قصص وعبر تعم بالحكمة والموعظة من أجمل ما ستقرأ يوما
نجد أننا عندما نقرأ القصص الواقعية التي تعرض حياة بعض الناس والمجتمعات أو نسمعها مروية من غيرنا سواء كانت طفولية تناسب الصغار أو كانت قصصا معقدة يلتقط حكمتها الكبار منا، يتجلى لنا بسلاسة أن الأسباب والنتائج متصلة، وأن طريقة حياة الإنسان واختياراته هي التي تحدد كثيرًا ما يتعرض له طوال حياته!
نرى الذي أفلس بعد غناه الفاحش أنه لم يتقِ الله وربما تعدَّى على الحقوق وحرمها أصحابها الحقيقين، نرى عاقَّ والديه يصاب بالأمراض وعقوق من أبنائه يكوي قلبه، نرى أثر المال الحرام في ضياع الدين وحرمان توفيق الله، ونتأكد من الوقائع العملية التي أمام أعيننا طوال الوقت كيف يكون الكسل والخمول واللهو سببًا في خسارة العمر والأوقات والطموحات وضياع النجاحات، نرى العثرات الصغيرة وكيف تسبب للإنسان مطبات تصيبه بالضيق والقلق والألم على المدى البعيد.
وأما في الحياة الواقعية، إننا نشاهد من حولنا أناس نعرفهم من أهل وأصدقاء ونربط ما يحدث لهم بما عرفناه عنهم قديمًا، وأحيانًا كثيرة نربط ما يحدث معهم في الوقت الحالي لما فعلوه قديما ونجزم أن هذا بسبب ذاك، وأن مرض أحدهم تكفيرا لذنبه، وأن سوء خلق زوجها لأنها كانت تؤذي أباها. فماذا عن أنفسنا نحن؟!
القصـــــــــــــــــــــــــــــــــــة:
في إحدى الأزمنة كان يعيش رجلا أعرابيا مع أبنائه، كان قد عرف بالحكمة والموعظة على مدار حياته، وكان لهم من الإبل والأغنام ما لهم، وكانوا يمتلكون كلبا مميزا لرعاية ما يملكون.
وبيوم من الأيام أتاهم أحد السفهاء وقاصدا قام بقتل كلب الحراسة ولاذ بالفرار قبل أن يدرون بأمره، وما إن تداركوا ذهبوا إلى والدهم وأخبروه بأن فلانا قد قتل كلب حراستهم، فقال لهم أبوهم: “اقتلوا من قتل الكلب”!
فاجتمع أبنائه جميعا ليتشاوروا في أمر أبيهم، وتوصلوا في النهاية إلى أنهم لا يمكنهم قتل رجل في كلب، وأن أباهم من الممكن أنه يهذي بسبب كبر سنه، فأهملوا رأي أبيهم ولم يقتلوا الرجل لاستعظام الأمر نفسه.
وبعد ثلاثة شهور من حادثة مقتل الكلب، في إحدى الليالي تسللت مجموعة من اللصوص وساقوا إبل وأغنام الأعرابي وأبنائه جميعها، أصابهم الحزن وفزعوا إلى أبيهم يشكون إليه ما حدث من السرقة، وكان رد أبيهم عليهم نفس النصيحة الأولى: “اقتلوا من قتل الكلب”.
أيقنوا الأبناء أن أباهم قد بلغ من العمر ما أفقده حكمته التي كان يتغنى به القاصي والداني، فها هم يبلغونه بأمر سرقة جميع ما يملكونه من إبل وأغنام ويذكرهم بقتل قاتل الكلب!
وبعد مدة من الزمن ليست بالطويلة هجمت إحدى القبائل على قبيلتهم، وكانت من إحدى الكوارث التي مرت عليهم أن رجال من القبيلة المتعدية هجموا عليهم وقاموا بسبي إحدى بنات الأعرابي، كانت ضربة قاصمة لظهورهم جميعا، هرعوا لأبيهم قائلين: “يا أبانا لقد سبيت أختنا واستبيحت قبيلتنا من قبل قبيلة أخرى هاجمونا رجالها”.
