لقد خلقنا الله سبحانه وتعالى بفطرة بطبيعة اجتماعية، لا نقوى على العيش إلا في جماعات.
لا يمكن للإنسان أن يعيش دون تواصل مع غيره، وعلى هذا فإن الإنسان يحتاج للتعاون مع غيره من أجل تحقيق حياة اجتماعية مستقرة.
والإنسان يمكنه بمفرد أن ينجز ويحقق القليل، ولكن بتعاونه مع غيره بإمكانهم تحقيق النجاح.
قصـة عن التعاون والعمل الجماعي
بيوم من الأيام كان هناك شيخا عجوزا يسكن دارا متهالكا تكاد تسقط على رأسه، ولاسيما عندما تمطر السماء كل أهل القرية يتوسلون إليه ليترك منزله المتهالك وينزل ضيفا في منزل أحدهم إلا إنه كان دوما يأبى، ويصر على بقائه بداره وإن لزم الأمر فارق الحياة تحت أنقاضه.
وللقصة أسباب خفية، للشيخ العجوز خمسة من الأبناء الأقوياء، كانوا جميعهم يدا واحدة تجتمع في الحق لتقويه، وتجتمع على الباطل لتدحضه، كبر الأبناء سويا بهذه الخصال الحميدة، ولم يفترقوا عن حضن أبيهم الشيخ العجوز حتى جاء اليوم الذي تزوج فيه الابن الأكبر من فتاة كان همها الأول والأخير أن تقتلع زوجها من أبيه وإخوته.
تعددت أساليب الفتاة واختلفت طرقها، وبالفعل تمكنت في قليل من الوقت أن تفرق بين الإخوة، ولأول مرة منذ أن خلقوا بالحياة افترقوا عن بعضهم البعض، رحلوا عن المنزل الذي كان يأويهم، عمل كل منهم بجد واستطاع بناء منزل لنفسه.
حاول كل واحد منهم أن يأخذ والده الشيخ العجوز بمنزله إلا أن الوالد أصر على البقاء بمنزله، لقد كانت لديه رؤية، وهي توحيد صفوف أبنائه مرة أخرى وإعادتهم لسابق عهدهم يدا واحدة، يده التي يبطش بها، يد تدحض الباطل وتنتصر عليه، لذلك مكث في المنزل المتهالك، بل كان يدعو الله سبحانه وتعالى في ركوعه وسجوده أن يعيد إليه أبنائه، وأن يهدم المنزل حتى يعود رباطهم قويا من جديد.
وذات ليلة هبت رياح عاصفة، هطلت أمطار غزيرة إثرها، وبالفعل هم الكثير من أهل القرية لإخراج الشيخ العجوز ولكنه كعادته أبى وأصر على الصمود على موقفه، لم يرى أهل القرية أنسب من بعث رسول لكل من أبنائه الخمسة.
وعندما علم أبنائه ما يمكنه أن يحدث بأبيهم هرولوا إليه بأقصى ما لديهم من سرعة، اجتمع الخمسة من جديد، وكل واحد منهم بزوجته غير أن الأخ الكبير أبت زوجته ومنعت أبنائها من الذهاب لعون جدهم الشيخ الكبير.
عندما رآهم العجوز مجتمعين مرة أخرى ومتعاونين في إخراجه من المنزل، عاد الفرح لقلبه من جديد، لم يعد مصدقا لعينيه، وظن العجوز أنهم فعلوا ذلك ليخرجوه من المنزل الآيل للسقوط فوق رأسه، ولكنه عندما وجد منهم تعاونا مضى عليه سنوات طوال، كانوا قد جددوا تعاونهم في هدم وبناء منزل والدهم من جديد، بل وسكنوا جميعهم معه في المنزل الذي قاموا بتوسعته ليسعهم وزوجاتهم وأبنائهم الصغار.
حاول الأخ الأكبر إعادة زوجته لمنزل والده والذي أًبح جديدا بتعاونهم سويا، إلا أن الزوجة لم ترد ذلك وكرهت الزوجة عودة زوجها لأبيه وإخوته، حاولت جاهدة وبهذه المرة استخدمت أبنائها للضغط على زوجها، فخيرته إما هي وأبنائهما وإما والده العجوز الهرم وإخوته الذين باعوه وتخلوا عنه.
جاءتها الإجابة من أبنائها، لقد أمسك الابن الأكبر بيد أبيه وتبعه إخوته، وذهبوا جميعا لمنزل الجد وأعمامهم وأبناء أعمامهم وزوجاتهم أيضا.
ولما أصرت الزوجة سيئة الطباع سوداء القلب على رأيها أتاها الرد الناري من زوجها، لقد طلقها وأعطاها كل حقوقها، وعندما أصرت على أخذ أبنائها منه أبوا الأبناء أنفسهم، وأعلموها برغبتهم بالعيش مع والدهم وجدهم.
لقد كان الأبناء على دراية بأساليب والدتها والتي حتى بعد انقطاع زوجها عن أهله لم تكف عنها، قام الشيخ العجوز بتزويج ابنه الأكبر من فتاة متزنة رحيمة القلب، قامت على رعاية أبنائه والاهتمام بزوجها وتعويضه عما فقده من اليوم الذي تزوج به هذه المرأة الجبارة.
مر عقد كامل على الشيخ العجوز وأبنائه الخمسة أمام أعينه، عادوا لتعاونهم وحرصهم الشديد على بقائهم سويا وتشابك أيديهم ببعضهم البعض.
لقد حرصوا الآباء أيضا على غرس كل هذه الصفات الحميدة في أبنائهم منذ الصغر، وكانوا حريصين أيضا على غرسها بنفوس زوجاتهم أولا حتى لا يحدث ما حدث منهم مسبقا.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
3 قصص للأطفال حول التعاون تربوية هادفة
قصص الانبياء عن التعاون من قصص الانبياء في القران
قصص للاطفال عن التعاون الصفة الخلقية السامية، من أجمل القصص لا تفوتها