كان قوم ثمود يعيشون بمنطقة في شمال غرب الجزيرة العربية يطلق عليها “الحجر”، وقد استخلفهم الله في الأرض بعد قوم عاد، وأنعم الله على هؤلاء القوم بنعمٍ كثيرةٍ منها: أعطاهم الله بسطة في أجسامهم، بارك في أعمارهم، منحهم علم الزراعة وتربة خصبة وآبار مليئة بالماء العذب، من عليهم بفن التشييد والعمران إذ كانوا ينحتون لهم من الجبال بيوتاً؛ فهل شكروا الله على نعمه؟! أم ماذا فعلوا؟!؛ لقد عبدوا الأوثان دون الله، قدموا لها القرابين، نحروا باسمها، تضرعوا لها ودعوها بدلاً من خالقهم المتفضل عليهم بنعمٍ كثيرةٍ لا تعد ولا تحصى، فأرسل الله لعباده “قوم ثمود” نبيه صالحاً حيث كان أتقى قومه وأشرفهم حسباً ونسباً، وكان محبوباً منهم أجمعين ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ويأخذ بأيديهم إلى طريق الرشاد۞ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ (61).
رد قوم ثمود على نبي الله”سيدنا صالح”:
لقد واجه نبي الله الكثير من الصعوبات أثناء توصيل رسالته إلى قومه القاسية قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد منها إذ اتهموا نبي الله بالجنون قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا ۖ أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62)، ولكن نبي الله لم ييأس من قومه وظل يدعوهم بكل ما أوتي من قوة ولكن لم يؤمن بدعوته إلا المستضعفين في الأرض، أما أكابر القوم فاستكبروا وسعوا في الأرض مفسدين.
معجزة “سيدنا صالح”:
لقد سأل المشركون نبي الله تعجيزاً له أن يخرج لهم من صخرة عظيمة ناقةٍ تحمل ببطنها مولوداً بمواصفات معينة، فكانت المعجزة من الله عز وجل إذ استجاب لدعاء نبيه وأخرج من الصخرة الصماء ناقة الله وقال نبي الله: وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64)، ولكنها ناقة غير عادية إنها ناقة الله، كانت إذا وقفت بمكان أو نامت به تركته سائر المخلوقات الأخرى، كانت تشرب من البئر يوماً وتسقي جميع القوم كباراً وصغاراً من لبنها الذي يكفي الآلاف.
مكر قوم ثمود:
لقد تحول بغض أصحاب القلوب المريضة من سيدنا صالح إلى ناقة الله، فتآمروا على قتلها استكبارا على الله، وقاموا بتنفيذ الجريمة بدون شفقةٍ منهم، فسال الدم من الناقة وألقيت في الأرض صريعة.
تنفيذ عقاب الله بقوم ثمود:
توعدهم رب العباد بالعذاب المهين بعد ثلاثة أيام، ولكنهم كذبوا نبي الله واستهانوا بكلام ربه بل وسخروا من العذاب المهين إذ قالوا:” لقد قتلنا ناقة إلهك فآتنا بالعذاب الذي تعدنا إن كنت من الصادقين”؛ فجاءتهم الصيحة فأبادتهم وكان أمر الله مفعولاً.