بكل قصة العديد من الحكم والوصايا الهدافة البناءة، إذ تحمل بثنياتها كثير من تجارب السابقين لتأتي إلينا وتفيدنا بشتى مناحي الحياة.
قصة مملكة الفرسان العظماء
كانت هناك مدينة تسمى (مملكة الفرسان), ذات أصوار عالية, وقصور رائعة, وحصون منيعة, وحدائق ممتلئة بأجمل الزهور, وزاهية بالورود, ويوجد بها أشجع الفرسان, تضيء شوارعها نهارا بشروق الشمس, وليلا تضيء بأشعة القمر والنجوم, تطل على بحر المرجان, وفى أحد أركان المدينة كان يعيش “ملك” محبوب في قصر له ثلاثة طرقات (الحقول-المدينة –الصحراء) تسلك في أوقات محدده .
وصية أب حكيم على فراش الموت:
وذات يوم أصيب “الملك” بمرض خطير, ورقد بالفراش, و اشتد المرض على”الملك”, فوصي “ابنه الأمير”, أن يحكم المملكة بالعدل, وأن يقيم حدود الله, ولا يفرق بين غنى وفقير, ويجمع الزكاة, ويؤم بالناس في الصلاة, وأن يختار فارسا مغوارا لا يهاب أحد في الحق, كريم, شجاع ومقدام يذهب إلى قصر( نور النهار) ليحكم الممالك والمدن, وبعد وصيته وافته المنية, وانتقل إلى رحمة ربه, ولحقت به “زوجته” بعد شهر من رحيله,وساد الحزن في كل أنحاء المملكة .
تنفيذ الوصية ومسابقة أمير قصر نور النهار:
وبعد مرور عدة أشهر على وفاة “الملك والملكة”, عمد الابن بعد توليه لعرش المملكة أن ينفذ وصية أبيه, فطلب من الوزير أن يعلن عن مسابقة (أمير قصر نور النهار), فأتى كل فرسان المدينة إلى المسابقة, وانتهت المسابقة بصمود ثلاثة فرسان, الفارس الأول كان يملك فرسة سوداء يطلق عليها “أم الخيول”, والثاني كان يملك فرس بني اللون, والثالث كان يملك فرسة بيضاء ولكنها شعواء, فأشار عليه الوزير أن يعقد اختبار ليختار واحدا من الثلاثة فرسان ليكون حاكم القصر, وكان الاختبار هو الرحيل من المدينة والعودة إلى القصر بعد أسبوعين من إحدى الطرقات الثلاثة .
حكمة ملك عظيم لاختيار أمير الفرسان:
وبعد مرور أسبوعين عاد الفرسان الثلاثة إلى القصر, فسأل “الملك”, الذي يملك أم الخيول من أي طريق جئت إلى القصر؟”، فقال: طريق الحقول, وهو طريق ممتلئ بالحقول, والمزروعات من الحبوب والغلال, ويوجد به ينبوع, فعرف الملك أنه مر بفرسته فوق المحاصيل والغلال, فقال الملك: “هلكت فلو أصبحت أميرا لعرضت حياة الشعب إلى العطش والجوع”، وسأل الملك الفارس الثاني صاحب الفرس البني عن الطريق الذي سلكه، فأجابه: “طريق المدينة, وهو طريق التنزه, وتمر به النساء وفوق رؤوسهن الجرار, وعندما مر الفارس الشجاع بفرسه, فزعت المدينة وكسرت الجرار المليئة بالماء, فقال له الملك: “هلكت فلو أصبحت أميرا لضاع الأمن بين الناس، وجاء دور صاحب الفرسة البيضاء الشعواء، فقال له الملك: “أي طريق سلكت؟”، فقال: “سلكت طريق الصحراء”، فقال الملك: “إنه حقا أمير فلقد أدرك أنه إذا مر بطريق الحقول فسوف يفسد المحصول بفرسته, وإذا مر بطريق المدينة سوف يفزع الناس بفرسته, وذلك يدل على انه أمير ذكي, وحكيم, وكريم, ويستحق أن يكون أمير الفرسان.