فكم يمتلئ قرآننا الكريم بالقصص المثيرة التي نأخذ منها العبر والدروس المستفادة في حياتنا اليومية، وبكل قصص القرآن دروس وعبر.
قصص القرآن دروس وعبر:
قال تعالى: “نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِين”.
قصة شعيب عليه السلام مع قومه:
لقد اعتاد أهل مدين على نقص المكاييل والموازين, وبخس الناس أشياءهم في أنواعٍ شتى من الغش في المعاملات وقطع الطريق, وغير ذلك من دروب الفساد في الأرض الناشئ عن الكفر بالله والتكذيب بآياته؛ فظل نبي الله يدعوهم إلى عبادة الله وحده, فأمرهم بالعدل في المعاملات, وأنكر عليهم التطفيف في المكيال والميزان, وقال تعالى “وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ * وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِين َ”، ولكنهم أصروا على ما هم عليه من كفر وتكذيب, وفساد في الأرض, وإعراض عن البنات والهدى مستخفين به مستضعفين له, مستظهرين عليه بعددهم وعدتهم, فلم ييأس منهم من إيمانهم بالله، ولم يجد سوى تهديدهم بعذاب من الله يكون به خزيهم وهلاكهم, وقال تعالى “وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ”؛ فبخس المكاييل والموازين خاصة, وبخس الناس أشياءهم عامة هو من أعظم الجرائم وأقبح المنكرات التي يستوجب مقترفها العقوبات الشديدة في الدنيا والعذاب في الآخرة .
قصة صاحب الجنتين:
في هذه القصة التي ذكرها القرآن الكريم مثلا حيا للقيم الجاهلية التي تتحكم في نفوس البعض, ومثلا للقيم الإسلامية الحقيقية التي تملأ نفوس البعض الآخر, إذ قال تعالى: “وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً”؛ فينبغي على العبد أن يشكر الله على نعمه متسببا في بقائها, ولكن إذا اطمئن العبد إلى الدنيا ورضاه بها, وتمرد وعاند سوف يكون ليس له في الآخرة من نصيب, قال تعالى: “وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً”؛ ولكن إذا تمسك المؤمن بإيمانه بالله واعترافه به بفضله, وأن نعمة الله على العباد بالإيمان والإسلام ولو مع قلة المال والولد, قال تعالى: ” وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً”؛ وهنا يجب الدعاء بتلف مال من كان ماله سبب طغيانه وكفره وتفضيل نفسه على المؤمنين وافتخاره عليهم, قال تعالى: “فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً”؛ ويستجيب الله لدعاء من دعاه.