هل سمعتم يوما بالحزن الراقي؟!
إنه ذلك الحزن الذي يحرق العيون ويمنعها من إنزال الدموع، إنه ذلك الحزن الذي يستوطن بداخل الجزء الأيسر بالصدر، لا أحد يعلم به لأن صاحبه لا يشكيه ولا يبكيه، بل يتعايش معه وفيه؛ لقد أصبح هذا حالنا جميعا انغمسنا بالحزن الراقي!
ويبقى السؤال ويظل في انتظار الإجابة عنه، هل يحق لنا أن نبكي حالنا عندما لا نستطيع تحمل الألم وحدنا؟!
أعتقد أنه لا يمكننا فعل ذلك أيضا، وليس لنا الحق في ذلك من الأساس!
وأخيرا أيقنت أنني سأرحل ويرحل معي كل إزعاجي بيوم لم أتوقعه على الإطلاق، ولكني لم أتوقع أن الله سبحانه وتعالى مجيبا دعائي بهذه السرعة، فقد استرحت من كل الحياة.
حادث قطاري سوهاج الأليم والمروع
حادث وقع صباح يوم الجمعة في السادس والعشرين من شهر مارس لعام 2021 ميلاديا، واقعة أبكت عيوننا جميعا بدل الدموع دماء، حادث أبكى كل آدمي تدب بقلبه الرحمة وينبعث التأثر من قلبه، وكيف لا نبكي أقوام سلبوا الحياة بقلوب باردة؟!
ولكن للأسف الشديد والحسرة الملمة بالقلوب، لقد أصبحنا بزمن إذا قيل للحجر كن إنسانا، لقال: “عذرا أيها السادة فلست قاسيا بما يكفي!”
لماذا وصل بنا الحال وانحدر بهذه الطريقة، لقد وصلنا لدرجة أنه لا ينظر الأخ لأخيه، لقد ولدنا جميعا إخوة من أب واحد وأم واحدة، ولكننا بتنا لا ينظر أحدنا للآخر، لقد ضعنا عندما ضيعنا!
أين نحن وأين أفعالنا من قول نبينا ورسولنا الكريم صل الله عليه وسلم: “المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضا، ثُمَّ شَبّك بين أَصابعه) رواه البخاري.
وقوله صل الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” صدق رسول الله.
القصـــــــــــــــــــة في كلمات بسيطة للغاية جسدت واقعة أليمة، كتبت القصة وسطرت بكلمات لأحد شباب الصعيد، شاب تأثر فعليا ودمعت عيناه ودمى قلبه كحالنا جميعا، حيث أننا بلا جزم جميعنا بلا استثناء تأثرنا وضاقت بنا الحياة ذرعا على مأساة ركاب القطارين، الله يتولاهم ويتغمدهم برحمته الواسعة.
كلمات شاب من قلب صعيد مصر “أشرف أبو سيد”…..
– إزيك يا حجة؟!
= الحمد لله يا ابني
– أنا جاي عشان أبلغك خبر مش حلو
= عارفاه وحساه والباب بيخبط
– هو إيه يا حجة؟!
= ابني مات صح؟
– أيوه يا حجة .. ربنا يديكى الصحة والبقية في حياتك
= تعالى ادخل أما أعملك شاي
– شاي إيه يا حجة؟! بقولك ابنك مات
= عارفة يا ابني .. ابنى ميت من زمان .. بس قولى هو مات إزاي المرادي؟
– مات المرادي !! كان راكب القطر وحصل تصادم ف قطر اللي في اتجاه التاني ..
– هو في إيه يا حجة بس ؟! وبعدين إيه ميت من زمان دي أنا مش فاهم؟، وإيه الصبر إللي عندك والهدوء ده؟!
= يا ابني .. محدش بيهرب من قدره .. أنا عارفة إن ابني هيموت .. بس اهو كنت بحاول اخليه جنبي أطول فترة ممكنة.. ابنى ميت من زمان لما اتخرج من كلية الهندسة وملقاش شغل .. ومات مرة تانية لما حب واحدة وكان نفسه يتجوزها ومكنش لاقى يجيب شقة يتلم فيها هو وهي .. ومات مرة لما اشتغل سواق ميكروباص وهو خريج هندسة.. ومات كمان مرة لما أبوه مات وشال همى وهم مرضى وهو مكنش لاقى حتى يجيب فطاره ..ومات مرة لما ..
– كفاية يا حجة ..
= إنت عارف يا ابني ..ابني وهو نازل النهاردة كنت حاسة أنه هيموت للمرة الخامسة ..كان مسافر البلد عشان يشوف شغل هناك عشان يعرف ناس كتير في بلدنا ..قاللي هاخد الموتوسيكل .. قولتله يا ابني بلاش الموتوسيكل ده .. حوادثه وحشة وبتموت .. قاللي خلاص هركب ميكروباص .. قولتله بلاش يا ابني .. طريق البلد كله مصارف وميه وتراب والعربيات بتتقلب عليه كتير .. قاللي أروح مشي؟ قولتله لا خد القطر اهو سهل وأمان ومفيهوش بهدله …
– والله مش عارف أقولك إيه يا حجة .. عموما متزعليش الحكومة هتصرفلك 80 الف جنيه عشان تقدري تعيشي بيهم بعد ابنك
= خليهم للحكومة يا ابني مش عايزاهم .. أقولك خليهم يشتروا فرامل جديدة للقطر وقولهم أم محمد بتقولكم اشتروا فرامل .. يمكن يا ابني محدش تاني يموت.
ولا يسعنا من أمرنا إلا أن نقول:
اللـــــــــــه حسب حنيننا لما طغى
واللــــــــــه حسب فؤادنا لما انكسر
الشــــــوق مر إن ذكرنا غائبا عنا
وفقــــــــــــــد الراحلين لـنـا أمر
يــــــــــا رب جنــــات تضم شتاتنا
ضما، وننسى ما بدنيانا عبــــــــرة
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص حزينة مؤلمة جداً ومبكية لأقصي درجة بعنوان فراق بلا موعد
قصص حب فراق حزينة بعنوان الحبيبة الخائنة
قصص من الواقع مؤثرة جدا قصة رامي وعشق ميساء