إن كثيرا من القصص تحمل معاني حقيقية لأسمى القيم الخلاقة والبناءة لتنشئة صغارنا؛ ومن أشهر قصص الأطفال شجرة التفاح، التي تجسد معنى عطاء الآباء للأبناء بكل محبة ووفاء.
قصة شجرة التفاح:
في قديم الزمان كانت هناك شجرة تفاح في غاية الضخامة والجمال، تتوق يوميا لرؤية غلام صغير أحبها وهي أيضا أحبت اللعب معه كل يوم بلا استثناء؛ كان الغلام الصغير يلعب حول الشجرة: يتسلق أغصانها، إذا جاع أكل من ثمارها لذيذة الطعم حتى يشبع، وإذا شبع حمد الله سبحانه وتعالى وأخذ قسطا من الراحة تحت ظلها، فينام الصغير نوما هادئا مطمئنا حتى يستيقظ ليلعب ويلهو ويواصل المرح من جديد؛ وهكذا استمر الصغير في اللعب دوما مع شجرة التفاح كل يوم.
هبة العطاء من أجل سعادة الأحباء:
وبمرور الزمن كبر الغلام الصغير ولم يعد يلعب مع الشجرة كما كان في القديم؛ وبيوم من الأيام أتى الغلام الصغير الشجرة التي فرحت فرحا شديدا برؤيته ولكنه كان حزينا، فطلبت منه الشجرة اللعب معها كما كان بالماضي، ولكن الغلام رفض معها اللعب معللا بأنه لم يعد صغيرا بعد الآن؛ فسألته عن سر حزنه، فأجابها بأنه يريد شراء بعض الألعاب الجميلة ولكنه للأسف لا يملك النقود لشرائها، فأجابته الشجرة بأنها لا تمتلك النقود ولكنها تمتلك الكثير من ثمار التفاح الطازجة التي بإمكانه جمعها وبيعها بالسوق لجلب المال، ففعل الغلام وذهب فرحا إلى السوق.
عودة من جديد:
مر زمن طويل وشجرة التفاح حزينة لعدم عودة الغلام الصغير، وأخيرا قد جاء الغلام ولكنه أصبح رجلا ولم يعد صغيرا، فكانت الشجرة في غاية السعادة لرؤيته من جديد، وعلى الفور طلبت منه اللعب معها فكم هي متشوقة لذلك من زمن بعيد، فأجابها الرجل قائلا: “لقد أصبحت رجلا كبيرا ومسئولا عن أسرة، وأحتاج بناء منزل لهم، فهل تستطيعين مساعدتي أيتها الشجرة؟!، فأجابته الشجرة: “إنني لا أملك لك منزلا، ولكني أحوي الكثير من الغصون والأفرع التي بإمكانك أخذها وبناء منزل بها لأسرتك”؛ ففعل الرجل وقام بأخذ كل الأفرع وذهب سعيدا لأسرته، ففرحت الشجرة لسعادة الرجل.
مصاعب الحياة:
وبيوم من الأيام شديد الحرارة جاء الرجل إلى الشجرة التي طلبت منه اللعب معها، ولكنه قال مبررا: “لقد أتعبتني الحياة، وأريد أن أبحر إلى مكان بعيد أستطيع الراحة فيه، فهل بإمكانك أن تعطيني مركبا؟!، فأجابته الشجرة: “ليس بإمكاني، ولكنك تستطيع أخذ جزعي وتبني منه مركبا تستطيع الإبحار به أينما شئت”؛ ففعل الرجل وترك الشجرة وحيدة من جديد.
نهاية المطاف:
ومرت سنوات عديدة وزمن بعيد وأخيرا عاد الرجل من رحلته، ففرحت الشجرة لرؤيته مرة أخرى، ولكنها في هذه المرة لم تطلب منه اللعب معها، فأخبرته حزينة والدموع تملأ عينيها: “سامحني يا صغيري، لم أعد أملك شيئا لأعطيه لك، لم تعد لدي ثمار لتأكلها، ولا أفرع لتتسلق عليها، ولا حتى غصون؛ لم أعد أملك إلا جذور ميتة لا حاجة لك بها”، فأجابها الرجل: “لا عليكِ، فلقد أصبحت عجوزا لا أقوى على شيء، كل ما أحتاج إليه مكانا لأستريح به، هل بإمكانك مساعدتي؟!”؛ فقالت الشجرة: “نعم يا صغيري، فجذور الميتة هي أنسب مكان لك لتستريح فيه”.
هل تعلمون ماهية الشجرة؟!
إنها آبائنا اللذان يستحقان الإحسان كما أحسنا إلينا وربيانا صغارا.