قصص وعبر

قصص وعبر بدروس قيمة لن تندم على اغتنامها

أيها السادة… إن من أروع القصص التي من الممكن قراءتها بيوم من الأيام هي قصص وعبر، فعلى الرغم من صغر قصص وعبر إلا إن كل قصة منها تحمل معاني سامية، تحمل أنباء أقوام سبقونا ولكن استطاعوا أن يحملوا إلينا عبرا ولا أقيم وأروع منها.

بكل قصة من قصص وعبر تجد متعة لا متناهية تجد وصفا لأحداث وتجد أهم من كل ذلك الفائدة الجمة التي لو عملت بما جاء بها لفلحت وفزت فوزا عظيما.

القصـــــة الأولى:

من أجمل قصص وعبر على الإطلاق…

جاءنا في الذكر أنه بيوم من الأيام دخل رجل منزله فإذا به يجد زوجته تبكي بحرقة شديدة، ففزع من هول منظرها وشدة بكائها والحالة النفسية التي كانت بها، فأخذ ينظر يمينا ويسارا بمنزله ليجد سببا لبكائها ولكنه لم يرى أي شيء غريب!

فسألها مرارا وتكرارا عن سبب بكائها، وأخيرا استطاعت أن تتمالك نفسها وتجيب على سؤله بعدما كاد قلبه ينفطر من فرط قلقه وحزنه عليها، فقالت وهي تكفكف دموعها: “إن العصافير التي فوق الشجرة التي تطل بغرفة نومنا تطل علي حينما أكون دون حجاب وأخشى أن يكون هذا ذنب يحاسبني عليه الله”!

اندهش الزوج من شدة تعفف زوجته ومدى تقواها وسر قلبه سرورا ما أعظمه من سرور بقدره ونصيبه الذي ساق إليه هذه الزوجة الورعة، فلقد وصلت زوجته لمدى تقوى لم يسبقها ممن حولهما أحد؛ وإذا به في توها يذهب إلى السوق ويبتاع فأسا ليقطع به الشجرة، فبات سببا في تشريد هذه العصافير نزولا عند رغبة زوجته العفيفة.

كانت عادة الزوج أن يذهب كل يوم لعمله بعد صلاته للفجر وحتى الظهر، وبيوم من الأيام عاد من عمله على غير عادته باكرا فلم يرد أن يزعج زوجته فاعتلى جدار المنزل بهدوء شديد ودخل بحذر حتى وصل للغرفة بهدوء، وإذا به يجد زوجته التي تستحي من العصافير في أحضان عشيقها!

صدم الزوج من هول ما رآه، تمالك نفسه حيث أنه أيقن أنه ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، جمع الزوج ملابسه وخرج من منزله هائما على وجهه بغير هدى، ولازال هائم بالبراري حتى اهتدى إلى إحدى البلاد، وما إن وصل الرجل حتى وجد المدينة تضطرب بضجيج من كل أهلها، وإذا بهم جميعا يتزاحمون حول قصر الحاكم بمنتصف النهار، وما كان به إلا أن سأل أحد المارة عن سبب كل ما يراه أمامه، فأجابه أن خزينة المدينة تعرضت للسرقة الليلة الماضية ولم يعرف السارق بعد!

وفجأة مر بجانب الرجل شيخ يسير على أطراف أصابعه بشكل مثير وملفت للغاية، فسأل الرجل عنه وعن سبب مشيته الغريبة هذه، فأجابوه بأنه شيخ المدينة وأنه يخشى أن يدهس نملة تحت قدميه فيحاسب عليها أمام الله؛ وما كان من الرجل إلا أن ذهب بنفسه للحاكم لمقابلته، وبالفعل حصل له ما أراده.

وما إن بات الرجل بين يدي حاكم المدينة أخبره قائلا: “يا سيدي إن السارق الذي تبحث عنه هو شيخ المدينة، وإن لم يكن ذلك فلك أن تقطع رأسي”!

أمر الحاكم بإحضاره وبعد تحقيقات معه اعترف بأنه السارق، فاندهش الحاكم نفسه فطلب الرجل الغريب وسأله: “إنك غريب عن مدينتنا ولا تعلم أحدا ولا يعلمك أحد ومع كل ذلك إلا إنك علمت السارق الحقيقي، فكيف ذلك؟!”

