قصص وعبر

قصص وعبر بعنوان تضحيات باءت بتدمير حياة أطيب قلب على الإطلاق

إن التضحية هي عمل من نكران الذات، فعندما نضحي بشيء لصالح الآخرين، فإننا نضع احتياجاتهم أمامنا؛ وهذا يتطلب قدرا كبيرا من نكران الذات والاستعداد للتخلي عن كل شيء بالحياة لأجل من نضحي لأجله.

هناك أشخاص يحسنون لمن ضحى لأجلهم ويحملون هما كبيرا في رد ولو جزء بسيط من الدين الذي طوقوا به، وهناك آخرون بخلافهم تماما فلا يعبئون لأي شيء بل ويريدون المزيد أيضا.

القصـــــــــــــــــــــة:

قصة امرأة اكتسبت قوة لا مثيل لها، إذ أنها تحملت مسؤولية تربية إخوتها الخمسة بعد وفاة والديها وقد كانت حينها في العشرين من عمرها؛ كانت مخطوبة لابن الجيران الذي انتظرها عشرة سنوات حتى تمكنت من تربية وتعليم إخوتها. كانت تعمل في مصنع للملابس لتنفق على إخوتها وتجهزهم للزواج، وعندما تزوجت في سن الثلاثين من عمرها لم تتوقف تضحياتها بل استمرت في تحمل مسؤولية إخوتها حتى بعد الزواج.

اعتادت على أن تكون حياتها مليئة بالتحديات على الدوام، فقد كان والدها يعمل في قطعة أرض صغيرة تملكها العائلة، وبعد وفاته لم يعد هناك من يزرع تلك الأرض، فاضطرت لتأجيرها لتوفير بعض من احتياجات الأسرة؛ كانت المدارس التي يرتادها إخوتها بعيدة للغاية مما جعلها تعاني من تكاليف إضافية للنقل والأكل والدروس والملابس.

بعد زواجها ظلت مسؤولة عن إخوتها واستمرت في العمل لمساعدتهم، واجهت تحديات جديدة في زواجها، والتي كان من بينها اكتشاف أنها وزوجها لا يمكنهما الإنجاب، تحملت الكثير من الألم النفسي بسبب تعليقات أقارب زوجها الذين اعتقدوا أن العيب منها، وكانوا لا يفوتون مناسبة إلا وعكروا عليها صفو حياتها بكلام جارح مهين، أما عن زوجها فلم يكن يدافع عنها ولو بكلمة واحدة مما جعلها تجري العديد من الفحوصات والتحاليل لتكتشف أنها سليمة لا عيب بها!

وبالرغم من كل الصعوبات التي كانت تلاقيها إلا إنها لم تتخلى عن دعم إخوتها وتوفير كافة احتياجاتهم، كانت تستخدم راتبها في الإنفاق على البيت وتجهيز أخواتها للزواج، وبعد سنوات من دعمها الذي فاق الحدود اضطررت خلالها للاقتراض، والذي لم تخبر أحدًا عنه.

عندما ولدت أختها شعرت وقتها بألم الأمومة المفقودة وعرفت أنها لن تنجب أبدًا!، وبالرغم من ذلك إلا إنها حاولت إقناع زوجها بالذهاب للطبيب، لكنه اتهمها بأنها تحسد أختها. ورغم كل معاناتها إلا إنها استمرت في دعم إخوتها وزوجها بصبر وتضحية، وبعد كثير من السنوات، أخذتها صديقة لها وذهبت إلى الطبيبة التي أكدت أنها سليمة وطالبت زوجها بإجراء التحاليل، لكنه رفض مجددًا، فأخذت أخته إلى طبيب مشهور أكد أن العيب من زوجها، ومع ذلك اختارت شقيقته الصمت لتجنب جرح مشاعره.

