفائقة على التصويب بالنبال، وإصابة الهدف مهما كان بعيدا .
ولما هاجر النبي ول من مكة إلى المدينة، حاول أن يلحق به لكنه لم يستطع، فقد كان أحد الذين يلاقون الأهوال من رؤوس الكفر بمكة، منعود، وحاصروه، بل وحددوا اقامته داخل بيته، وجعلوا علي بابه بعض الفتيات يمسكون بالسيوف لكن روحه تهفو نحو حبيبه محمد صلي الله عليه وسلم فحاول مرة بعد مرة حتي استطاع ان يحتال عليهم وينطلق فوق صهوة جواده نحو المدينة، لكنهم اكتشفوا أمره، فتبعه نفر من قريش حتى اقتربوا منه، فنزل عن راحلته وانتشل ما في كنانته ثم زمجرقائلا يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماکم رجلا، وأيم الله لا تصلون إلي حتي أرمي بكل سهم معي في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، افعلوا ما شئتم قالوا له:۔ أتيتنا صعلوكا حقيرا، فتغير حالك. قال لهم: إن شئتم دللتكم على مالي وثيابي بمكة وخليتم سبيلي قالوا: نعم. لقد ملأ نور الايمان قلبه، فأحس أن مال الدنيا ونعيمها كله لا يساوي شيئا بجوار نظرة واحدة الى وجه حبيبه المصطفى ، والاستماع إلى كلامه العذب، فأعطاهم كل ما يملك ثم انطلق في سرعة البرق نحو المدينة فلما رآه النبي صلي الله عليه وسلم ابتسم له قائلاً : ربح البيع ابا يحيي، ربح البيع ابا يحيي .