جميعنا نعرف مقدار الحب الصادق والقوة التي يتمتع بها، وأسمى مشاعر الحب الصادق هي التضحية من أجل من نحب دون أن ننتظر المقابل حتى وإن كانت التضحية بالروح فداءا له.
الحب تضحية
جمعت قصة حب من الخيال بين قلبي فتاة جميلة وشاب وسيم في مقتبل عمرهما، كانا يعملان في أحد استوديوهات التصوير، كانت تربطهما علاقة حب وطيدة لم يرى لها مثيل، كل من كان معهما يحسدهما على محبة كل منهما للآخر وشدة اهتمامه به؛ كان يخاف عليها من كل شيء حتى من نسمة الهواء الطائر، كان الشاب متقدم لخطبتها بالفعل ولكنهما كانا في انتظار انتهاء التجهيزات النهائية لعش الزوجية لذلك كان يعمل الشاب بكل ما أوتي من قوة حتى يتمكن من تجهيز كل ما يليق بحبية قلبه ومالكته التي يراها ملكة متوجة على جميع نساء العالمين؛ وبالرغم من كل قصة الحب العنيفة بينهما وقرب موعد زفافهما غير أنه دائما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
اقرأ أيضا: قصص وعبر قصيرة مؤثرة قصص كلها عظة
صدمة العمل المريرة:
وبيوم من الأيام عمد الشاب إلى ترتيب كل قارورات الأحماض اللازمة في تحميض الصور الفوتوغرافية (عملهما) حتى يخفف العمل على حبيبته، ومن بينهم وضعت قارورة مليئة على آخرها بأشد أنواع تلك الأحماض والتي لزمت الفتاة كثيرا في عملها، فحاولت الإمساك بها من على الرف العالي الموضوعة به غير أن تلك القارورة وقعت عليها وخاصة انسكب كل الحمض التي تحويه على وجهها، كل الأضرار التي لحقت بها استطاع فريق متخصص من الأطباء تجاوزها إلا مشكلة واحدة لم يكن لها أي حل، لقد فقدت الفتاة بصرها وللأبد نظرا لكمية الحمض الغير هينة التي انسكبت وبشكل مباشر على عينيها.
حزن ودموع أسى:
كل من كان معها بالعمل بكاها أحر البكاء، بكى الفتاة الجميلة ذات الشخصية المرحة الطيبة التي لم يسبق لها مطلقا أن ضايقت أحدا منهم ولو حتى بكلمة واحدة، الفتاة التي لا توجد إلا بضعة أيام على يوم زفافها الذي لطالما انتظرته بلهفة من شدة حبها لمن ملك عليها قلبها، بكاها أهلها فهي ابنتهم الوحيدة الرقيقة، ولكن للقدر أحكامه التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.
اقرأ أيضا: قصص وعبر في التقوى “اجعل الله أمام عينيك في كل أقوالك وأفعالك”
تضحية من أجل حبيبته:
وقبل خروج الفتاة من المستشفى التي نقلت إليها بيوم الحادث المرير، أخبر أهلها أحد الأطباء بأنهم قد وجدوا متبرعا وأنها ستجري عملية وبعدها سيعود كل شيء كسابق عهده؛ وبالفعل أٌجري للفتاة عملية في غاية الخطورة وما هي إلا أيام معدودات بعد إجراء تلك العملية حتى عاد للفتاة نور بصرها من جديد؛ وكانت في غاية السعادة غير أنها لم ترَ حبيبها بجانبها على خلاف عادته مما أثار دهشتها وتعجب شديد أرق عليها كل حياتها، دائما ما تحاول الاتصال به ولكنه قد انقطع عن عمله ولم يعد يسكن بمنزله ولا يذهب إلى عش زوجيتهما كعادته، ولا يجيب على أي من اتصالاتها ورسائلها التي تتركها له.
إلزامية استمرار الحياة:
وبيوم من الأيام تقدم أحد لخطبة الفتاة من أهلها، كان شخصا متميزا للغاية في عمله حيث لديه شركة خاصة يديرها وذو أخلاق عالية، لذلك وافق عليه كل الأهل إلا الفتاة التي ما زالت تبحث عن حبيبها الذي اختفى من كل حياتها فجأة دون سابق إنذار.
وبيوم من الأيام لم يكن للفتاة من أمرها شيء، فاستجابت لمطلب أسرتها بالموافقة على العريس المتقدم لها فقد طال انتظارها لحبيبها الذي لم تعرف عنه أي شيء لمدة طويلة؛ كانت تشعر بداخل نفسها بالكسرة الشديدة وبالرغم من كل محاولات والدتها التي كانت تكرهها فيه وفي شخصه بأنه تركها حالما علم بعجزها وأنها لن ترى نور الشمس من جديد إلا أنها كانت تمتلك شيئا بداخلها يأبى أن يصدق أي سوء في حبيبها.
إجراءات الزفاف:
تحدد موعد زفافها، وبيوم كانت ذاهبة لتشتري بعض الأغراض التي تلزمها فلمحت حبيبها من بعيد، ركضت بكل قوتها ودموعها تنهمر من عينيها تسبقها إلى أن وقفت أمامه ولكنه لم ينتبه لها من الأساس، تعجبت من موقفه، وفجأة رأت بيده عصا تساعده على المشي؛ حينها عادت إليها كل الذكريات حيث أن حبيبها اختفى عن حياتها باليوم الذي سمعت فيه بأمر المتبرع الذي أبى أن يأخذ مقابلا ماديا لقاء عينيه، ربطت كل الأحداث ببعضها وأيقنت أن حبيبها هو المتبرع وقد وهبها نور عينيه دون أن ينتظر منها مقابل، بل خرج من كل حياتها حتى تفوز بمن هو أفضل منه.
ولكنها توقن بقرارة نفسها أن لا أحدا بكل العالم أفضل منه، من ضحى بأغلى ما لديه من أجلها لذلك ثارت على أهلها، وذهبت إليه حيث المكان البعيد الذي يعيش به وركعت عند قدميه وتمنت أن تعيش خادمة له.
اقرأ أيضا: 4 قصص وعبر عن الصداقة والوفاء
موقف الأهل:
حينما علمت الأم بما فعله الشاب من أجل ابنتها ذهبت عنده وتوسلت إليه أن يغفر لها ويسامحها، وأنه لو كان لديها ابن لم يكن ليفعل ما فعله، وأخيرا تزوجا وعاشا في سعادة.