للقصص أثر مذهل على نفوس صغارنا، فدائماً ما يسألون عن قصة اليوم بلهفة، وينتظرون ميعاد سردها على أحر من الجمر، أما القصص الإسلامية فلها طابع خاص لدى الأطفال، إذ يتعلمون من كل قصة جديدة عبرة وموعظة.
قصة الرجل الذي لا يؤمن بوجود إله للكون
ذات يوم مر رجل غريب بقرية مؤمنة، فجالس القوم، وبدأ حديثه قائلاً:” أنا لا أقتنع بأن للكون إله”، دُهش القوم من كلامه وقال أحدهم:” ما بك يا هذا؟ ألا تؤمن بالذي خلقك من تراب وسواك رجلا؟!”، أكمل الرجل الغريب كلامه قائلا:” أنا على استعداد كامل بأن أواجه أي شخص مهما كان وأقنعه بأن الكون ليس له إله”، اتفق القوم على استدعاء عالمهم الصالح ليحاجج الرجل وينتصر لدين الله؛ فأرسلوا له وقصوا عليه قصة الرجل الغريب واعتقاداته، فاستجاب العالم الصالح على الفور ولكنه تأخر في المجئ لسبب يخفيه في نفسه، وعندما أقبل على القوم وقبل أن يلقي عليهم التحية سارع الرجل الغريب قائلا:” أخشى أن تكون خائفا من لقائي وإلا لما كل هذا التأخير؟، فلقد مللنا من انتظارك”، رد الرجل الصالح قائلا:” أولا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وما تأخرت بقصد إلا أنني كنت أنتظر مركبا حتى أستطيع عبور الجهة الأخرى من النهر للقائكم، ولكني انتظرت فترة زمنية طويلة حتى أني اعتقدت أنني لن أستطيع القدوم، ولكن فجأة إذ رأيت بضعة ألواح خشبية تتراص جنبا إلى جنب بطريقة مرتبة ومنظمة حتى كونت مركبا، وقدم إلي حتى أصعد عليه ولما فعلت سار بي حتى أوصلني إلى مقصدي”، فصاح الرجل الغريب:” إنني لا أستوعب كلامك أيها الرجل، يستحيل حدوث ذلك، كيف لبضعة ألواح خشبية تصير مركبا لتسير وحدها بدون قائد حتى توصلك وجهتك بدون أن تعلمها بها، هذا مستحيل”، قاطعه الرجل الصالح قائلا:” فما بالك بكون بهذه العظمة من شمس ونجوم وقمر وغيرها الكثير، هل تستوعب أنه تكون بدون خالق؟!”، فقال الرجل الغريب:” لا والله، وإني أشهدكم أني آمنت برب الكون”.
قصة صاحب الجنتين
في قديم الزمان كان هناك رجلان تجمعهما الصداقة منذ الصغر؛ أنعم الله على أحدهما بنعمة الإيمان ومحبة الله التي ملأت قلبه وأغنته عن الدنيا وما فيها، أما الآخر فابتلاه بكثرة المال والولد، كما ميزه بامتلاك أروع جنتين “جنتين من الخيال”، وجعل بينهما نهرا عظيما يمر بهما ليروي الزروع والأشجار؛ فلم يحمد الله على نعمه ويشكره جزيل الشكر، ولكنه استكبر وجحد بأنعم الله، واستبدل نعمة الله كفرا حيث لم يعرف حقوق الله، واغتر بما أنعم الله عليه، وأصبح لا يسمع صوتا إلا صوت نفسه المتكبرة ، فقام صديقه بنصحه خوفا عليه من نفسه الأمارة بالسوء، ولكنه استكبر وأبى بل واتهم صديقه بالحقد الذي ملأ قلبه من ناحيته إذ فضله الله عليه بالمال والولد؛قال تعالى:”وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (36)”؛ فاستنكر عليه صاحبه موقفه تجاه ربه وحذره من شر أفعاله، وأن الله قادر على أن يعطيه درسا قاسيا جراء ما قدمت يداه، ولكن كل محاولاته فشلت، فكان الجزاء من الله سبحانه وتعالى إذ جعل عاليها سافلها ليصبح صاحب الجنتين عبرة لمن يتعظ، إذ قال تعالى:”وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا (43).