تعد الأخلاق من أهم المقومات الحياتية والتي تضمن الاستمرار، كما أن كل الأديان المختلفة التي عرفناها حثت إلى التحلي بالأخلاق، كما تعتبر مقياس لحضارة الشعوب، وكل منا يحكم عليه بواسطة أخلاقه، ومما سبق يتبين لنا مدى أهمية الأخلاق الحميدة وضرورة تعليمها لأبنائنا.
قال أمير الشعراء “أحمد شوقي”:
إنما الأممُ الأخلاقُ ما بَقيتْ .. فإن هُمُ ذَهَبَتْ أخلاقهم ذهبوا !
قصة لتعليم الكرم والوفاء بالعهود
في قديم الزمان كان هناك شاب ثري للغاية إذ كان والده سبب ثرائه الفاحش فقد كان يعمل بالمجوهرات الباهظة الثمن ويبيعها ويجني أموالا طائلة منها؛ كان الشاب كريما للغاية مع أصدقائه، يجود بكل ما عنده من أجلهم ولا يبخل عليهم شيئا؛ لقد وصل به الحال من كثرة ما أحبهم كان يؤثرهم على نفسه، وكانوا أصدقائه يحبونه ويحترمونه أيضا، وكذا قضوا أغلب لحظات عمر الشباب الجميلة.
ودوام حال الدنيا من المحال كما نعلم جميعا، توفي والد الشاب تاركا خلفه ديونا أثرت بإفلاس العائلة جميعها؛ بجانب حزنهم الشديد على الوالد الذي لم يدخر من جهده جهد لكي يسعدوا جميعا بملذات الحياة عانوا أيضا من الفقر والجوع الشديدين، جلس الشاب مع نفسه يقلب في ذهنه ذكريات الماضي باحثا عن أصدقائه ربما يستطيع أحد منهم مساندته في أزمته هذه، فوجد أكثر أصدقائه قربة إليه قد أصبح من أثرياء القوم، أصبح ذا مال وجاه وسلطة فتوجه إليه بحثا عن عمل عنده أو بحثا عن سبيل يخلصه من ضيق الحال الذي ألم به.
ذهب مسرعا إلى قصر صاحبه، وهناك أوقفوه الحراس فأخبرهم بأنه صديق قديم عزيز على قلب سيدهم ويريد مقابلته؛ فدخل أحدهم مخبرا سيد القصر ما أخبره به الرجل الذي يريد مقابلته، فنظر السيد من خلف ستارة بنافذة قصره فوجد صديق طفولته ولكنه تغير كثيرا عما كان، فقد أصبح رث الثياب تظهر على ملامحه علامات البؤس والشقاء، فأخبر حارسه أن يخبره بأن سيده لن يتمكن من رؤيته، وعندما سمع الشاب هذه الكلمات وقعت عليه كالصاعقة من السماء، فعاد أدراجه والدموع تذرف من عينيه من شدة الألم الذي وقع بقلبه على الصداقة وكيف كان الوفاء بها من قبل صديقه.
وبمجرد أن اقترب من ناحية داره وجد ثلاثة رجال كأنهم يبحثون عن شخص ما، اقترب منهم ليساعدهم فأخبروه أنهم يبحثون عن شخص يدعى كذا وقد كان اسم والده، فأخبرهم بأنه والده ولكنه قد توفي من زمن، فأخبروه بأن والده قد ترك لديهم أمانة، وعندما أخرجوها وجده الشاب حقيبة مليئة بالمرجان، ذهل الشاب مما رأى فهو لم يكد يصدق ما يسمع أو يرى، أعطوه الأمانة وانصرفوا في طريقهم.
مضى الشاب مكملا طريقه إلى داره ولكن الكثير من التساؤلات التي تدور بنفسه، كيف له أن يصنع هذا المرجان ويقوم ببيعه والناس التي تسكن بمنطقته مثله ناس فقراء لا يقوون على شراء قطعة واحدة حتى، يا لها من معادلة صعبة للغاية؛ وبينما يمر وجد امرأة كبيرة بالسن ويظهر على ملابسها نعمة العز والثراء، اقتربت منه المرأة وسألته عن مكان اشتهر بهذه البلدة ببيع الجواهر النفيسة، تعجب الشاب وأخبرها بأنه مكان عائد لوالده، وسألها عن أي نوع تبحث، فأخبرته بأنها تريد أي نوع نفيس ويخطف الأنظار.
فتح الحقيبة التي بيده وأخرج منها بعض المرجان، والذي ذهلت المرأة برؤيته فاشترت منه قطعا على قدر المال الذي بحوزتها، ووعدت الشاب بالعودة من جديد لشراء المزيد؛ بالمال الذي ابتاع به الشاب للعجوز تمكن من استرجاع تجارة والده الراحل وتنشيطها، عمل بجد واجتهاد حتى تمكن من استرجاع اسم وسمعة والده، وازدهرت تجارته وعادت بشكل أحسن من سابقه.
وبينما كان جالس الشاب تذكر فعلة صديقه معه، وكيف أنه خان كل عهود الصداقة التي جمعت بينهما لسنوات طوال، فقرر إرسال رسالة إليه، وقد كانت رسالته عبارة عن أبيات شعر بعثها إليه بواسطة صديق لهما…
صحبت قوما لئاما لا وفاء لهم
يدعون بين الورى بالمكر والحيل
كانوا يجلونني مذ كنت رب غنى
وحين أفلست عدوني من الجهل.
وعندما قرأ صديقه هذه الأبيات أحضر قلما وقلب الورقة التي بها الرسالة وكتب أيضا…..
أما الثلاثة قد وافوك من قبلي
ولم تكن سببا إلا من الحيل
أما من ابتاعت المرجان والدتي
وأنت أنت أخي بل منتهى أملي
وما طردناك من بخل ومن قلل
لكن عليك خشينا وقفة الخجل.
اقرأ أيـــــــضا:
قصص للاطفال لعمر سنتين قصص جميلة قبل النوم
قصص للاطفال عن التسامح من أجمل ما قرأت مفيدة وشيقة جدا
قصص للاطفال عن التعاون الصفة الخلقية السامية، من أجمل القصص لا تفوتها