مع مرور السنوات، لم يساهم زوجها في مصاريف البيت واكتفى بمصروف ضئيل للغاية، استمرت في تحمل المسؤولية وحدها، وعندما تزوج أخوها الصغير، قررت أخذ قرض لتغطية تكاليف الزواج والمصاريف الأخرى، وبالتالي زادت عليها أعباء الديون بشكل كبير.

إخوتها على الرغم من كل التضحيات التي قدمتها لأجلهم جميعا، ولا زالت في تقديم الكثير والكثير، فقد كانت المعيل الوحيد في توفير كافة احتياجاتهم وتعليمهم وجعلهم بوظائف مرموقة بالمجتمع، ولم تكتفي بالتعليم وحسب بل إنها أكملت زواجهم بمن أرادوا وسعت في جعل حياتهم مكتملة لا ينقصها شيء إلا إنها وبعد كل هذا قوبلت منهم بالجحود والنكران!

كانوا جميعا على علم بما تعانيه بسبب زوجها الأناني، ومدى رغبتها واشتياقها لتكون أما، إلا إنهم آثروا بقائها هكذا لتعطي كل منهم ما يريد، فأختها كانت لا تفوت فرصة إلا وجعلت صغارها بحوزتها وبأمن عندها، وعلى الرغم من ذلك إلا إنها كانت جافية في معاملة شقيقتها كانت تعطي أبنائها وتمنعهم عنها باشتياقها وكأنها تعذب تلك المسكينة.

أما عن زوجها فقد كان شخصية صعبة غير متفاهمة، ولا يشاركها في أي شيء، على الرغم منه أنه ترك لها حرية العمل ودعم إخوتها، إلا أن ذلك كان يصب في مصلحته أيضا فكان لا يساهم بشكل كافٍ في مصاريف البيت، كما أنها حينما طلبت منه الذهاب لإجراء التحاليل للتأكد من سبب عدم الإنجاب، رفض وطلب منها أن تأخذ أخته بدلاً منه!، حتى وبعد تأكيد الأطباء أن العيب منه، لم يعرها أي اهتمام وكأن شيئا لم يحدث من الأساس.

وبيوم من الأيام قرر زوجها وأخوه بيع البيت الذي يسكنان فيه وطلبا منها المشاركة في بناء منزل جديد على قطعة أرض ملك لزوجها، وافقت المسكينة على ذلك بشرط أن يكون لها حق الانتفاع بالشقة التي ستبنى هناك، لتضمن مكانًا تعيش فيه ولا تجد نفسها في الشارع فيما بعد ولاسيما أنها لم تنحب منه، وبعد أن وافقت على الشروط وبناء الشقة، طلب منها زوجها تشطيب الشقة بالكامل على حسابها، فقامت بذلك رغم الديون الكبيرة التي كانت عليها، وبعد أن انتهت من بناء الشقة وتشطيبها، اكتشفت أن زوجها وأخاه يخططان لطردها ووضعها في الشارع، ليتزوج زوجها بأخرى!

وفي نهاية المطاف وجدت نفسها بلا مأوى، بعد كل التضحيات التي قدمتها لكل من حولها إلا إنها فقدت كل شيء، فقررت الطلاق والابتعاد عن زوجها، وذهبت للعيش مع أخيها الذي لم يكن مرحبًا بها من الأساس، شعرت بالوحدة والضياع، وكانت تتمنى فقط مكانًا تشعر فيه بالأمان والراحة بعد كل سنوات العناء وبعد كل التنازلات لأفراد عائلتها.

اقرأ أيضا مزيدا من قصص وعبر من خلال:

قصص وعبر بعنوان ومن عرف الله لم يبق له رغبة فيما سواه

ولا يمكننا ألا نزكي هذه القصص الغاية في الروعة : قصص وعبر واقعية من الحياة اليومية

وأيضا/ قصص وعبر من أجمل ما ستقرأ يوما

ريم إبراهيم

أعمل ككتابة محتوي مختص في القصص في موقع قصص واقعية منذ 5 اعوام وشاركت بأكثر من 1500 قصة علي مدار سنين عملي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى