قصص الأنبياء للأطفال يوسف عليه السلام
لقد كان لقصص الأنبياء بالقرآن الكريم أكثر من ثلثه، وذلك لما لها من قيمة وأثر فعال على النفس البشرية، ولما لها من أهمية بالغة في بناء شخصية قوية متكاملة للمسلم؛ وأما عن الآيات بالقرآن الكريم فخاطب صاحب الشريعة الناس كافة ليكون مصدرا للهداية لهم.
إن الأنبياء والرسل هم القدوة الحسنة والأسوة الصالحة لنا جميعا، لذا يجب أن نوجه بوصلة التربية نحوهم، قال تعالى في كتابه العزيز بسورة الأحزاب: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).
قصص الأنبياء للأطفال يوسف عليه السلام:
قيل أن مولد سيدنا “يوسف” عليه السلام كان بفلسطين، و”يوسف” عليه السلام ابن لنبي الله “يعقوب” عليه السلام، وكان يطلق عليهم الكنعانيين نسبة إلى أبيهم “كنعان”.
كان لسيدنا “يوسف” عليه السلام أحد عشر أخا ولكنه كان الابن المفضل لأبيه سيدنا “يعقوب” عليه السلام، وفي يوم من الأيام رأى سيدنا “يوسف” عليه السلام في منامه أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فطلب منه والده النبي “يعقوب” ألا يخبر أحدا من إخوته برؤياه حتى لا يكيدوا له كيدا أو يكونوا من الحاقدين عليه.
كيد إخوة:
وعندما وصل الحسد والحقد لدى إخوة “يوسف” عليه السلام عليه ذروته قرروا التخلص منه نهائيا، أرادوا قتله ولكن اقترح أحد منهم أن يلقوا به في الجب، وبالفعل ذهبوا إلى والدهم وبالكاد استطاعوا أن يقنعوه أن يأخذوا معهم أخيهم الصغير “يوسف” للعب، وأخذوا وأجمعوا أن يجعلوه في البئر ويتركوه وحيدا خائفا ويرحلوا.
عادوا إلى أبيهم يبكون، وأخبروه بأن “يوسف” قد أكله الذئب وجاءوا على قميصه بدم كذب، انفطر قلب نبي الله “يعقوب” عليه السلام على ابنه الحبيب “يوسف”، ولكنه صبر على البلاء، لم يكن يصدق أبنائه وكان على يقين بأنهم دبروا شيئا لأخيهم الصغير للتخلص منه، ولكنه استعان على ما فعلوا بخالقه الرحيم.
وبينما كان “يوسف” عليه السلام بالبئر مرت مجموعة من الرحالة وعندما أنزلوا دلوا ليأخذوا من مياه البئر رأوه عليه السلام، واستبشروا خيرا، وعندما وصلوا مصرا باعوه بثمن زهيد.
يوسف ببيت عزيز مصر:
والذي اشترى سيدنا “يوسف” عليه السلام بمصر كان عزيز مصر، وهبه لزوجته لتحسن تربيته ربما يكون لهما ولدا وينفعهم في الكبر، وبالفعل حظي باهتمام كبير ولكنه عندما كبر افتتنت بجماله امرأة العزيز، وأرادت أن فتعل الفاحشة معه، ولكنه امتنع عنها وقال إني أخاف الله رب العالمين.
وعندما انتشر الحديث عما فعلت بين نساء المدينة أرسلت امرأة العزيز لهن دعوة للمجيء لمنزلها، وأمرت “يوسف” عليه السلام أن يخرجن عليهن بعدما كانت قد أعطت لكل واحدة منهن سكينا وفاكهة لتقطيعها، وما كان منهن إلا أن قمن بتقطيع أيديهن من شدة جمال “يوسف” عليه السلام.
ولم تيأس امرأة العزيز منه فتمنى السجن على أن يقع بها بالفاحشة، وبالفعل كادت له ولما أبى ألقت به غيابات السجن.
يوسف عليه السلام بالسجن:
عندما كان عليه السلام بالسجن كان يدعو الناس لعبادة الله وحده لا شريك له، وكان قد اشتهر بقدرته على تفسير الأحلام والرؤى، وكان بالفعل قد قام بتفسير بعض الأحلام لأصدقائه بالسجن، ومن بينهم كان رجلا قد فسر له حلمه بأنه سيكون ساقي الملك، وعندما خرج وبات ساقي الملك نسي أمر سيدنا “يوسف” أن يذكره للملك نهائيا.
ورأى الملك رؤيا أرقته ولم يستطع الكهنة تفسيرها له، وحينها تدخل الساقي وأخبره بأمر “يوسف” عليه السلام، وأمر بأن يأتوه به؛ وعندما أتاه أخبره بأن رأى أن هناك سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، ففسرها له سيدنا “يوسف” بأنه سيأتي على مصر سبع سنوات مليئة بالأمطار الغزيرة والخيرات، ومن بعدها سيأتي على مصر سبع سنوات تجف فيها المياه وينضب الزرع، لذا على الناس أن يجهزوا المؤن والطعام والمياه لسنوات الجفاف والقحط، فتعجب ملك مصر من مدى قدرته على تأويل حلمه.
“يوسف” عليه السلام عزيز مصر:
أعاد الملك النظر في التهمة التي ألصقت بيوسف عليه السلام وبرأه من كل شيء، وجعله عزيزا لمصر وجعله المسئول عن اقتصاد وموارد البلاد، وفي هذه الحقبة الزمنية حدثت مجاعة ببلاد الشام، فجاء إخوة “يوسف” عليه السلام لمصر يريدون القمح، فعرفهم سيدنا “يوسف” ولكنهم لم يعرفونه، وبعدما اكتال لهم “يوسف” عليه السلام طلب منهم أن يأتوه بأخ لهم من أبيهم.
وعندما جاء أخوه انفرد به وعرفه بنفسه، ودبر أمرا معه ليظل معه بمصر، وبالفعل بعد رحيل القافلة كان “يوسف” عليه السلام قد وضع صواع الملك بمتاع أخيه، فلحقوا رجاله بالراحلة وقاموا بتفتيش كل شيء عليها بحثا عن الصواع ووجدوه بمتاع أخيهم الأصغر، وعندما رجعوا لأبيهم نبي الله “يعقوب” عليه السلام أخبروه بما فعله ابنه.
فحزن حزنا شديدا وتذكر “يوسف” عليه السلام وأخذ يبكي حتى ابيضت عيناه من الحزن، عادوا إخوة “يوسف” لعزيز مصر يرجونه ليعيد أخيهم إليهم ويسامحوه على ما فعل، أو أن يأخذ أحدا منهم بدلا منه، كشف سيدنا “يوسف” عن هويته لهم وذكرهم بما فعلوه به من سنوات مضت، فندموا أشد الندم على ما فعلوه به.
الاستشهاد بالآيات من القرآن الكريم:
قال تعالى في كتابه العزيز بسورة يوسف: (ذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ، وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ، قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ، فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ۖ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ، قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ، قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ، وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).