فقال لهم أبوهم: “اقتلوا من قتل الكلب”!، استنكروا عليه أمره، لقد كان شيخا كبيرا بلغ العمر به مبلغا، فجلسوا يفكرون في نصيحة أبيهم المتكررة في كل ضر يمرون به، كان الإخوة منهم من يقول أبونا قد أصابه الخرف، وبعضهم من يقول بأنه قد أصابه سحر؛ ولكن الأخ الأكبر أصر أن يفعل ما أمره به والده، فنهض إلى سيفه واستله وذهب إلى قاتل الكلب فأجهز عليه وقتله، وقبيل أن يقتله قال على الملأ: “لقد قتلت كلبنا فأمرني أبي بأن أقتلك”!
كان قد فصل رأسه عن جسده، وانتشر الخبر كانتشار النار في الهشيم، لقد ذيع الخبر بأنهم قد قتلوا رجلا بقتله كلبا!
انتشرت الأخبار وطافت الآفاق حتى وصلت للصوص، والذين أصابهم من الهلع ما جعل النوم يفر من جفونهم، فاجتمعوا وقالوا: “إذا كانوا قتلوا قاتل كلبهم فماذا هم بفاعلين بنا؟! نحن من سرقنا إبلهم وأغنامهم، وما صبروا علينا كل هذه المدة إلا من هول ما سيفعلون بنا”!
وبنفس الليلة من الاجتماع صبروا حتى عم الظلام الأرض وقطعت الأصوات فتسللوا إلى ديارهم وأعادوا إليهم الإبل والأغنام؛ وأما القبيلة التي سبوا ابنتهم وصل إليهم خبر قتلهم لقاتل كلبهم، فذب الرعب في قلوبهم وأرادوا مخرجا من فعلتهم التي فعلوها بهم، فأعادوا البنت إليهم بعد أن زوجوها لشيخ قبيلتهم بنفسه، أعادوها إليها وقد حملوها بأحمال لا قبل لأحد بعدها، كانت زيارة لها لبيت أهلها وإن أراد أهلها أن يرجعوها لزوجها فعلوا وإن لم يريدوا أمسكوها ولهم الأمر في النهاية!
أيقن الأبناء أن أباهم لم يصبه الخرف مثلما كانوا يظنون فيه، وأن أباهم تفوح الحكمة من أنفاسه فبمجرد فعل أشار عليهم به أعاد إليهم كرامتهم والتي كانت قد سلبت بسبب إهمالهم لنصحه.
العبــــــــــــــــــــرة والموعظــــــــــــة من القصـــــــــــــــة:
عندما تغض الطرف عن بعض حقوقك وتتغافل عنها سيتجرأ عليك الآخرون، ستجدهم أنهم تجرؤا على سرقة في وضح النهار، جرأتهم لن تكون شجاعة منهم وإنما سكوتك وصمتك وتغافلك من منحهم الجرأة للتطاول عليك دون حياء منهم ولا خوف منك!
إياك والتهاون في حقوقك مهما كلفك الأمر، فما تتهاون فيه اليوم لعظمه سيجعلك تدفع أثمانا باهظة غدا ضريبة لتهاونك وتغافلك، ربما كانت ضريبة لن تقوى عليها أبد ما حييت.
اقرأ أيضا مزيدا من قصص وعبر مليئة بالحكمة والموعظة من خلال:
قصص وعبر بعنوان تضحيات باءت بتدمير حياة أطيب قلب على الإطلاق
وأيضا/ قصص وعبر بعنوان ومن عرف الله لم يبق له رغبة فيما سواه
يمكنك أيضا مشاركتنا قصصا عصرتها لتكون عبرة وموعظة لنا جميعا وننشرها على أوسع نطاق وتعم الفائدة علينا جميعا.