قصص الأنبياء النبي سليمان عليه السلام
لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على سيدنا “سليمان” عليه السلام بالفطنة والذكاء الشديد وأيده الله بالحكم السديد والقضاء بين الناس، وفي يوم من الأيام جاءا رجلان لسيدنا “داوود” عليه السلام يحتكمان فيما بينهما، كان للأول أرض بها حرث وكان للثاني أغنام وقد أفسدت حرث الأول، فقضى سيدنا “داوود” عليه السلام لصاحب الحرث بأخذ أغنام الثاني؛ أما سيدنا “سليمان” فقال لو كان لي حكم لحكمت بأن يأخذ صاحب الحرث الأغنام لينتفع بها حتى تعود أرضه مثلما كانت، ولما علم سيدنا “داوود” أمر بتنفيذ حكم ابنه والذي كان صائبا ولا يحمل أضرار لكلا الطرفين، وق ذكرت القصة في القرآن الكريم، إذ قال تعالى في كتابه العزيز في سورة الأنبياء: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ، فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ، وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ، وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ، وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ).
حكم سيدنا سليمان عليه السلام:
بعد وفاة نبي الله “داوود” عليه السلام تولى ابنه سيدنا “سليمان” الحكم والملك على بني إسرائيل، وورث سليمان داوود في الملك والنبوة وليس في المال، إذ لو كان الورث وراثة المال فما كان ليخص سليمان وحده دون سائر أولاد سيدنا داوود عليه السلام، إذ كان لسيدنا داوود عليه السلام مائة امرأة.
لقد منَّ الله على نبيه “سليمان” بنعم كثيرة، فقد آتاه الملك التام، ومكنه تمكينا عظيما وجعل له ما لم يجعله لأحد من قبله ولن ينبغي لأحد من بعده، فقد سخر له الإنس والجن والطير يفعلون له ما يشاء، وعلمه لغة الطير والحيوان.
قال تعالى في سورة النمل: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ، وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ).
قصة سيدنا سليمان عليه السلام وموت والده نبي الله داوود:
لقد جاءنا في الذكر وروي عن “أبي هريرة” رضي الله عنه وأرضاه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا قال: (كان داوود فيه غيرة شديدة، فكان إذا خرج أغلقت الأبواب، فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع؛ فخرج ذات يوم وأغلقت الأبواب، فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار، فإذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لمن في البيت: من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة؟! والله لنفتضحن بداوود، فجاء داوود عليه السلام فإذا الرجل قائم وسط الدار، فقال له داوود عليه السلام: من أنت؟!
قال: الذي لا يهاب الملوك، ولا يمتنع من الحجاب.
فقال له داوود عليه السلام: أنت والله إذا ملك الموت، مرحبا بأمر الله.
فتزمل داوود عليه السلام مكانه حتى قبضت نفسه حتى فرغ من شأنه وطلعت عليه الشمس، فقال سليمان للطير أظلي على داوود، فأظلت عليه الطير حتى أظلمت عليهما الأرض، فقال لها سيدنا سليمان: اقبضي عليه جناحا جناحا.
قال سيدنا أبو هريرة: يا رسول الله كيف فعلت الطير؟
فقبض سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يده، وغلبت عليه يومئذ المضرحية.
وقد قال ابن الجوزي: المضرحية النسور الحمر.
اقرأ أيضا: قصص الانبياء سليمان عليه السلام والعبرة منها
قصة سيدنا سليمان عليه السلام مع النملة:
في يوم من الأيام بينما كان سيدنا “سليمان” عليه السلام مع جنوده رأت الجنود نملة صغيرة فخشيت أن يدهسها سليمان وجنوده هي وقومها دون أن يشعروا بذلك، فصاحت فيهم جميعا منبهة ومحذرة من خوفها، صارت تصرخ ليدخلوا البيوت.
فما كان من سيدنا سليمان إلا أن تبسم ضاحكا من قولها، وشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه عليه وعلى آل داوود.
قال تعالى في سورة النمل: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).
اقرأ أيضا: قصة سيدنا سليمان عليه السلام للأطفال
وفاة سيدنا سليمان عليه السلام وما بها من معجزات:
فلما أمضى صاحب العزة قضاءه على سيدنا سليمان عليه السلام بالموت فمات عليه السلام، ولم يدل الجن على موته إلا دابة الأرض وهي الأرضة، إذ أنها وقعت في عصاه التي كان متكئا عليها فأكلتها.
قال تعالى في سورة سبا: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ).
لقد كانت الجن تخبر الإنس أنهم يعلمون أشياءً من الغيب، وأنهم يعلمون ما في الغد، فابتلى الله سبحانه وتعالى الجن بموت نبيه سليمان، فمات ولبث حولا كاملا متكئا على عصاه عليه السلام والجن لا يشعرون بموته، وهم مسخرون منه طيلة هذه السنة يعملون دائبين.
فأيقن الناس عند ذلك أن الجن كانوا يكذبونهم، ولو أنهم يعلمون الغيب مثلما كانوا يخبرونهم لعلموا بأمر موت نبي الله سليمان عليه السلام ولم يلبثوا في العذاب حولا كاملا يعملون له.
اقرأ أيضا: قصة داود وسليمان عليهما السلام