إنها قصة طائر تغيب عن صفوف الجيش دون عذر أو سبب يعلمه نبي الله سليمان، تحمل أسمى معاني حب الدعوة إلى الله والإخلاص فيها.
علاقة الهدهد مع نبي الله:
كان سليمان بن داوود عليهما السلام نبي من أنبياء الله مثل والده، فقد ورث ملكا عظيما؛ فسخر الله له الريح والجن، وعلمه منطق الطير فكان يتحدث إلى جميع الحيوانات، وكانت أيضا الطيور تطيعه وتسمع أوامره؛ فهذه نعمة من النعم العظيمة التي أنعم الله عز وجل عليه بها، وله عليه السلام قصص كثيرة مع الحيوانات، ومن هذه الحيوانات الهدهد.
تغيب الهدهد:
كان نبي الله سليمان يجمع الجيش كله في إحدى الأيام، ومن ضمن هذا الجيش الطيور، فأخذ يتفقدهم فلاحظ تغيب الهدهد عن الطيور، حيث غضب سليمان عليه السلام من غياب الهدهد، إذ أنه غاب دون عذر، وتوعده بالعذاب حتى وصل ذلك العذاب إلى الذبح، وورد ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى “وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ”.
عودة الهدهد:
وعندما علم الهدهد بتوعد نبي الله سليمان له عاد إليه ليخبره عن سبب غيابه، حيث ورد ذكر ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى “فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِين”، فأخبره أنه وجد قوما في منطقة اسمها سبأ تحكمهم امرأة، وهذه المنطقة تقع في جنوب شبه الجزيرة العربية (في أرض اليمن حاليا)، ويقع تحت حكم هذه الحاكمة جيشا عظيما، وتملك كل ما يحتاجه الملوك من متاع، وأسلحة، وقوة، ومال، ولكن ليس هذا الجدير بالذكر، وإنما وجد هولاء القوم يسجدون للشمس من دون الله عز وجل، حيث ورد ذكر ذلك في قوله تعالى” إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شيء وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُون”، وعندما سمع ذلك نبي الله سليمان عليه السلام ذهب عنه الغضب، فهناك قوما يسجدون للشمس دون الله، وهذا أمر خطير.
إرسال الهدهد بالرسالة:
فكتب سيدنا سليمان عليه السلام رسالة وبعثها إلى ملكة سبأ يدعوها فيها إلى الإيمان بالله وحده، وتركهم عبادة الشمس؛ وأمر الهدهد بإرسالها إلى القصر دون أن يشعر به أحد، وقال له نبي الله سليمان: “وسنعرف إنك صدقت أم كنت من الكاذبين”، وذهب الهدهد كما أمره نبي الله وألقى الرسالة ولم يشعر به أحد، وعندما قرأت ملكة سبأ الرسالة جمعت قومها لتأخذ مشورتهم وإرسال الهدايا لسليمان عليه السلام، وترى كيف سيتعامل معها، فهنا تأكد نبي الله من صدق الهدهد، وبعد ذلك أتوا إلى نبي الله قوم سبأ وآمنوا بالله.