الإنسان الحكيم منا من يحاسب نفسه دوما وبصفة مستمرة دورية قبل أن يقف بين يدي الله سبحانه وتعالى ويحاسب على كل صغيرة وكبيرة فعلها بالحياة الدنيا وحينها لم يكن يبالي، والحكيم منا أيضا من يسارع للخيرات بعمل الطاعات واجتناب الشبهات حتى يصل لأعلى الجنان ويكون بصحبة خير الأنام صل الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
الحالة الأولى
بحر لم يغرق سيدنا موسى عليه السلام …
حوت لم يأكل سيدنا يونس عليه السلام …
نار لم تحرق سيدنا إبراهيم عليه السلام …
سكين لم تذبح سيدنا إسماعيل عليه السلام …
إخوة يوسف عليه السلام أرادوا التخلص منه في البئر فلم يمت …
وأرادوا بيعه ليصبح عبدا فأصبح ملكا …
وجماعة اجتمعوا على قتل النبي صل الله عليه وسلم، فلم يقتل …
إن تدبير البشر دوما في أذية غيرهم يبوء دوما بالفشل، ولكن تدبير رب البشر وإرادته يعلوان دائما فوق الجميع.
قال سبحانه وتعالى بكتابه العزيز: ” قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” صدق الله العظيم.
اقرأ: قصص الانبياء صيد الفوائد قصة نوح عليه السلام
الحالة الثانيــــــــــــة
سيدنا يعقوب عليه السلام عندما غاب عنه ابنه سيدنا يوسف عليه السلام، وافترى إخوته كذبا وادعاء بأن الذئب قد أكله، سيدنا يعقوب عليه السلام من كثرة البكاء على فقده لابنه أصبح كفيفا.
سيدنا يعقوب لم ييأس ثانية من رحمة الله، كان دائم الدعاء لله سبحانه وتعالى بأن يرد إليه ابنه، لدرجة أن الناس من حوله بدأوا يستهزءون به، ويقولون له عليه السلام: “أمجنون أنت أم أصبحت تدعي الجنون؟!”.
وقد كان استهزاءهم بكثرة دعاء سيدنا يعقوب بعودة ابنه منذ سنوات طوال وحتى فقده لبصره؛ أصر سيدنا يعقوب على الدعاء لله سبحانه وتعالى وبإلحاح، واشتكى إليه سبحانه من استهزاء الناس منه، وسأله قائلا: “يا ربي ألا ترحم ضعفي، ألا ترحم سني وعجزي، ألا ترد إلي ولدي، ألا ترحمني من شماتة الناس”.
وبنفس الليلة عندما نام سيدنا يعقوب أتاه منادي من قبل الله سبحانه وتعالى، وأن الله سبحانه وتعالى يحدثه بالمنام ويقول سبحانه: “يا يعقوب وعزتي وجلالي وارتفاعي على خلقي لو كان يوسف ميتا لأحييته لدعائك”.
وباليوم التالي للرؤيا جاءته البشرى بعودة ابنه سيدنا يوسف إليه.
وما نتعلمه من قصة سيدنا يعقوب أننا لا نيأس من دعاء الله سبحانه وتعالى، حيث أن إلحاحنا بالدعاء لا تكون ثمار نتيجته إلا شيء واحد، وهو فاستجبنا له.
اقرأ: قصص الانبياء غار ثور والهجرة الى المدينة المنورة
الحالة الثالثـــــــة
حكيم قال لابنه: “يا بني أنصحك بألا تتنازل عن ثلاث طوال حياتك؛ ألا تأكل إلا أفضل طعام، ولا تنام إلا على أفضل فراش، ولا تسكن إلا بأفضل البيوت”.
فرد عليه ابنه قائلا: “وكيف لي أن أعمل بنصيحتك يا والدي ونحن فقراء؟!”
فأجابه الحكيم قائلا: “يا بني إذا أكلت عندما تكون جائعا حينها سيكون طعامك أفضل طعام حتى وإن لم يكن كذلك، وإذا عملت بجهد كبير ونمت وأنت متعب ولا تحمل بقلبك حقد لأحد، كان فراشك أفضل فراش؛ وإذا عاملت الناس بطيب الأخلاق وأحسنها ستسكن قلوبهم وتكون حينها تسكن أفضل البيوت”.
اقرأ: قصص الانبياء حازم شومان قصة موسي وقارون
الحالة الرابعة
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ” إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ” صدق الله العظيم.
كلما تقرأ هذه الآية الكريمة تقشعر منها الأبدان، وهذه الآية تعني أن الله سبحانه وتعالى يقدر صبر عباده، بمعنى أن يكون الدحل قليل للغاية، وتكاليف الحياة غالية وصعبة للغاية، وتفتح للعبد طرق كثيرة لكسب المال الحرام ولكنه يستحي من فعله لذلك، تمسكا بقوله سبحانه وتعالى ” إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ”.
بمعنى أن الإنسان دائما يدعو الله سبحانه وتعالى، وأحيانه تقابل دعوته المعارضة، بمعنى أن شأن الدعاة اليوم إلى الله شأن الصبر؛ سيد البشرية ورسولنا الكريم صل الله عليه وسلم بالطائف كذب، وسخر منه صل الله عليه وسلك بل وضرب أيضا، فقال: “يا رب إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا رب المستضعفين إلى من تكلني، إلى عدو ملكته أمري، ربي إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولك العتب حتى ترضى لكن عافيتك أوسع”.
اقرأ: قصص الانبياء عن التفاؤل من حياة يوسف ويعقوب وأيوب عليهم السلام