كل منا يحب أن يُربي أبنائه على طريقة ونهج الرسل والأنبياء، يحمل تراثنا العديد من القصص الدينية المفيدة والتي بها الكثير من الحكمة والعظة، فيا لهناء أبنائك بك إذا استطعت أن تلم بمعظمها على مسامعهم.
قصة نبي الله المختار “طالوت” والملك الجائر “جالوت”
لقد اتخذ بنو إسرائيل مسلك المعاصي والابتعاد عن طريق الله والدرب السليم حتى ابتلاهم الله جل وعلا بالمذلة والهوان بعد العزة، لقد سُلط عليهم بأعمالهم من لا يخاف الله ولا يرحمهم، لقد قُتل الكثير منهم، وأُخذت منهم ديارهم، واضطهدوا بمشارق الأرض ومغاربها، وبمعركة ما استطاع أحد الملوك الأعداء تجريدهم من التوراة والتابوت خاصتهم، وللأسف الشديد لم يكن منهم من يحفظ التوراة إلا القليل مما أدى إلى ذهابها، ولكن الله رحيم بعباده، إذ بعث فيهم بنبيه “شمويل” ليدعوهم إلى عبادة الله الواحد القهار، ويُعيد فيهم بذور الخير وطاعة الله، والابتعاد عن كافة المعاصي حيث أن الابتلاءات تنزل بقوم على قدر ذنوبهم ومعاصيهم، فامتثل بنو إسرائيل بكلام نبيهم، فأخذوا يعبدون الله قدر المستطاع من صلاة وصيام ليرضى الله عنهم ويكفر عنهم سيئاتهم ويبدلها حسنات.
إصرار بني إسرائيل على القتال في سبيل الله للأخذ بالثأر:
وذات يوم، طلب بنو إسرائيل من نبيهم “شمويل” عليه السلام، أن يسأل الله سبحانه وتعالى أن يختار لهم ملكا لقيادتهم في سبيل الله، ولكن نبي الله يعرفهم جيدا، إذ لا يعطون وعدا إلا وأخلوا به إنهم بنو إسرائيل، فأكد عليهم نبي الله بأن الله إذا اختار لهم ملكا، فهل سيتبعونه؟، فأجابوا بالموافقة؛ ولكن كلمة الله الباقية قوبلت برفض شديد من بني إسرائيل، واعتراضا على حكمته، فيا لهم من قوم؟!، فطلبوا من نبي الله آية على ملك “طالوت” وإمرته، فاستجاب الله لنبيه “شمويل” وطلب قومه “بنو إسرائيل”، وكانت الآية من رب العباد، إذ حملت الملائكة التابوت الذي أُخذ منهم وفيه سكينة من ربهم وبقايا مما ترك “موسى” عليه السلام و”هارون” عليه السلام، وبذلك أصبح “طالوت” ملكا عليهم.
مواجهة “جالوت” الملك الجائر، واختبار من الله “اختبار النهر”:
جهز “طالوت” جيشه “بنو إسرائيل” بالعدة ليقاتلوا عدو الله الملك الجبار “جالوت”، وعندما حانت ساعة اللقاء، أخبر “طالوت” قومه بأن الله مبتليهم بنهر، فمن شرب منه رشفة واحدة فإنه من عباد الله المخلصين، ومن لم يفعل فإنه من النادمين؛ بالرغم من الحر الشديد، والشمس الحارقة إلا أن أولياء الله يصمدون في مثل هذه الابتلاءات، ومن جيش هائل مكون من ثمانين ألف لم يصمد مع “طالوت” إلا عدد قليل ثلاثمائة وثلاثة عشر مقاتلا، وبالرغم من قلة عددهم إلا أنهم صمدوا وقاتلوا في سبيل الله فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، واستطاع “داود” أن يقتل “جالوت” الظالم لينالوا النصر من الله، وأصبح “داود” ملكا على بني إسرائيل، وجمع الله عليه من نعمه الكثير والكثير، ليصبح بعد ذلك نبيا له، وهذا جزاء المحسنين.