هناك أسئلة كثيرة تجول بخاطري، ما الذي جعل أقواما كهؤلاء يطاردون أمثالنا؟!، وما الذي جال بخاطرنا حين ذهبنا إلى مكان مجهول نعلم علم اليقين أنه ملئ بمثل هؤلاء الأقوام؟!، لماذا لم نفكر في القدرات التي وهبها ربي لهؤلاء الأقوام ونجعل بيننا وبينهم سدا منيعا؟!، لقد حذرنا رب العباد بالاستعانة بمثل هؤلاء الأقوام والدخول إلى عالم المرعب المخيف فبدلا من الاقتداء بالأوامر العليا تطرقنا بفضولنا الزائد إلى التقرب منهم لرؤية عالمهم ومعرفة ما فيه إنه كما يُقال دوما “الممنوع مرغوب”…
قصص جن لعنة الأساطير (الفصل الثالث):
حينما اقترب مني “زاغ” أيقنت أن مصيري مثل مصير صديق عمري الراحل لتوه “سالم” فأسرعت إلى سيارتي لأغادر مكان الحادث الذي كان يمتلئ بهم جميعا، دوما ما يؤذونني بتصرفاتهم الغريبة، دائما ما أشعر بوجودهم سواء بنومي أو حتى بيقظتي، أصبح عالمي ككابوس مخيف، وحياتي لا أتمنى فيها شيء إلا خلاصي من هؤلاء القوم، ولا يصبرني على مثل هذه الحياة سوى “ريم” وحبها….
مازلت مسرعا بالطريق عائدا إلى منزل عمي راجيا من الله أن يكونوا قد ابتعدوا عني ولكن أثناء سيري على الطريق بالسيارة داهمتني سيارة غريبة الطراز تفاديتها بأعجوبة، وكانت النتيجة أني أصبت أيضا بحادث سير فارتطمت رأسي وفقدت الوعي ولم أدري بحالي إلا وريم ممسكة بيدي وتبكي…
فطمأنتها قائلا لها: “ريم ليس بي شيء فتمالكي أعصابكِ يا حبيبتي”.
فأجابتني قائلة: “كيف لي أن أتمالك أعصابي وأنا أراك بمثل هذه الحالة، لقد ارتعبت كثيرا عندما اتصلوا علي وأخبروني بأنك قد أصبت بحادث سير وأنك بالمستشفى، فهلعت إليك مباشرة، خالد أخبرني ما الذي حدث معك؟”.
ريم إنها كل ما تبقى لي بالدنيا ليس لي أحد غيرها فإن لم أفتح لها قلبي فالله وحده حينها سيكون أعلم بحالي وبما سيلحق بي من أذى وضر، أحتاج فعلا إلى أن أخرج كل ما بصدري لأستريح ولو لوهلة بسيطة وقصيرة من الزمن…
فبدأت قائلا: “ريم إنكِ تعرفين صديقي سالم؟”
فردت مجيبة: “نعم أعلمه جيدا لقد كان دائما يأتي إليك، وهو على حد علمي أقرب صديق إليك”.
فاستكملت حديثي: “أصبتي، لقد أصيب ليلة أمس بحادث سير على الطريق وقتما استأذنت بالرحيل من عندكم؛ وما فطر قلبي أنه كان يود قول شيء لي ولكن الموت أدركه حينها فلم يستطع، وأغرب شيء حدث لي بليلة أمس أني رأيت “زاغ”…
قاطعتني “ريم” ومن زاغ؟!
فأجبتها إنه الشخص الذي رأيته بالجبل ومن حينها دائما ما يطاردني بمنامي، فعرفني على نفسه وكل قومه، دائما ما يأتوني برسائل تهديد ووعيد يريدون مني أن أعود إلى الجبل مرة ثانية وإلا سيكون مصيري كمصير صديقي “سالم”، وما حدث معي بالأمس كان مجرد إنذار.
دموع بلا توقف:
انهارت “ريم” ولم تنفع كل محاولاتي معها لتهدئتها، فضممتها إلى صدري وسالت دموعي مثلها، حينها من قلبي طلبت العون من الله وتذكرت قوله تعالى: ” أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ”، فما أحوجني إلى خالقي من مثل ظروف عصيبة كهذه، لقد جعلت بنفسي حياتي لعبة بأيدي قوم لا يعرفون للرحمة سبيلا، وأوجعت قلب أعز إنسانة لي بالوجود..
تنهدت “ريم” وبصوت متقطع أخبرتني قائلة: “خالد إنك تعلم تماما أني أحبك أكثر من نفسي لذلك سنؤجل عودتنا إلى الجبل سويا لحين عقد قراننا، ولحسن الحظ أنك بآخر عام بالجامعة لذلك تفوق كعادتك وبعدها نتزوج مباشرة”.
أقنعتني بأسلوبها الفريد، إنها حقا لا تحلو الحياة بدونها؛ وكانت مشيئة الله أتممت دراستي وحصلت على مكانة مرموقة كما تمنى لي والدي وتزوجت بريم، لقد ضحكت لي الحياة من جديد كأني لم أشق بها يوم ولكن يا ليت صفو الحياة يدوم يوما؛ بيوم استيقظت “ريم” من نومها الهادئ على أنيني فأيقظتني من نومي قائلة: “خالد بما تشعر؟، استفق من نومك..”
لقد راودني كابوس مزعج ومرير، ولم أستطع إخبار “ريم” به لأنه كان يخصها، لقد رأيتها معلقة على جدار والدم يسيل من كل أنحاء جسدها، ومازال التهديد قائما إن لم تعود إلى الجبل هكذا سيكون عقابك…
فماذا أفعل يا خالقي؟!
إنني في حيرة من أمري، إنني أنعم بأجمل أيام بعمري فيعودوا هؤلاء إلي من جديد بالتهديد والوعيد…
إنهم لا يعرفون للرحمة والشفقة طريق لا من قريب ولا من بعيد، أتذكر جيدا ما حدث مع صديقي “سالم”، واستكملوا تهديدهم معي…
ولكن يبقى السؤال الأخير لماذا أنا بالتحديد أعني لهم الكثير؟
ولماذا يهمهم أمر عودتي إلى الجبل من جديد؟
بالتأكيد هناك سر خفي، ولن يهدأ لهم بال حتى أعود، وبالتأكيد سأعود من أجل أن أحافظ على حياة حبيبة قلبي…
….يــــــــــــــتـــــــــبع…