موعدكم الآن زوار موقع قصص واقعية مع قصة جديدة ممتعة ومفيدة فيها عبر ومواعظ دينية عظيمة عن اخراج الزكاة، استمتعوا معنا الآن بقراءتها في هذا المقال بشكل مناسب لجميع الاعمار، القصة منقولة بقلم الدكتور محمود نحاس وللمزيد من اجمل القصص يمكنكم زيارة قسم : قصص وعبر .
قصة يوم الحصاد
عاش صالح سعيداً مع زوجته وولديه عابد وأمين وكان يسكن في القرية التي فيها مزرعته، ولم يكن له عمل غير الزراعة التي ورثها عن ابيه، ولم يتلق صالح من التعليم الا التعليم الأولي الذي اتيح له في وقته لدي شيخ القرية حيث حفظ شيئاً من القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة ولم يلبث أن انخرط في العمل، ولكنه ما توقف عن تثقيف نفسه في حدود ما يتاح له من كتب شرعية تساعده على المضي في الحياة على الوجه الذي يرضاه الله.
وعندما شب ولداه لم يرد لهما أن يتوقفا عن التعلم، فزمانهما غير زمانه. ولذا فقد شجعهما على المضي في العلم لاسيما وأن القرية لم تكن بعيدة عن المدينة التي فيها المدارس والجامعة، وهكذا فقد درس عابد في كلية الزراعة وأخذ يطور الأساليب الزراعية في قريته، أما أمين فقد أصبح مدرسا في مدرسة القرية. وخلال فترة دراستهما لم ينقطعا عن مساعدة والدهما في عمله. فالزراعة تدر على الأسرة دخلا طيبا، وقد ألفا حياة الريف بعيدا عن صخب المدينة. وهكذا فإنهما بعد وفاة والدهما استمرا يعملان في المزرعة بأيديهما ولم يفكرا في النزوح إلى المدينة كما فعل غيرهما ممن تلقى تعليمه الثانوي أو الجامعي .
كان يوم الحصاد يوما متعبا. فقد بدأ العمل – كالعادة – بعد انقضاء صلاة الفجر، واستمر حتى المغرب. وما تخلل ذلك سوى فترات قصيرة من الراحة لاداء الصلوات وتناول شيء يسير من الطعام. وعندما جاء المغرب كان المحصول قد وضع في ثلاث اكوام، كومتان كبيرتان واحدة لعابد واخري لأمين، وكومة ثالثة اصغر هي حصة الزكاة التي ستوزع علي فقراء القرية وبعد صلاة المغرب هم أمين بالانصراف الي بيته فناداه عابد : اين أين ؟ اجاب : الي البيت، أليس متعباً ؟ – نسيت يا اخي قول الله تعالي : ” وآتوا حقه يوم حصاده ” سورة الانعام 141 – لا لم انس ذلك، ولكني متعب الآن وسنوزع الزكاة غداً – يوم حصاده يا اخي !! – نعم ولكن لماذا التمسك بالنصوص بهذا الشكل، انني لا اتهرب من توزيع الزكاة، إن التمسك بروح الدين الاسلامي والمطلوب وما هناك من فرق بين اليوم وغداً – نعم اوافقك علي هذا وعندي عليه دليل، الرسول صلي الله عليه وسلم عندما ندب اصحابه رضي الله عنهم لغزو بني قريظة بعد غزوة الاحزاب حثهم علي صلاة العصر في بني قريظة ففهم بعضهم أنه امرهم بالصلاة هناك، وما صلوا الا بعد أن وصلوا، واما آخرون ففهموا انها كانت للحث علي الاسراع فصلوا في الطريق عندما ادركهم وقت الصلاة، وما عاب بعضهم بعضاً ولا عاتب الرسول صلي الله عليه وسلم احداً من الفريقين .
-مادام الامر عندك كذلك، فدعنا نستريح اليوم ونواصل غداً .
– جميل ولكن من يضمن لي البقاء للغد ؟
– ان جاء الاجل فسيحاسبك الله علي نيتك .
– هذا صحيح ، ولكني اطمع في ثواب اكبر، اريد ثواب النية والعمل .
– أكثر الله من امثالك، ولكن اتتوقع ان يكون الناس كلهم مثلك ؟
– انني اريد ان آخذ بالعزيمة، ولا اجبر الناس عليها الا من باب النصيحة، فمن اخذ بها فالاجر له، ومن لم يأخذ بها لا انتقص دينه مادام متمسكاً بالاسلام .
– لقد افحمتني يا اخي وساذهب معك لتوزيع حصة الزكاة .
وما جاء وقت العشاء الا وقد فرغا من توزيع الزكاة علي فقراء القرية وبعد الصلاة انصرف كل منهما الي بيته، اما عابد فقد كان متزوجاً وقد وجد زوجته بانتظاره وقد أعدت طعام العشاء وأما أمين فلما يكن قد تزوج بعد، ولذا فإنه آثر أن يأوي إلى فراشة رغم الجوع، إذ لم يكن قادرا على اعداد الطعام. ولكن ما هي إلا لحظات حتى طرق بابه، ولما فتحه وجد ابن اخيه يحمل له طعاما. فأخذ الطعام وشكره .
تناول الطعام، ثم أوى إلى فراشة، ولكنه لم يستطع النوم، إذ تواردت عليه أفكار وخواطر: إن أخي ذو عيال، وحصته من المحصول مثل حصتي، أليس هو بحاجة إلى المال أكثر مني؟. نعم. ماذا أفعل إذا؟. إنه لن يقبل أن أعطيه شيئا ولو يسيرا من حصتي فما العمل؟ أما عابد فقد ذهب هو الآخر إلى فراشة وتظاهر بالنوم أمام زوجته، فهو الآخر قد انهالت عليه مشاعر وخواطر: إن أخي لما يتزوج بعد، وحصته من المحصول مثل حصتي، وهو بحاجة إلى المال أكثر مني، فالزواج هذه الأيام يتطلب كثيرا من المال!، ماذا يمكنني أن أفعل؟
في منتصف الليل، كانت القرية في هدوء تام بعد أن نامت العيون. فتسلل امين من بيته في هدوء كهدوء القطة، وسار إلى المزرعة وأتي بعربة كبيرة فملأها من كومة المحصول المخصصة له، ثم سار باتجاه کومة أخيه ليفرغ حمولتها هناك. ولكنه في منتصف الطريق بين الكومتين التقي باخيه عابد وكان هو الأخر قد ملا عربة كبيرة من حصته وسار ليفرغ حمولتها فوق كومة أخيه، عقدت لسانهما المفاجأة، فلم ينطقا ببنت شفة. كانت نظرات العيون أبلغ في التعبير من الكلام. تعانقا في صمت. وسالت الدموع على الخدود.