إن الإدمان من المشكلات العظمى المستعصية التي تواجه المجتمعات.
والإدمان هو عدم القدرة النفسية والجسدية أيضا على التوقف عن تعاطي مادة معينة، سواء أكانت مادة كيميائية أو حتى عقاقير طبية غير قانونية.
يصاب المدمن بالهوس في حصوله على تلك المواد التي يتعاطاها، وبإمكانه حينها عمل ما لا يمكن توقعه منه على الإطلاق لحصوله على تلك المواد وتلبية رغبات جسدية التي باتت أسيرة لهذه المواد المسممة لسائر جسده.
مدمن متعافي يروي تجربته مع الإدمان
شاب أربعيني يحكي تجربته المريرة مع المخدرات، بدأ قصته منذ زمن بعيد منذ أن كان طفلا صغيرا لديه شغف بتجربة كل ما هو جديد، لقد كان لديه حب التشويق والإثارة، لا تعترف شخصيته القوية المقاتلة إلا بكل ما هو مثير، ولا يعرف طريقا لكل ما هو تقليدي.
يحكي الشاب ويخبرنا بأنه نشأ في أسرة متدينة للغاية، كانوا أربعة إخوة، ثلاثة أبناء وابنة واحدة، وجميعهم تربوا بنفس المنزل على أسس تربوية لوالد محب وأم حنون، تعلموا تعليما جادا، فأصبحوا أربعتهم أطباء ومهندسين، لقد كان الشاب مهندسا مدمنا، هكذا وصف نفسه.
يحكي ويقول بداية رحلته كانت عندما أراد تجربة المخدرات نفسها، فوجد نفسه انغمس بها ووصل لقاع القاع، كان حينها ببداية مرحلة المراهقة، وانغمس ولم يستطع أن يتوقف عن ذلك، وكلما مر بصنف جديد من المخدرات وجد نفسه جربه وانغمس به أيضا، كان حاله لا يرضي والته والتي زهقت روحها وأصابها الإعياء والمريض الشديد جراء أفعال ابنها الذي تراه يودي بنفسه للهلاك يوما بعد يوم.
من أصعب المواقف التي مر بها الشاب:
يحكي الشاب أنه ذات مرة من أجل حصوله على الأموال اللازمة لشراء المخدرات كان يقوم بسرقة دواء والدته والذي كانت تحضره لها شقيقته الطبيبة، ويقوم بإعادته للصيدلية ويحصل على الأموال؛ ومن أصعب ما مر به لدرجة أنه دمعت عيناه وعجز لسانه عن النطق بها عندما ذكر أنه قام ببيع أنبوب الأكسجين الخاص بوالدته عندما لم يجد دواءا لبيعه.
والمرة التي كان سردها صعب على نفسه أنه عندما دخل غرفة نومة ابنته الصغيرة والتي كانت حينها تبلغ من الغمر ثلاثة سنوات، وقام بشد الحلق الذهبي من أذنيها فجأة، كل ما كان يريده حينها هو حصوله على الأموال من أجل شراء المخدرات السموم التي كان يسمم بها جسده؛ وعندما أوشك على الخروج يومها سمع زوجته تدعي عليه بالموت حتى يستريحوا جميعا من أفعاله!
يحكي الشاب أيضا أنه كان يستخدم ابنه المولود لم يكمل شهورا من عمره بعد أثناء شراءه المخدرات ليقوم بوضع المخدرات بملابسه حتى لا يتمكن أحد من كشف أمره، وبالتالي يمر من كل لجنات التفتيش بكل سهولة ودون قلق.
موقف الشاب مع بائع المخدرات والمورد لها:
يحكي الشاب أنه كان أحب الناس إليه، لقد كان يذهب لمنزله ويقوم بخدمته وكأنه عبدا له، كان لا يمكنه أن يعصي له أمرا، وصل به الحال أنه كان يتاجر بالمخدرات لأجله حتى يعيطه بعضا منها، كان يحرض أصدقائه ضعاف النفوس حتى يتمكن من جذب أكبر عدد ممكن وبالتالي الإفادة كلها للتاجر.
لقد تمنى الشاب أن يفعل لأجله أي شيء يمكنه من التقرب من التاجر والمورد، كان لا يرفض أي طلب يطلب منه مهما كلفه.
تغيير جذري وموقف مصيري:
يحكي الشاب أنه تعرض لموقف لم يستطع نسيانه ولا إزالته من رأسه مهما حاول، كان بذلك اليوم قد تحصل على المخدر، وكان حينها في أمس الحاجة لأخذه، وعلى الفور دخل الحمام بمنزله ونظرا لكونه على عجلة من أمره ترك الباب مفتوحا، كان يبحث عن مكان فارغ بجسده ليضع به الإبرة، ولكنه لم يجد!
كان يبحث بسائر جسده كالمجنون، وإذا به يجد أمامه ابنه الوحيد والذي اشتد قليلا، وجد نظرة بعيني ابنه رأى بها رعب الدنيا والآخرة في آن واحد.
في هذه اللحظة رأى مدى الحقارة التي أوصل بها نفسه، يحكي عن كم الخسائر التي خسرها طوال حياته منذ أن تعرف على المخدرات، ومهما بلغ عظمها إلا أنها لا تقارن بمدى سوء النظرة التي رآها بعيني ابنه الصغير حينها.
وفي هذه اللحظة قرر الشاب أن يتوقف نهائيا، بكل الأموال التي بجيبه قام بعمل جلسة تنظيف للسموم، ولم يكن ليملك الأموال التي تمكنه من الذهاب لأحد مراكز العلاج، ولكنه بعزيمة قوية وإصرار تمكن من تحدي عجزه وضعفه واستطاع أن يكف نفسه عن تعاطي المخدرات.
تحول من شخصية لشخصية أخرى، بل وأصبح يذهب لكل الاجتماعات ليساعد كل من يريد المساعدة للتوقف عن داء العصر.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
جعلونى مدمنا قصة مؤلمه عن عاقبه تعاطي المخدرات بقلم منى حارس
نهاية مدمن المخدرات قصص محزنة للغاية
قصص عن سموم قاتلة قصص مدمني المخدرات