إن كليلة ودمنة عبارة عن كتاب يحتوي العديد من القصص، قام بترجمته “عبد الله بن المقفع” بالقرن الثاني الهجري والموافق للقرن الثامن الميلادي للغة العربية، وقام بصياغة الكتاب بأسلوبه الأدبي من الكتاب الأصلي والذي أجمع الكثير من الباحثين والمستكشفين أنه كتاب يعود لأصول هندية.
وذكر بمقدمة الكتاب أن من قام بتأليف الكتاب الحكيم الهندي “بيديا”، وقد قام بتأليفه لملك الهندي “دبشليم”، وقد استخدم الحكيم الهندي الحيوانات والطيور كشخصيات رئيسية بمؤلفه، وقد قصد بها الحكيم الهندي البشر بأعينهم، وتدور أحداث القصص بالكتاب غالبا حول الأسد ملك الغابة بقصص مليئة بالعظات والعبر، وأغلبية هذه القصص بالكتاب تمثل طبيعة العلاقات بين الحاكم والمحكوم.
يتضمن الكتاب خمسة عشرة بابا رئيسيا، والتي عبارة عن عدة قصص أبطالها حيوانات، ومن أبرز الشخصيات بالقصص في غالبيتها هو الأسد وخادمه الثور الذي أطلق عليه “شتربه”.
وعندما وصل خبر الكتاب لكسرى فارس “أنوشيروان” أمر على الفور طبيبه “برزويه” بالذهاب لبلاد الهند ونسخ كل ما جاء بالكتاب ونقله للغة الفهلوية الفارسية.
“الزرافة ملكـــــــــة الغابــــــــــة
في إحدى الأيام مرض الأسد ملك الغابة مرضا شديدا، وكانت دونا عن بقية الحيوانات بأكملها تزوره وترعاه وتهتم بكل أموره الزرافة، كانت بكل وقت وحين تذهب إليه وتساعده وتقدم إليه كل ما يحتاج إليه.
كان إذا تضايق الأسد رفعت من معنوياته الزرافة بكلمات تشبه البلسم طيبة الأثر على النفس، كان يستأنس دوما بصحبتها ولا يشعر معها بأي ملل، كانت لا تغيب يوما عنه مهما كانت ظروف يومها شاقة.
وبالفعل كانت حنونة معه وطيبة القلب، وبكل يوم كان يشتد عليه المرض أكثر من اليوم الذي يسبقه، وبيوم من الأيام عندما رأى الأسد من مرضه قلاب النهاية قرر جمع كل حيوانات الغابة واطلاعهم على أمر هام.
وبعدما اجتمع جميع الحيوانات من حول أركان الغابة، أطلعهم الأسد ملك الغابة بأنه يولي جميع زمام الأمور من خلفه للزرافة طيبة القلب، ولأنه رأى بها الحنية التي لا توصف ولكونها ستكون من خلفه أصلح من يستطيع أن يأمنه عليهم وعلى كافة أمورهم؛ كما أنه أخبرهم بأن الدب الحكيم سيكون مستشارها من يساعدها في كل شيء.
وبعدما أنهى كلامه تنهد حزينا متمنيا أنه لو كان أنجب شبلا لكان استخلف من بعده، وورث كل طباعه وحبه للجميع والسعي وراء مصلحتهم، هدأت الزرافة من روعه وأخبرته بأنه في قلوبهم جميعا لما قدمه إليهم من حنان وعطف وحب للجميع دون استثناء.
وبالفعل بعدها بأيام قليلة توفي الأسد ملك الغابة وترك خلفه الزرافة لتكون ملكة الغابة من بعده وتحكم بحكمه وتسير على نهجه والذي أساسه العدل والمساواة؛ فعلت الزرافة كل ما أرمها به الأسد الراحل وتمسكت بكل كلماته ولاذت بها.
وبيوم من الأيام جاء فلاح يشكي من الثعلب المكار الذي اقتحم دراه وسرق منه بطته، تداول الأمر أمام الدب الحكيم والذي أمر بتفتيش منزله، وبالفعل وجدوا بمنزله ريشا أبيض اللون وعظام بها آثار لحم طازج، تبين الأمر كاملا حينها للدب الحكيم، وثبت الأمر عليه بأنه من قام بسرقة البطة من منزل الفلاح.
حكم عليه الدب بألا يقرب على جنس الطيور البرية بأكمله وإلا سيكون عقابه حينها عسير، وأنه بهذه المرة اكتفى بلفت انتباهه؛ ولكن الثعلب اغتاظ من الدب وقرر أن يكيد له، كان للدب الحكيم شجرة بأطراف الغابة يجلس أسفلها يتفكر في كافة الأمور، وبيوم من الأيام عزم الثعلب الماكر على التخلص من الدب نهائيا، فحفر بوسط الطريق حفرة واسعة حتى إذا مر الدب بطريقه العادي يقع بها بعد أن أخفاها بغصون الأشجار اليابسة والتراب الكثيف فوقها.
وأثناء حفره مر أمامه الذئب ورأى منه ما رأى، فحاول الثعلب إغرائه بأن يساعده بالحفر وله نصف كل طير يسرقه، ولكن الذئب أعرض عنه وأكمل في طريقه، وكلها لحظات حتى سقط الدب بالحفرة وصرخ بأعلى صوته أملا في أن ينقذه أحد، وبالفعل تم إنقاذ الدب من قبل كل الحيوانان حيث أن الجميع يحبونه.
أما عن الزرافة فبعد سماعها لشهادة الذئب حكمت بنفي الثعلب الماكر نهائيا وللأبد خارج الغابة بأسرها.
اقرأ أيضا:
قصص الاطفال كليلة ودمنة، قصتين في غاية الروعة والإثارة والجمال والتشويق
قصص عالمية كليلة ودمنة وقانون الغابة الشهير البقاء للأقوى
قصص وعبر كليلة ودمنة قصص رائعة وجميلة