فقال له الرجل: “سيدي الحاكم لقد علمتني زوجتي أن المبالغة الشديدة في إظهار التقوى والفضيلة ما هي إلا غطاء لإخفاء جرم أعظم خلفها”.

اقرأ أيضا: قصص وعبر من أجمل ما ستقرأ يوما

العبرة من القصـــــــــــــة:

حينما تجد شخصا يبالغ في إظهار ورعه وتقواه بشكل مبالغ فيه ومقصود فتذكر حينها قصة صاحبة العصافير، إن العالم الحقيقي يخفي تقواه ويجعلها سرا بينه وبين خالقه، فهناك قصة جديرة بالذكر بموقفنا هذا وهي قصة “المطرف بن عبد الله” رحمه الله من السلف الصالح، كان إذا حدث بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه البكاء وهو بحلقته، فماذا كان يفعل؟!

كان يشد العمامة على عينيه وهو يقول: “ما أشد الزكام.. ما أشد الزكام”.

اقرأ أيضا: قصص وعبر واقعية من الحياة اليومية

القصـــــــــــــة الثانيــــــــــــة:

من قصص وعبر ذات فائدة كبيرة للغاية…

يقول أحدهم أنه كان لديه صديق مقرب للغاية، كان يعاني من مرض الشك بالخادمات، وذات مرة كانت تعمل لديه خادمة فكلما لم يجد شيئا من أغراضه الشخصية اتهم خادمته بالسرقة وسرعان ما يجد ما كان ضائعا منه!

كان هذا الصديق لديه عادة جمع جنيهات الذهب، وقد جمع عددا منها وكان ثمانية عشر جنيها، كان يرغب في إتمامهم عشرين، وضعهم بخزانة ملابسه، وفي يوم أراد أن يضع الجنيهين المتبقين ولكنه لم يجد الثمانية عشر، وبالطبع صرخ على الخادمة واتهمها بأنها سرقتهم.

كان أحد أقربائه عقيدا، فأتى به وأخذوا الخادمة للقسم وهناك أذاقوها المر بعينه ولم تعترف بشيء لأنها لم تأخذ شيئا من الأساس؛ كانت هذه الخادمة زوجة بواب العمارة وبالطبع أخذ نصيبه من المهانة معها، وفي النهاية تم طردهما من العمارة بفضيحة صاخبة.

وبعد عشرة سنوات في يوم ذهب هذا الصديق لمنزل والدته، وتحديدا بمكتبه القديم يبحث عن أوراق هامة، وهناك وجد الثمانية عشر جنيها، لقد كان بنفسه من وضعهم بهذا المكان ولكنه نسي، صدم صدمة عمره لأنه شعر بالذنب تجاه هذه المرأة البريئة التي ظلمها وبطش بها.

ذهب للمرأة حيث محل إقامتها ليرضيها ويعطيها الجنيهات جميعها التي وجدها ويطلب أن تعفو عنه، كانت بمحافظة الفيوم، أخذ يبحث عن منزلها حتى وجده، وما إن وصل تفاجأ بمدى جمال منزلها، لقد كان منزلا متسعا جميلا للغاية أمامه حديقة عامرة بالأشجار والورود، عبر عن اعتذاره وأراد أن يعطيها الجنيهات جميعها واعتذر لزوجها، فقالت له: “إنني لا أريد شيئا، ولن آخذ إلا الفاكهة التي أحضرتها معك”.

سردت له عن رؤيا أتاها فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرها بأنه سيأتيها معتذرا وأن عليها أن تقبله وألا تقبل منه عوضا!

أخبرته بأنها حينما طردها وزوجها من العمل جاء لزوجها عقد عمل بدول الخليج، وعمل طيلة خمسة سنوات باجتهاد، وعاد لمصر وأنشأ مزرعة للدواجن وبنى المنزل الذي يراه، والمزرعة صارت اثنين وثم ثلاثة وأربعة حتى باتوا عشرة مزارع بفضل الله تعالى.

اقرأ أيضا: قصص وعبر بعنوان ومن عرف الله لم يبق له رغبة فيما سواه

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى