دائما ما يكون انطباع صغارنا عند سماع قصص أطفال عند النوم خاصة في غاية السعادة والسرور، فدائما ما يستمتعون ويقضون أجمل أوقاتهم حينما يحين وقت النوم لاستماعهم لتلك النوعيات من القصص، فكما نعلم جميعا أن القصص هي نوع من أنواع الأدب الفني والذي يتسم بكونه وسيلة من ضمن الوسائل التي تستخدم في توصيل أهداف سامية للأطفال، فمن خلال سرد القصة بإمكاننا تحديد الأهداف التي نبتغي تقديمها للطفل وتعليمها إياه، فالقصص أسلوب تربوي يحبه الأطفال ويستخدمه الآباء، والقصص نوعان منها الحقيقي ومنها الخيالي، وإذا تكلمنا عن النوع الحقيقي فدائما ما يحمل معه عبرات وعظات ومعلومات وقيم بناءة للطفل وأهداف تربوية، أما عن النوع الخيالي فيتسم بقدرته على توسيع مخيلة الطفل وإدراكه لأشياء غير ملموسة بالمرة وتوسيع قدرة خياله.
أولا/ قصة القناعة كنز لا يفنى “القطة المتذمرة”:
يحكى أنه كان هناك قطة صغيرة كانت دائمة التذمر إذ أنها لم تقنع يوما ما بشكلها ولا بكونها قطة، فكانت دائما تتمنى أن تكون شيئا آخر غير كونها قطة، دائما ما تراقب وتتأمل كل مخلوق تراه وتحاول جاهدة أن تصبح مثله ومن فصيلة جنسه، فإذا ما رأت الطيور تمنت أن تستطيع الطيران والتحليق مثلها، وإذا ما رأت الأسماك في المياه الزرقاء تمنت أن تكون واحدة منها يمكنها السباحة مثلها.
عدم الرضا بما قسمه الله:
بيوم من الأيام كانت القطة تتجول فرأت قطيعا من الأغنام الجميلة ذات الفراء البيضاء، فعمدت إلى تنفيذ ما تمنت فلفت جسدها كاملا بالفراء ولكنها بالرغم من ذلك لم تشبه الأغنام فأصابها الحزن، وأثناء ما كانت تمشي حزينة وجدت نفسها داخل بستان مليء بالفواكه جميلة المنظر وحلوة الرائحة، فقررت أن تصير كالفاكهة والثمار، فلفت جسدها كاملا بقشور الثمار ومن كثرة تعبها غلب عليها النعاس، فأغلقت عيونها ونامت القطة وإذا بها تستيقظ عندما شعرت بأن هناك شيئا ما يقوم بجذبها محاولا التهامها، فأدركت أن هناك خروفا يريد التهامها ظنا منه بأنها واحدة من الثمار اللذيذة الطعم، ففرت القطة هربا من ذلك الخروف وفقط حينها أدركت أن الله قد من عليها بالخير والعطاء لكونها قطة صغيرة تمكنت من الهروب بخفة ورشاقة من ذلك الخروف، وأن كل ما عليها فعله هو الرضا بما قسمه الله.
ثانيا/ قصة ذكاء وفطنة ثعلب:
يحكى أنه في غابة في قديم الزمان كان هناك أسدا عرف بالجور والظلم لسائر الحيوانات، ومن كثرة أفعاله الشريرة لم تتمكن بقية الحيوانات أن تتحمل ظلمه وبطشه الشديدين فوضعوا له خطة محكمة وشارك بها الجميع من أجل التخلص منه للأبد، قامت الحيوانات باستدراج الأسد الظالم إلى قفص كبير في بنهاية الغابة، وبالفعل نجحت خطتهم وتمكنوا من حبس الأسد بذلك القفص، وتخلصوا منه ومن أفعاله .
ولكن بيوم من الأيام كان مارا أرنب طيب القلب بجوار الأسد المحبوس بداخل القفص، فكان الأسد ذكيا إذ أنه استخدم طيبة قلب الأرنب ضده وتمكن من إقناعه بأنه أصبح طيب القلب مثله وأنه قد تعلم من أخطائه وأنه لن يعود مرة أخرى إلى ظلمه للحيوانات المسكينة مجددا، ولأن الأرنب سليم النية صدق الأسد المكار وفتح له القفص وقام بإخراجه منه، وبدلا من أن يشكر الأسد الأرنب الصغير على تعامله بإحسان معه، انقض عليه في محاولة منه بأن يجعله أول فريسة له فما كان من الأرنب الضعيف أمام قوة وجبروت الأسد الخائن إلا أن يصرخ مستنجدا بأحد الحيوانات .
ولحسن حظ الأرنب الطيب أن الثعلب الذكي كان مارا بالجوار فتمكن من سماع استغاثته، وبالفعل قدم إلى مساعدته وبطريقة حكيمة منه استطاع أن يجعل الأسد أن يدخل القفص مرة أخرى ليتمكن من غلقه عليه من جديد حينما استفزه قائلا بأنه كيف لأسد مثله بكل هذه القوة والضخامة أن يدخل في قفص صغير مثل هذا، ودخلت الحيلة الذكية على الأسد فحاول أن يصبح صادقا في نظر الثعلب الذكي بأنه بالفعل كان بداخل القفص إلى حين أن أخرجه منه ذلك الأرنب الصغير، وبعدما تخلص الثعلب من الأسد نصح الأرنب بألا يصدق الأسد الماكر مرة ثانية حيث أنه كذب عليه وبعدما مد إليه يد العون والمساعدة ردها إليه بيد البطش والجور والظلم وحب النفس، فرحت سائر الحيوانات عندما علموا بما فعله الثعلب الذكي مع الأسد بكل حكمة.