القرآن مليء بالعبر والعظات، وكل قصة به تحمل في طياتها الكثير من الفوائد والدروس المستفادة منها، كما ترسخ بداخلنا الإيمان وطرق النصرة لدين الله الحق، ومن القصص القصيرة من القرآن:
أولا/ قصة سيدنا يوسف عليه السلام:
قصة سيدنا يوسف باختصار شديد ومبسط:
إخوته الحاسدون الحاقدون عليه ألقوه في الجب ليلتقطه بعض السيارة بعدما رجعوا عن قرارهم بقتله.
من قاموا بالتقاطه من الجب قاموا ببيعه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين.
العاشقون أدخلوه في السجن لقاء رفضه لمعصية الله بارتكاب ما يبغون منه.
العقلاء قاموا بإخراجه من السجن، وجعلوه وزيرا للمالية.
أصحاب المصالح العليا كادوا له.
المحتاجون والمضطرون سجدوا له ورفعوه على العرش.
ولكن…………………
لم يكن الجب علامة للحب، ولم يكن السجن علامة للكره، ولم يكن سجودهم علامة للطاعة والرضا؛ وإنما الأمر كله بيد الله وحده لا شريك له، قال تعالى: “وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” صدق الله العظيم.
دروس وعبر من قصة سيدنا يوسف:
أراد في بادئ الأمر إخوة يوسف قتله ليفوزوا بمحبة أبيهم ولكن الله سبحانه وتعالى لم يرد قتله فقلب عليهم قلوبهم فرموه في البئر ليلتقطه بعض السيارة وتمحى ذكراه، وأراد السماسرة بيعه ليصبح عبدا مملوكا ولكنه صار فيما بعد مالكا، وكل تخطيط إخوته لتزول محبة يوسف من قلب أبيه ولكن محبته ازدادت ببعده؛ فلا تقلق من تدابير البشر فأقصى ما يستطيعون فعله معك هو تنفيذ إرادة الله.
ثانيا/ أصحاب الأخدود:
قل تعالى في كتابه العزيز: “وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ، وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ، وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ، قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ، إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ، وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ، وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ”.
بداية القصة:
كان هناك ملك طاغية متجبر ادعى الإلوهية من دون الله، كان يستخدم ساحرا لينصاع الناس لأوامره رهبة ومخافة منه؛ وبيوم من الأيام كبر الساحر في السن وأعلم الملك بأنه يحتاج إلى غلام ليرث علمه الغزير ويتابع مهمته في إرهاب الناس لتمكين الملك من الحكم والسيطرة عليهم، وقد وقع الاختيار على غلام صغير عرف بالفطنة والذكاء فكان أنسب الناس لتلك المهمة.
معرفة الغلام بالراهب:
وأثناء تعلم الغلام السحر على يد ذلك الساحر تعرف على راهب مؤمن دعاه إلى الإيمان بالله وحده لا شريك له، وأعطاه الحجة إذا سأله الساحر عن تأخره أو أهله، واطمأن قلب الغلام وازداد يقينا عندما استطاع قتل الدابة التي اعترضت طريق الناس، وحينها ذاع صيته بين الناس جميعا، كما أن الله سبحانه وتعالى مكن له في الأرض بأن يبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله، وكل ذلك استخدمه الغلام وجنده في سبيل الدعوة إلى طريق الله.
انكشاف الأمر:
وعندما دعا الغلام بيوم من الأيام لجليس الملك الذي كان أعمى فرد الله عليه بصره انكشف أمر الغلام أمام الملك الذي استشاط غضبا وحنقا عليه، وأرسل جنوده في طلبه، وأمر بقتل الراهب وجليسه اللذين رفضا التراجع عن دين التوحيد بالرغم من كل وسائل التعذيب التي تعرضا لها؛ أما الغلام فبالرغم من كل محاولات قتله إلا أنها باءت بالفشل المرير.
طلب الغلام الأخير:
طلب الغلام من الملك إن كان يريد قتله فلن يتم مراده إلا إذا نفذ كل ما سيقوله له حرفيا، ثم أخبره بأنه يتوجب عليه أمام الناس كافة أن يأخذ سهما من كنانته ويصوبه تجاهه بعدما يقوم بصلبه على خشبة ثم يقول باسم الله رب الغلام؛ وبالفعل فعل الملك بنصيحة الغلام الذي قتل بعدما أثبت للناس كافة مدى ضعف الملك المتسلط أمام قوة الله وقدرته، فآمن الناس أجمعين مع الغلام الذي استطاع تغيير مسار أمة بأكملها؛ فغضب الملك غضبا شديدا وأمر جنوده بحفر الأخاديد التي أضرم فيها نيران مشتعلة بنار الحقد والغضب وقام برمي كل من آمن بالغلام ودخل دين التوحيد؛ حتى أن الله سبحانه وتعالى أنطق الطفل الرضيع عندما تراجعت أمه خشية من النار فقال لها: “الصبر إنك على حق”.