ما أجمل قصص الأطفال المليئة بالعبرات والعظات، قصص تدفع النفس للتعلم والمضي قدما في الحياة بالكثير من المعاني السامية التي تعلمتها بكل قصة مفيدة وملهمة.
ولا أسمى من القصص العالمية التي تحمل ثقافات عوالم أخرى بعيدة وغريبة عنا، ولكنها أيضا قصص مفيدة لصغارنا الأعزاء
جلد الفقمـــــــــــــــــة
حكاية من التراث الأيسلندي…..
يحكى أنه في قديم الزمان كان هناك شاب يعيش بالقرب من شواطئ البحر، وفي ذات يوم بينما كان الشاب يسير على قدميه بمحاذاة البحر، وقد كان ذاهبا لعمله، ولكنه قرر الاستمتاع بجمال الطبيعة الخلابة قبل ذهابه للعمل، كان يعمل صيادا للأسماك.
وبينما كان يتجول بالأرجاء سمع صوت موسيقى جميل للغاية، من شدة جمال الصوت جذبه إليه، ومازال يتتبع صوت الموسيقى حتى وجد نفسها بقلب جبل صخري طريقه وعر، لقد كان مصدر الصوت ينبع من داخل كهف، اقترب الشاب ووجد أناس كثيرين داخل الكهف يتمتعون ويمرحون ويرقصون، ولاحظ وجود الكثير من جلد الفقمة، فأمسك بواحد وجربه، فوجده دافئا تمنى حينها أن يمتلك واحدا مثله، وأمنيته هذه دعته لاقتنائه دون الاستئذان من صاحبه.
أخذه وعاد لمنزله فرحا مسرورا بامتلاكه أخيرا لجلد فقمة، وصعه بصندوق مقتنياته الثمين، ولكن بعد مرور عدة أيام شعر بالأسى والأسف الشديد على فعلته الخاطئة، فقرر العودة للكهف والبحث عن صاحب الجلد.
وعندما وصل للكهف وجد فتاة عارية في غاية الجمال حزينة وحيدة تبكي، اقترب منها وسألها عن سبب بكائها وحزنها فأجابته قائلة: “كنت بحفل راقص مع كثيرين، وجميعنا خلعنا جلود الفقمة التي كنا نرتديها، وبعد انتهاء الحفل الراقص الكل ارتدى جلده باستثنائي حيث أنني لم أجده، أحد ما قد أخذه وتركني وحيدة ذليلة على هذه الحالة”.
اقترب منها ووضع معطفه فوق جسدها، كانت الفتاة الجميلة في حالة يرثى لها، قرر أخذها منزله ومساعدتها بإعطائها جلدها وإنقاذ حياتها، ولكنه افتتن بجمالها، وبكل يوم كان يزداد حبا لها، لقد عاملها بحب ومودة ولطف وكل احترام، كانت الفتاة بكل يوم تقوم بكافة الأعمال المنزلية، تخدمه بكل تفاني لمعاملته الحسنة لها.
قرر الشاب التغاضي عن أمر جلدها الذي خبأه بخزانته الخاصة، وعرض عليها الزواج بها وقبلت، تزوجها وعاش معها في سعادة وهناء، رزقا كليهما بطفل جميل، كانت ترعاه وتحبه ووالده كثيرا، وكل يوم كان يكبر الطفل أمام عينيها ويزداد شيئا فشيئا، حتى جاء اليوم الذي أًبح فيه كبيرا كفاية لتخرج به وتنزهه على شاطئ البحر.
كانت الفتاة بكل مرة سمعت بها صوت أمواج البحر شعرت بنغصة بقلبها، إنها فقمة ليست ببشرية والبحر كل حياتها وإخوتها بداخله؛ أعطت طفلها صدفة وجعلته يضعها على أذنه فسمع أصواتا خافتة في غاية اللطف تخرج منها.
رأت في هذه اللحظة إخوتها يصيحون باسمها، دفعتها مشاعرها بالحنين بالنزول للبحر، كادت حينها أن تصل إليهم لولا طفلها الصغير خاض في البحر خلفها، فجعلها مضطرة للعودة إليه مجددا، حزن إخوتها ورحلوا.
كان زوج الفتاة الفقمة يحمل برقبته مفتاح الصندوق الذي يخبأ بداخله جلد الفقمة، وبيوم من الأيام خرج الزوج للصيد ونسي تماما مر المفتاح الذي سقط من رقبته، كانت زوجته تنظف المنزل ووجدت المفتاح، انقادت وراء فضولها ففتحت الصندوق لتعلم ما بداخله، وكانت الصدمة بالنسبة إليها عندما فتحت الصندوق ووجدت بداخله جلدها، أيقنت أن زوجها من قام بسرقة جلدها.
وفي هذه اللحظة وجدت نفسها حائرة وفي عذاب أليم، كان ينبغي عليها أن تختار بين ابنها وبين حياتها الطبيعية، توسلت كثيرا لطفلها الصغير أن يسامحها على فعلتها به، اعتذرت إليه كثيرا لكونها فقمة وليست بإنسانة كان من الصعب عليها أن تختار طفلها، لذلك وجدت نفسها تضحي بالبقاء كإنسانة وترتدي جلد لتعود فقمة من جديد.
وعندما عد زوجها من عمله وجد طفله خارج المنزل يبكي لذهاب والدته، وعلى الفور دخل الزوج ليتأكد من الصندوق وبالفعل تأكد من شكوكه، لقد أخذت جلدها ورحلت؛ أخذ ابنه وبدأ في رحلة البحث عن زوجته ووالدة طفله، ولكنه وجد ثوبها وبالتالي أيقن أنها عادت للبحر.
كانت بكل يوم ترقب ابنها الصغير وتشاهده يلعب على شاطئ البحر من بعيد، كانت تحاول التحدث إليه لتخبره بأنها والدته، ولكن الطفل الصغير لم يكن يسمع منها شيء سوى البكاء، ففي النهاية هي فقمة!
اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:
قصص عالمية جميع الحلقات بعنوان الصبي ذو الشعر الأحمر الجزء الأول
قصص عالمية جميع الحلقات بعنوان الصبي ذو الشعر الأحمر الجزء الثاني والأخير
قصص عالمية العندليب والوردة بها معاني التضحية والوفاء