قصص القرآن الكريم كثيرة ومتنوعة، ومن هذه القصص قصة البقرة؛ فقصة البقرة من أجمل وأول القصص في القرآن الكريم، إذ تحتوي على كثيرا من المعجزات الإلهية على بني إسرائيل في عصر نبينا موسى عليه السلام.
ابن يطمع في عمه:
كان في بني إسرائيل رجل ثريا جدا، ولديه ابنة وحيدة، وابن أخ فقير محتاج؛ فتقدم هذا الابن لخطبة ابنة عمه، وإذا بعمه يرفض أن يزوجها له مما أغضب الفتى كثيرا، وجعله يتوعد في نفسه بقتل عمه، وأن يأخذ ماله، وينكح ابنته، ثم يطالب بديته.
تحايل الفتى على عمه:
جاء الفتى عمه ليلا، وقال له متوسلا أن يذهب معه إلى بعض التجار من بني إسرائيل، فإذا رأوه معه أعطوه ما سأل لعله يربح من هذه التجارة؛ فخرج معه عمه ليلا حتى وصلوا أمام منزل أحد تجار بني إسرائيل فقتله، ثم رجع إلى أهله؛ وعندما استيقظ في الصباح أخذ يبحث عن عمه ليجده مقتولا، وبنو إسرائيل مجتمعون حوله؛ وكأن الفتى لا يدري ما حصل، وأخذ يبكي على فقدان عمه، ويقول قتلتم عمي، ويطالبهم بديته، وهو يحثو التراب على رأسه، وينادي وآااااه عماه.
الاستنجاد بنبي الله موسى:
فذهبوا القوم جميعا إلى نبي الله موسى، وطلبوا منه أن يدعو ربه ليبين من قتل هذا الرجل، فديته علينا هينة، ولكن نحن نستحي أن نعير به، فقال لهم موسى بكلام ربه: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَة”، قالوا نسألك عن القتيل، ومن قتله، وتقول اذبحوا بقرة، قالوا أتستهزئ بنا، “قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ”.
قصة البقرة :
في بداية الأمر لو اعترضوا بقرة، وذبحوها لخفف الله عنهم، ولكنهم تشددوا وتعنتوا على موسى؛ فشدد الله عليهم ” قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ”، ثم بعد ذلك طلبو منه بعض التوضيحات الأخرى للبيان ولتنفيذ أمر الله، ولكن الله عليم بذات صدورهم؛ إذ ذكر بكتاب الله العزيز:” قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ*قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ، قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ”.
إيجاد البقرة:
ثم وجدوا هذه البقرة من مواصفات نبي الله موسى تطابق لبقرة لغلام من بني إسرائيل يتيما من أبر الناس لوالدته، فأرادوا أن يشتروها منه فأبى حتى أذنت له والدته، واشتروها بوزنها ذهبا؛ وعندما قاموا بذبح البقرة التي طابقت لجميع المواصفات التي أرادها الله، قال لهم موسى اضربوا القتيل ببعض أجزاء البقرة المذبوحة، وإذا به تعود الحياة إليه لينطق باسم من قتله ويفارقها من جديد؛ إذ قال الله تعالى بكتابه: “وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ”.