لقد أرسل الله سبحانه وتعالى لنا بالرسل والأنبياء مبشرين ومنذرين لكي لا يكون لنا حجة يوم القيامة.
ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وكل منا معلق يوم القيامة بما اختاره وارتضاه لنفسه.
وجاءنا رسولنا محمد صلَّ الله عليه وسلم بأسمى الأديان وبالدين الذي ارتضاه لنا خالقنا جل وعلا، ألا وهو دين الإسلام، فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
والقرآن الكريم مليء بقصص الأنبياء مع أقوامهم…
قصـــــــة نبي الله هود
سبب بعثة سيدنا هود عليه السلام:
وبعد أن نجا سيدنا نوح عليه السلام ومن معه من الطوفان عم السلام والطمأنينة لكثير من السنوات وكان فقط يسود دون التوحيد وعبادة الله وحده، ولكن إبليس وأعوانه لم يهدئوا حتى أغووا الكثير من البشر واستطاعوا إضلالهم وإبعادهم عن الحق فرجعت الدنيا كسابق عهدها يسودها الفساد وعبادة الأصنام، فبعث الله نبيه هود إلى قومه قوم عاد، فكان أهل ذلك القوم هم أكثر الناس ضخامة في القوة الجسمانية وبالرغم من ضخامة أجسامهم إلا أنهم يمتلكون عقول يسودها الظلام فكانوا يعبدون الأصنام.
دعوة هود عليه السلام:
قال تعالى في كتابه العزيز: “وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ” فأخذ نبي الله هود عليه السلام بنصحهم ودعوتهم إلى دين التوحيد وعبادة الله عز وجل وأن يتركوا عبادتهم للأصنام التي لا تضر ولا تنفع، وأخذ يذكرهم بيوم القيامة وهو يوم الفصل بين الناس بحكم من الله وحده الذي لا شريك له، وذكرهم بالنعيم الذي سوف يتحصل عليه من مات على دين التوحيد ولا يشرك بالله أحد، وأيضاً توعدهم بالعذاب من الله عز وجل إذا عصوا الله أو أشركوا في عبادتهم له، وأن الله عز وجل سوف يعذب من يكفر ويجحد بآياته مهما كانت ضخامة جسمه أو قوته.
جحود أهل عاد:
ومرت السنين ومازال نبي الله هود يدعوهم إلى عبادة الله ولكن لم يستمع إليه أحد بل كانوا يستهزئون بكلامه وتم تكذيبه على أي شيء كان يقوله فقال تعالى في كتابه الكريم “وَقَالَ الْـمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ” صدق الله العظيم.
وأخذ يحذرهم بيوم القيامة وأنهم سوف يبعثون في ذلك اليوم العظيم ولكنهم كذبوه ولم يصدقوا أنهم إذا ماتوا أن يبعثوا مرة أخرى ولا يوجد بعث ولا يوجد يوم اسمه يوم القيامة فكيف سوف يعودوا للحياة مرة أخرى بعد أن صاروا تراباً، قال تعالى” أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ”، ولم يهدأ نبي الله هود عليه السلام من الدعوة والتحذير بالعذاب الذي سوف يلحقهم في آخرتهم ولكنهم استكبروا وعاندوا بل وصل بهم الجهل والكفر بأن يقولوا أن الآلهة التي يصنعونها بأيديهم هي التي سوف تنجيهم من العذاب ونار جهنم التي يحدثهم عنها نبي الله عليه السلام، ثم وصل الحال بهم بأن يحدثوا أنفسهم فيما بينهم بأن هود عليه السلام بشر مثلهم يأكل مثلما يأكلوا ويشرب مثلما يشربون بل أن هود عليه السلام فقيراً يأكل أقل من الذي يأكلونه هم فكيف بفقره وهو شخص واحد وهم أغنياء وكثرة يدعي أنه على الحق وهم على الباطل، مرت الكثير والكثير من السنوات في هذا الصراع بين نبي الله هود عليه السلام وقوم عاد الذين استكبروا وعاندوا ولم يستمعوا لنبي الله وكذبوه وتم اتهامه من قبلهم بأنه مجنون، وكلما زادت السنوات زاد التكبر والتكذيب والطغيان على نبي الله هود عليه السلام وقال تعالى في متابه الكريم يصف كفرهكم واستكبارهم على الحق “قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ”.
هلاك قوم عاد:
فبعد ذلك الجحود لم يتبقى لنبي الله إلا أن يتبرأ منهم ومن آلهتهم، فتوعد هود عليه السلام قومه بالعذاب الذي سوف يحل عليهم قريباً قال تعالى” إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ “، فانتظر نبي الله وقوم عاد العذاب من الله عز وجل، فبدأت الأرض بالجفاف والسماء لا تمطر وكانت الشمس تحرق رمال الصحراء وكانت قريبة جداً وكأنها فوق رؤوسهم، فسألوا قوم عاد نبي الله فأخبرهم بأن الله غاضب عليهم وأن الفرصة أمامهم ليؤمنوا ولكن أيضاً دون جدوى وظلوا في عنادهم وكفرهم، وجاء يوما كثير السحاب شديد البرود ورياح شديدة البرودة أيضاً ففرحوا وظنوا أن السماء ستمطر قال تعالى” ولكن فَلَـمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ “، ولكن الرياح اشتدت فقلعت خيامهم التي اختبئوا بداخلها ومزقت أغطيتهم وملابسهم، فكانت تلك الرياح من شدتها تخترق الجلد وتنفذ من الناحية الأخرى وكانت لم تلمس شيئاً إلا وهلكته، واستمر هذا الحال سبعة ليالي وثمانية أيام من ثم هدأت وقال تعالى يوصف فيه ذلك” سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ “، فنجا هود عليه السلام ومن معه ولم يبقى من الكافرين أحداً.
ما أكثر قصة من قصص الأنبياء أثرت بجانب من جوانب حياتك، شاركنا بها.
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص الأنبياء كاملة قصة سيدنا أيوب عليه السلام والدروس المستفادة منها
قصص الأنبياء صاحب الجنتين من قصص القرآن الكريم
قصص الأنبياء ابن كثير من باب ذكر قصة ابني آدم