إ ن من أجمل اللحظات التي لا يُمكن نسيانها طوال الحياة لحظات الضحك التي يُجلى بها الهم والحزن من قلب الإنسان، فيا حبذا لو كانت هذه اللحظات برفقة الأطفال ذوي الابتسامة البريئة.
قصة البائع وصديقه المحاسب
كان هناك بائع أمين، ومحاسب صدوق كانا يعملان لدى رجل “المدير” يتسم بالغلظة في المعاملة وحب التسلط؛ كانا الرجلين يتمنيان فراق الرجل والبعد عنه، يدعوان الله في كل وقت وحين، وفي كل صلاة مكتوبة يقيمانها؛ وذات يوم قرر المدير الذهاب معهما لتناول وجبة الغداء بمطعم ما بالقرب من محل العمل، وبينما هم في طريقهم إذ جذب انتباههم رجل مجهول يبيع أشياء قديمة، فذهبوا إليه ثلاثتهم، وابتاعوا منه مصباحا ذا شكل جميل وعتيق، ولكن التراب يملؤه من كل الجهات لدرجة أنه يُخفي مظهره الساحر؛ فقام البائع بمسح التراب عنه بإحدى يديه وإذا بجان عملاق يخرج من المصباح سائلا كل منهم عن أمنية حياته ليحققها له؛ فأجابه البائع أولا، وقال إني أرغب بمكان نائي تُحيط به الأنهار من الأربع جهات، به من الزرع والأشجار ما لذ وطاب، ويتمتع بمناظر طبيعية خلابة ساحرة للأنظار، فاستجاب الجني لطلبه وحققه بلمح البصر فاختفى البائع عن الأنظار؛ وأجاب المحاسب ثانيا ليرد على الجني ويخبره بأمنيته، فتمنى المحاسب أن يسكن بجزيرة بوسط البحار يملؤها نسيم الهواء، تكسوها الرمال الذهبية، مكان في غاية الجمال حيث يجد به الطمأنينة والسكينة وراحة البال، فحقق الجني للمحاسب أمنية حياته؛ فجاء الدور على المدير، فطلب المدير من الجني أن يجلب البائع والمحاسب بعد انتهاء فترة تناول الغداء إلى محل العمل، فيا له من غبي متسلط؟!
قصة الحمار “حمرون” الكسول:
بيوم من الأيام كان هناك بإحدى القرى حمار كسلان كلما أيقظه صاحبه “عم عرفان” ليذهب إلى السوق مع أخيه الحمار، يخبره بأن للنوم لذة ما بعدها لذة، وأنه لا يحب أن يفعل إلا الأكل والشرب والنوم، كان يقنعه العم “عرفان” بالذهاب كل يوم إلى السوق بمعجزة، إذ كان يضع العم “عرفان” على ظهر الحمار”حمرون” حقبة بها ملح ليبيعها بالسوق ليجني المال ويُصرف به أموره، وذات يوم وبينما “حمرون” وأخيه الحمار كانا يمضيان في طريقهما إذ وقع “حمرون” ببركة ماء مما أغضبه كثيرا، وأخذ يتذمر من حظه السئ وأنه لا يقوى على العمل الشاق (من وجهة نظره) ليزيد همه هما فيقع ببركة الماء، فطلب منه أخيه الإسراع حتى لا يتأخرا على صاحبهما الذي ينتظرهما بالسوق ليبيع بضاعته، فرفض “حمرون” طلب أخيه، وأخبره بأنه سيمكث قليلا ببركة الماء إذ أنه متعب وفي حاجة ماسة لقسط من الراحة، فتركه أخيه الحمار ماضيا بطريقه، وبعدما انتهى “حمرون” وأثناء خروجه من البركة فوجئ بأن الحمل الثقيل الذي قسم ظهره أصبح خفيفا، ففكر قليلا، وقال:”إن الملح الذي بالحقبة أذابته ماء البركة فأصبح الحمل خفيفا لذلك سأعمد إلى هذه الحيلة كل يوم لكي أستريح من عناء العمل”، فأصبح العم “عرفان: في حيرة من أمره إذ يجلب “حمرون” كل يوم الوزن ناقصا جدا، فقرر العم أن يراقب “حمرون” ليعرف السبب، فوجده عمد إلى بركة المياه أثناء طريقه للسوق، فقرر العم أن يعطيه درسا حتى لا يتكاسل ثانية عن أداء عمله؛ ففي اليوم التالي وضع العم الإسفنج على ظهر الحمار الكسلان، وبالرغم من وزنه الضئيل إلا أنه أيضا عمد إلى بركة الماء ولكن الإسفنج تشرب بالمياه ليصبح وزنه أضعافا مضعفة لدرجة أنه لم يستطع تحمل ثقله، فتعلم الدرس وأتقنه، واعترف بكل شئ لعمه وعن مدى أسفه حيال أعماله.
نسيته