ما أروع القصص التي تحمل الكثير من الصفات السامية في طياتها، تلك النوعية من القصص هي التي نحملها إلى أبنائنا للاستفادة بكل حرف فيها.
زهور الكـوزموس:
حكاية من التراث الألماني، وهي قصة فتاة “آنا” يتيمة الأب والأم تعيش وحيدة فقيرة لا تملك قوت يومها، ولكنها تعيش بداخل منزل والديها الراحلين، وبحديقة المنزل قد دفن والديها لذلك لم تشعر “آنا” بفراقهما مطلقا، كانت دائما ما تتذكر الفتاة المسكينة كلمات والديها عن كونها دائما طيبة القلب وعطوفة، ودائما في عون كل من يحتاج إليها.
كانت الفتاة بكل وقت تجلس بقرب قبري والديها تتحدث إليهما كأنها تراهما وهما يروها، وفي يوم لاحظت “آنا” ذبول زهور الكوزموس التي تحبها والدتها، فقد كانت “آنا” تزرع البعض منها بجانب قبر والدتها، لذلك عزمت الفتاة على زراعة المزيد منها، ولكنها لتفعل ذلك توجب عليها الذهاب إلى حيث مسقطها بجانب ينبوع المياه بالغابة حيث اعتادت “آنا” على الذهاب مرارا وتكرارا مع والدتها.
ارتدت “آنا” قبعة بها ثقب كبير، وشال بالي بعض الشيء، وملابسها الثقيلة حتى تحمي نفسها من تقلبات الجو، ووضعت بسلة قطعة خبز صغيرة، وهذه الأشياء كانت كل ما تمتلك “آنا” من ملابس وطعام، وذهبت في رحلتها لإحضار زهور الكوزموس التي تحبها والدتها الراحلة.
وأثناء رحلتها الطويلة مرت على بحيرة من الماء العذب، فبدأت “آنا” بغسل يديها ووجهها الجميل البريء غير أنها رأت في المياه انعكاسا لصورة فتى صغير قد أزهق روحه الجوع الشديد، بالكاد سمعت صوت استغاثته وهو يطلب منها شيئا بسيطا ليسد به جوعه الذي دام لأيام، تذكرت “آنا” على الفور كلمات والديها فأعطته قطعة الخبز التي تمتلكها كاملة ولم تفكر في نفسها في محاولة منها لإنقاذه، وما إن تناولها الفتى المسكين حتى استرد عليه صحته وعافيته، فشكرها شكرا جزيلا على كرمها وعطفها.
أسرعت “آنا” خوفا من فقدانها لزهور الكوزموس بسبب الرياح الباردة التي هبت فجأة، وأثناء سيرها في طريقها إلى ينبوع المياه فقدت قبعتها من على رأسها بسبب الرياح وعندما ركضت خلفها وجدت القبعة قد اصطدمت بفتاة صغيرة كانت تعاني من سوء الرياح أيضا، فوهبتها القبعة وأيضا وضعت الشال حول رقبتها حتى تدفئها وأمرتها بالذهاب إلى المنزل مسرعة حتى لا تصاب بالبرد.
ومازال ينبغي على “آنا” الإسراع قبل غروب الشمس وحلول الليل المظلم عليها، وفي طريقها قابلت طفلا صغيرا قد أضل طريق عودته إلى منزله لانشغاله باللعب، ساعدته “آنا” بتوصيله ودله على الطريق الصحيح حتى يعود سالما إلى منزله.
وفجأة هطل المطر الغزير من كل مكان استكملت “آنا” طريقها ولكنها سمعت نحيب فتاة صغيرة، اتجهت نحوها لتعلم ما ألم بها من حزن، فعلمت من الصغيرة أنها قد طردت من المنزل بسبب أنها أخذت قطعة الخبز من أخيها الصغير، فقامت “آنا” بتبديل ملابسها الجافة بملابس الصغيرة المبتلة حتى لا تمرض الصغيرة، وأوصتها بعودتها إلى المنزل والاعتذار من أخيها ووعدتها بأن كل شيء سيصبح على ما يرام.
ومازال أمام “آنا” الطريق طويل وشاق، وأيضا قد حف بالمخاطر لحلول الليل أيضا ولكنها مازالت مصرة على استكماله وعدم الرجوع إلى منزلها إلا وقد جلبت معها زهور الكوزموس المحببة لدى والدتها، يا لوفائها؟!
ركضت “آنا” المسافة المتبقية لتصل بأسرع ما يمكنها، ولكنها حينما وصلت إلى المكان المنشود غطت الدموع عينيها، فقد وجدت أن كل زهور الكوزموس قد ماتت؛ حزنت “آنا” كثيرا فقد شعرت بخيبة الأمل، ولفترة أرادت إلقاء نفسها في ينبوع المياه حتى تتخلص من حياتها، فهي قد باتت الآن بلا ملابس ولا طعام ولا حتى الزهور التي تمنت إعطائها لوالدتها قد حصلت عليها؛ ولكنها سمعت صوت والدتها يناديها وتقول: “آنا… يكفيني قلبك الطاهر فهو لي بمثابة أجمل هذية يمكنكِ أن تقدميها لي، فبمساعدتكِ لكل من احتاجكِ أصبح قلبكِ نقيا كنقاء المياه التي لا يشوبها شيء”.
وبدأت النجوم تتساقط من السماء إلى ينبوع المياه فتظهر بعدها زهور الكوزموس، والتي انتشرت بكثرة في الينبوع ومن ثم كونت ثوبا جميلا ما أبهاه ارتدته “آنا”، كانت هذه هدية من الله إلى “آنا” الفتاة اليتيمة طيبة القلب.
اقرأ أيضا:
قصص عالمية قنينة الأشرار من قصص الشعوب
قصص عالمية كرتون سندريلا حلم كل فتاة
قصص عالمية الأميرة الهاربة قصة في غاية الروعة والجمال